كلاود

52 8 25
                                    

" وقت إضافي تقول ؟ جاهل . هذه ليست البداية حتى ! "

" يا لك من ساذج ... " 

" جنين . جنين لم ير النور بعد ! "

" فلتسدي لي معروفا و لتمت فحسب ! رجاءا ؟! "

إندمجت ذرات الضباب المبعثرة ببطئ مشكلة حاجزا منيعا لم يسمح لأشعة الضوء ، و التي كانت منعدمة تقريبا ، من العبور عبرها ، أو ذلك ما بدى في عيني الشاب الغارق في دم مفترسه الميت . و بينما تلاشى الضوء من عينيه تدريجيا لم ينقصه سوى سماع همهمات بعيدة ، أثيرية داخل رأسه ، و في نفس الوقت مفهومة بشكل مربك .

مثل عدة مدراء يلقون أسوء الكلمات على ذلك العامل البسيط ، أو مثل والدين قاسيين لم يسمع إبنهما منهما خيرا طوال حياته ، كانت الأصوات شائكة ، مؤلمة و مزعجة ، لكنها لم تدم طويلا في النهاية لأنه و لحسن حظه أو لسوءه ، جين سرعانما غاب عن الوعي .

مدفونا تحت جثة هامدة لخنفساء سوداء عملاقة بينما تمتصه بحيرة الإيل الراكدة نحو أعماقها ببطئ مستعدة للتغذي على جسده الطازج ، ذلك لم يكن أفضل مكان لأخذ قيلولة بالتأكيد .

" بشري غير محظوظ . ليس الأسوء حظا على الأقل "

معلنا حضوره بصوت رخيم حسن ، تقدم شكل على هيأة بشر نحو البحيرة بين الضباب الكثيف . مزيحا جسد الخنفساء الضخم بحركة ذراع خاطفة مستعيدا رمحه الملطخ ، و الذي كان مغروزا داخل رأس هذه الأخيرة . واصل الكيان حاملا جسد جين المبتل قبل أن يضعه على أرض عشبية آمنة .

إنقشع الضباب قليلا كاشفا عن الهيأة المخفية لذلك الكيان ، قد يحسبه الجاهل مخلوقا أسطوريا ولد من رحم الغابة لكنه ليس سوى أحد الأعراق القليلة ، و المعدودة على الأصابع ، التي تجول أرض سيسيفس الغنية . بينما سمي البشر بشرا و المستذئبون حراس الصحراء ، هذا العرق قد حمل لنفسه إسما أكثر نقاوة و أناقة ، الأوراق .

و كما يشير الإسم تماما ، ما كان يقف أمام جين حاليا هو تجسيد فني ساحر للورقة الخضراء اليافعة . على شكل بشر ، بجلد أخضر براق نسج من ألف ورقة و أطراف نحتت من جذع شجرة نادر . ملامح وجه بشري ، توسطته عينان بلوريتان من الأزرق الكريستالي ، إنتهى بشعر أبيض هش جُمع من بتلات زهرة ياسمين واحدة .

هذه الورقة الفاتنة قد باشرت بتنظيف وجه جين المتسخ قبل أن تجلس بجانبه ، منتظرة إستيقاظه على الأرجح ، محدقة في السماء الملبدة بعيون أنهكها التفكير .

*نعيق*

إستقبلت أذنا الرجل الورقة صوت نعيق بعيد و الذي لم يلبث حتى تجلى مصدره ، مرفرفة جناحيها بلطف مسرعة نحو مالكها ، تلك البجعة السوداء قد بدت على عجلة من أمرها . 

" على رسلك "

متوقفة عند قدميه ، باشرت البجعة النعيق بصخب بينما رفرفت بجناحيها في كل مكان في مشهد غريب ، و كأنها تعاتب صاحبها الذي سرعانما ربت على رأسها ضاحكا 

القارات المخفية | Occult Landsحيث تعيش القصص. اكتشف الآن