part: 16

10 0 0
                                    

شردت وهي تنظر من نافذة السيارة، هي تشعر بأن لاشيء على ما يرام، لا قلبها ولا قلبه
وهي متأكدة بأنها لن تفرح بشيء
هي من صغر سِنها وهي تتخبط بين أنانية من حولها
من يشعر بموجات غضب سيموجهن عليها
حتى وإن لم يكن لها شأن في ذلك،
ومن عليه أحمل ثقيلة سيحملها كل تلك الأحمال
ومن يشعر بأنه ممنون لشخص
ستكون هي الهدية،
كفاها أحزان وآلام
لأنها كانت طيبة القلب وسهلة التعامل
أصبح الجميع يستغل طيبتها وحنيتها المُفرطة،
نحن في زمن لايجب أن تكون فيه شخص طيب
حين يتوقف الموضوع على حقوقك،
بل يجب أن تخبرهم بأنك لن تتنازل عن أي حق لك
مهما كان الوضع،
تنبهت على صوت السائق وهو يخبرها بأنهم أمام السجن المركزي،
تمسكت جيدًا بإبنتها فلا زالت على قيد الرعب من الفقدان، أعطته نقوده وخطت خطاها أمام مركز الشرطة
تنفست الصعداء وبدأت تشرح لإبنتها وأن والدها بين أحضان هذه الجدران، تلك الفرحة التي أرتسمت على ملاح إيلام أوجعتها بشكل لا معقول
لن تستخسر هذه الفرحة على ابنتها،
هي لن تكون كغيرها
ستمنح ابنتها كل شيء هي حُرمت منه
هاهي الآن تقف أمامه يفصل بينهم قضبان
فتح ذلك الشرطي الذي يحرسهم القفل لتدخل إيلام وتقف حائرة عن أي شكل يكون سلامها على والدها
بينما هو لم يمنحها الوقت الكثير لتفكر …

بل تارة ينظر إلى سُهاد
وتارة أخرى إلى إيلام
مذهول تمامًا، لم تعطه تلك المقدمات
وهو الآن يتقدم بكل إندفاعه نحوها
ويضمها بشدة ليجعلها تتسود أحضانه،
هي دقائق معدودة حتى سحبت جسدها من بين
يديه لتهتف بإستنتاج
ــ أبي…هل أنت مجرم أو سيء
تلاقت مقلتيهم بذهول من سؤالها المباغت
أتى ذلك الصوت من خلفهم مُجيب على مالم يستطع كُلاً من محمد وسُهاد الإجابة
ــ ليس كل من يسكن السجن مجرم، فهنا يسكن الشرطة أيضًا…قد يكون قسمة الشخص من هذه الدنيا
لم تلتفت سُهاد فهي تعلم أن صاحب الصوت أدهم
تجعدت ملامح محمد بتقزز
ــ لِمَ أنت هنا …أب وابنته وزوجته …ما شأنك لتأتي
ــ هل زوجته التي سيطلقها؟
ألتفتت سُهاد بذهول هذه المرة ما الذي جعله يهتف بالطلاق، هي متأكدة من مشاعره ناحيتها
ولكنها على ذمة رجل غيره،
تعلقت مقلتيها في مقلتيه وهي ترى فيها مالا رأته في مقلتي محمد، شيئًا كانت تحلم به منذ وقت طويل
وهي الآن تعاهد نفسها أن تسعى وتجاهد حتى ترى هذه النظرة دومًا،
أما محمد قد اشتعلت فيه حمية الغيرة وهو يرى أين عيون زوجته واقعة، ومع من تلتقي
ــ انزلي عينيك!
لم تنزلها أبدًا بل دارت بها نحوه وبتلك القوة لأول مرة
ـ لستُ أنا من تنزل أنظارها للأرض

ظهرت إبتسامة مُتلاعبة على ملامح أدهم، وقد وصلت إليه مشاعرها ليدير ظهره ويهتف مُتباهي
ـ لنذهب دعينا لانزعج والدكِ يا إيلام
لوحت بكفها لوالدها وسارعت بخطواتها لتقترب كثيرًا من أدهم وتخلل أناملها بين أنامله متمسكة فيه بقوة
ذهبوا وتركوا خلفهم شعلة نار تحرق ذاتها،
وقد توعدهم ولن يكون إنسان سهلاً أبدًا
خطئهم استهانوا فيه،
ولكنه هرب وهو يعلم أنه ملاحق
لذلك قد حاول تأمين نفسه ماديًا وأمنيًا
كان مُجبر على أن يشارك المافيا أعمالهم
والآن أتى الوقت الذي يكون هو المخطط والمنفذ
ركل القضبان بغضب ويكاد يحرق الزنزانة بنار غيرته
طلب من الشرطي مكالمة هاتفية
ليتصل بنهاد ويأمرها بالآتيان إلى المدينة
سينشغل أدهم بنهاد وهو سيستعيد سُهاد الأولى
جميلٌ جدًا أن يتمتعا معًا وتتناسى أنها امرأة متزوجة،
ـ ابني تذكر اللحين إنها زوجته يحلوهه ـ
تذكر تلك العشرة الأيام الذي تركها فيها
كانت أنثى رقيقة ملامحها هادئة جدًا
خجولة دائمًا مبتسمة
رقيقة كغصن عود، مُتسامحة
سهلة التعامل بشكل لامعقول
ليس بالصعب عليه التعامل معها الآن،
ولكن نظراتها أصبحت مختلفة تمامًا
لم تعد تلك الخجولة، بل أصبحت امرأة جامحة
أصبحت إبتسامتها لاتظهر، وأصبحت فتاة سيئة المزاج
ولكنه هذه الآونة بالذات وحينما شعر بأنها قد تميل لغيره
شعر برغبته فيها، حينما شعر بأنها بدأت بالتراخي بين يديه والتلاشي من أمامه شعر برغبته فيها
بل وأشد الرغبة …

