بارت 6

5.7K 123 7
                                    


بعد مرور تسع سنوات من الحادثة

ليلا،

السكون يخيم على المدينة،

وثمة هواء بارد وعليل يأتي قادما من الصحراء، يطوف البيوت والشوارع الناعسة محملا برائحة القمر والرمال وقصص عن الأجداد ستظل رياح نجد دائما ترويها

في إحدى الفلل الواقعة شمالا - وتحديدا حي الياسمين - يتصاعد رنين

الهاتف.

يستيقظ هاشم من نومه ليُجيب على الاتصال؛ فالرنين المتصاعد ذاك لم يكن صادرًا من هاتفه المحمول بل من الهاتف المخصص لعمله، ضغط زر الرد ووضع السماعة عند أذنه:

- ماذا هناك؟

آسفة لإيقاظك بمثل هذا الوقت، ولكن يجب أن تأتي حالا

هو يدرك أن عمله لن يطلبه الساعة الثالثة فجرًا من يوم إجازته الأسبوعية - الجمعة - إلا إن كان هناك أمرٌ في غاية الخطورة، اعتدل في

جلسته وقال

- ماذا هناك يا راما ؟!

لا أستطيع إخبارك هنا؛ فالجو قد يكون ماطرا يا سيدي.

كان ذلك الكود السري الذي قالته راما يعني أن المعلومات التي تملكها حساسة جدا بحيث لا نستطيع مشاركتها عبر الهاتف .. رد هاشم بالكود

الذي يؤكد استعداده لتلبية النداء:

سأجلب مظلتي وألتقي بكم في الحديقة بعد قليل.

وقف هاشم تحت الدش سامحًا للماء الدافئ أن ينهال فوق جسده، ذلك الجسد الذي رغم اقترابه من الخمسين إلا أنه كان لا يزال يحافظ على

رشاقة الشباب الأقل.

كان طويلا كالنخيل، يملك شعرًا قصيرا تتخلله الكثير من الخصل الرمادية التي يبدو أنه ورثها عن أحد والديه له وجه حاد التقاسيم مثل حافة مشرط وشارب ثقيل متصل بلحية مهملة.

جفف جسده المبلل ثم ارتدى لباسًا ثقيلا يقيه برد الشتاء، ولم ينس بالطبع أن يرتدي سترته الواقية ضد الرصاص وأن يصطحب معه مسدسه المزود بماسورة كاتمة للصوت.

وبالرغم من أن الحالة كانت تستدعي العجلة إلا أن هناك أمرا كان عليه القيام به، ذلك الأمر الذي منذ قرابة - تسعة أعوام - وهو لا يغادر منزله قبل أن يفعله.

سحب مفكرة صغيرة صُنعت من جلد فاخر كان يحتفظ بما أسفل المرتبة - مرتبة السرير - ثم وعلى ضوء الأبجورة الخافت اسئل قلمه

وكتب هذه الرسالة:

عزيزتي بلقيس..

لقد هاتفني العمل قبل وقت قصير

بدو أن هناك أمرًا طاريا قد حدث، وبناء عليه طلبوا حضوري إلى المقر .. سأغادر الآن ... ولن أنسى بالطبع الاطمئنان على ابنتنا قبل أن أرحل

رواية آرسِس الجزء الاول والثاني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن