غريفيث دير ناخت

35 8 6
                                    


كانت تلك القارة الهائلة ، و التي سماها القدماء سيسيفس ، موطنا للعديد من المخلوقات الغريبة ، و على رأسها حكمت أربع أعراق مختلفة ، تعايشت فيما بينها و تقاسمت أراضي القارة برضا و بغير رضا لتعمر فيها على مدى قرون عديدة ، حدتها بوابة تيتيوس شمالا عند الحد الأحمر وصولا إلى خليج الكتلتين جنوبا ، بينما اكتنفها محيط الأسرار من الشرق و المحيط الميت من الغرب ، تعددت فيها الأقاليم و التضاريس ، و احتضنت أربع مقاطعات مختلفة و مناطق سميت بالأهلام ، لم تكن الأهلام تابعة لأي عرق بينما كانت كل مقاطعة موطنا لأحدها ، فوست موطن حراس الصحراء ، باتريام موطن البشر ، شيبا نو كي موطن الأوراق و أخيرا أوكسن موطن الهامدين ، جمعتهم جميعا أرض واحدة ، هل كانت هذه هي سيسيفس في الحقيقة ؟

لا ..

قالها رجل حكيم، إجابة على سؤال أحد تلامذته. لربما كان كل هذا مجرد جزء واحد من بين جزئين من سيسيفس ، و لربما كان الأكبر . لطالما كذب سكان هذه القارة و خصوصا ذلك العرق المتكبر على أنفسهم ، البشر ، لطالما سموها سيسيفس و ما هي بسيسيفس ، لقد حاولوا طمس الحقيقة و إبدالها بما تطمئن لهم قلوبهم به .

أرض تيتيوس ، كان هذا إسمها الحقيقي ، هذا الإسم الذي لن تجده متداولا بين ألسن العوام ، ستجده فقط عند أولئك الذين لا هدف لهم و لا سبب من إخفاء الحقيقة ، فسيسيفس هي الأرض العظمى التي ضمت أرض تيتيوس بجناحها ، و لم تيتيوس بالضبط ؟

سيسيفس هي أرض تجمع سبع أعراق مختلفة و ليس أربع ..

قالها الرجل الحكيم و هو يلقن أحد تلامذته. إنقسمت سيسيفس إلى قسمين رئيسيين، قسم تيتيوس الغربي و أيضا .. قسم تانتالوس الشرقي ، فصل بينهما جداران هائلان، أحدهما شكل من الصخر الأحمر البركاني توسطته بوابة تيتيوس، و الآخر من صخر الأعماق الأسود زينته بوابة تانتالوس العتيقة، و لعل هذين الجدارين هما من نشأة أهل هذه الأرض للتفريق بين الأجناس .

نحن نسمي سكان الجانب الآخر بالأعداء ..

لم تكن هذه الكراهية مجرد إيديولوجية تبنتها الأعراق، و إنما نمط حياة تم تقريره من طرف سلطة أعلى منذ قرون مضت، سلطة أولئك الذين أطلقوا على أنفسهم لقب .. ذوي النون .

***

***

***

أخذ ذلك الرجل طريقه حبوا على المنحدر الصخري ، جسده كان هزيلا ، و العظام تنبلج من تحت جلده ، عيناه غائرتان في جحريهما ، و النتوئات الحجرية تأكل مفاصله الضعيفة مع كل خطوة ، لم يغطي جثته سوى تلك الخرقة البالية على عورته ، ملطخة ببقع من الدماء القديمة المتراكمة من العمل المضني ، و قد كان مكبلا على آخره بطبقات من السلاسل الحديدية الثقيلة يجرها إلى وجهته ، رسم وجهه لوحة مكفهرة أبانت على يأسه العقيم و هو يسعى نحو نجاته ، أو ربما هلاكه ، فامتزجت ألوانها بظلمة الليل البارد و لم يكشف عنها سوى نور القمر المخيف

القارات المخفية | Occult Landsحيث تعيش القصص. اكتشف الآن