بعد مرور أسبوع بالتمام
كان في هذه المدة القصيرة قد استطاع محمد توكيل محامي وتبرأ من تهمة محاولة القتل،
فقد تبين للجمع أن السلاح ملك لحسام وأن البصمات المتواجدة على الزناد تخص حسام أيضًا
وكان خروجه حظ سيء لسُهاد فقد تمنت أن يبقى لوقت أطول وأن يحترق داخله كما أحترقت هي حتى أصبح داخلها رماد بلا مشاعر،

أما أدهم فقد أشتعل غضب من جهه يخشى أن ينقلب وضع والده الصحي للأسوأ حين يعلم بخروجه
فما كان شيء يريحه بعد عودة محمد وإطلاق النار على ابن أخيه حسام إلا تواجده خلف قضبان الزنزانة،
ومن جهه أخرى يغضبه لقاء محمد مع سُهاد
لا يتقبل فكرة أنها متزوجة إطلاقًا
فهو يشعر بتملك تجاههِا لا معقول وغير عادي أبدًا،

أما حسام فكانت قد تحسنت حالته ولم يتضرر كثير الضرر، وخرج من المستشفى قبل يوم
رِذاذ مشاعرها كانت سيئة للغاية، لم يمنحها الوقت الكافي لتتقبل عودته بل وصدمها خبر أن أختها أصبحت هاهنا تحت سماء المدينة، تصادمت مشاعرها
بالطبع لم تكن كلها كرهه إتجاه أختها بل يخالطها شوق وحب عظيم،

محمد
دخل شقته وهو يدندن بمزاج رائق غريب جدًا على شخص للتو خرج من السجن،
استقبلته نِهاد بملامح مرعوبة
ــ لماذا عدنا؟ …أدهم وحسام لن يتركوني
ــ لا يستطيعون أذيتك بشيء ما، أنتِ زوجتي ولن أسمح لأي شيء كان في هذه الأرض بأذيتكِ
ابتسمت كالعادة وهي تتطمن لوجوده بجانبها وكأنه درع حصين يحميها من كل أذى في هذه الحياة
نهضت برقة وأمرته بأن يتحمم لتضع طعام الغداء
فلابد أنه أشتاق لطبخها.

سُهاد كانت تتحرك كنحلة داخل المنزل
ترفع هذا وترتب هذه الغرفة، وتغسل أرضية الشقة
وهاتفه مابين أذنها وكتفها،
كانت تميل برأسها على كتفها كي يتثبت الهاتف عليه
وقد شدتها هذه المكالمة،  وغطست إلى أعمق نقطة في قلبها، هاهو أدهم يبادر ويحدثها عن محامي جيد
ليكسبها قضية خُلع لمحمد،
هي مترددة بالطبع فهي تخشى أن يكون مندفع في مشاعره زيادة عن اللازم ويأتي فترة ويمل من محاربة محمد من أجلها،
وبرغم ذلك كاد قلبها يرفرف ويغادر قفضها الصدري من شدة الفرح،
وافقت على التقدم لهذه الخطوة ووعدها أنه لن يطول الأمر وسيطلقها محمد رغمًا عن أنفه
أغلقت الهاتف وضمته على صدرها بشدة وإبتسامتها العذبة بدأت ترتسم على ملامحها الهادئة
يحق لها أن تعيش حياة سعيدة، مع شخص يتعامل معها وكأنها معجزة،
يحق لها أن تكون مدللة
وأن يحارب الجميع من أجلها
هذا هو حلمها أن يضعها فوق كل شيء
حتى فوق سمعته،
فهو بالطبع سيتلقى الكثير من الكلام المؤذي
ولكنه لن يكون جارح مادامه في سبيلها،
أتت ابنتها وهي تهتف بإبتسامة جميلة تُشابه إبتسامة والدتها
ــ أمي…أراكِ سعيدة، ماذا هناك؟
ــ لاشيء عزيزتي فلتذهبي لتبديل ملابسكِ، فـ العم أدهم سيأتي لنزور المحكمة وترين مبناها
هزت رأسها بموافقة، ولم تهتف بأية كلمة تعبر عن حماسها
ولكنه كان واضحٌ جدًا لسُهاد،
قرأتهُ من نظرة عينيها.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Mar 01 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

على مَن المًلام يا إيلامُحيث تعيش القصص. اكتشف الآن