صرير من عالم آخر

241 18 40
                                    


كتب يوم 12/ 08 / 2023

تم التعديل يوم 03 / 04 / 2024


********* ********** ********

إنه الرابع من سبتمبر للعام 2025 ، صباح يوم بارد تحلت فيه السماء بعقد بيضاء من الغيوم البدينة ، توعدت سكان البلدة الصغيرة بهطول المطر في وقت لاحق ، سينداسكي . مزاولين أشغالهم اليومية الرتيبة ، كل في مقر عمله ، مترصد لانتهاء مناوبته كي يعود طليقا إلى منزله ، هكذا كان حال العديد من أهلها ، و في بقعة معينة من المدينة ، تحديدا داخل أحد مدرجات جامعة سينداسكي ، انعقد حفل متواضع جمع ثلة من الأدمغة اللامعة للترحيب بفرد بينهم .

إحتشد المدرج على آخره ، رجالا و نساء ، و قد كان منهم الواقف لعدم اكتفاء المقاعد ، في ضجيج ضعيف ، سُمعت منه أحاديث و همسات و أحيانا قهقهات محتشمة ، جميعهم منتظرين بدأ الحفل ، حوالي الثلاثين صفا و أقل صف بينهم حمل بجعبته عشرين مقعدا ، فلم يلبث أن ارتقى رجل فوق الخشبة و استقر عند منصة الميكروفون ، و قد اكتسى ببذلة سوداء فاخرة أبانت على أهميته ، بذلك حل هدوء رخص له التحدث ، فرفع الميكروفون الى فمه

" أرحب بكم جميعا في هذا اليوم السعيد ، سيداتي سادتي .. و كما تعلمون ، فقد جمعناكم في هذا الحدث المميز ، لتكونوا شاهدين على بداية مرحلة مهمة في حياة أحد عباقرة هذا الجيل .. "

واصل المقدم حديثه و أسهب ، و قد جعل يتعمق في الرسميات ، آخذا وقته في كلام إعتيادي مكرر ، فصفق له الحضور من حين لآخر . من جهة أخرى ، هناك في الصف الأول و الذي استقبلت أواسط مقاعده رباعية من العلماء ذائعي الصيت ، تمركز بينهم رجل شاب ، بلغ الثالثة و العشرين من عمره صيف هذا العام ، برداء متواضع مميز عن البقية ، و كأنه نجم المسرح ، و لربما هو كذلك .

جين كارنيغي ، خريج جامعة العلوم و التكنولوجيا و أيضا رئيس مركز الأبحاث العلمية لمدينة سينداسكي ، سمي بالباحث الحالم مؤخرا ، و أطلق عليه أقرانه لقب كلود شانون العصر الحديث ، لم يكن بالشاب الذي يهوى التجمعات و هذا يفسر أزمته الجلية على وجهه المتوتر ، كذا قبضتيه المتيبستين على ركبتيه من فرط التفكير .

" و الآن .. دعونا نرحب بعبقري الجيل ، رئيس مركز الأبحاث العلمية لمدينة سينداسكي .. السيد جين كارنيغي ! "

تعالت نبرة المقدم و ركبت عليها هتافات الجمهور و تصفيقه الحار ، مرسلين دفعة لاسعة على العمود الفقري لجين ، فاستقام جذعه دون أن يشعر و هرع نحو خشبة المدرج في اضطراب .

' هذه هي لحظتك يا جين ، الكل ينظر إليك '

كلّم جين نفسه ، و أخذ نفسا عميقا عساه يخفف من أزمته ، فارتقى في الدرجات و اصطنع ابتسامة ، ثم تقدم نحو المقدم فاستقبله و ناوله الميكروفون

" مرحبا بك يا جين ، الجميع مسرور بك اليوم .. أنت لها "

لم يخرج الحديث من بين الإثنين ، و قد خفف ذلك بعضا من ضغط جين فردد في نفسه

القارات المخفية | Occult Landsحيث تعيش القصص. اكتشف الآن