رواية آرسِس الجزء الاول والثاني

بارت 10

وكان بينه وبين الأسود الفاتكة قرابة"

هكذا كان العقيد هاشم حينما يتعلق الأمر بتنفيذ مهمة ميدانية: أنه يُلقي بنفسه للخطر دون مهابة كمن يتأهب لخوض مغامرة ممتعة..

لكنه كان يحمل شعورًا مختلفًا تجاه هذه المهمة بالذات، شعور غامض وغريب يخبره بأن شيئًا خطيراً كان ينتظره وراءها ليس الموت هو ما كان يشعر به، بل شيء أشد وأخطر.

وربما هذا الإحساس هو ما جعله يقرر أن يترك بعض الكلمات وراءه - إنها رسالة

- قرر أن يكتبها لتكون أشبه بالوصية أو الاعتراف الأخير قبل مغادرته الأرض.

أزال مرتبة السرير وسحب مفكرة الجلد فتحها على إحدى الصفحات وبدأ يكتب

بعد موتك تكونت لدي فكرة خطيرة

لقد فقدتُ ثقتي بالله.

لماذا الله يسمح وباتت هناك أسئلة تؤرقني بالشر؟ ..

لقد كنتِ يا بلقيس إنسانة صالحة .. فلماذا الله لم يتدخل ويوقف عملية قتلك ؟ .. لماذا سمح للشر بأن يُصيبك ؟

أعلم أنها أسئلة إلحادية لا يجوز التفكير بها، وقد حاولت مرات عديدة أن أطردها عني ولكنها لا تلبث كثيرًا حتى تعاود الظهور في رأسي مجددًا كسرب من الذباب الملعون.

أنت أول شخص أخبره بهذا الأمر؛ وقد أخبرتك به لأني أعلم أنك الوحيدة التي ستفهم الظروف التي أوصلتني إلى هنا - إلى هذا الاعتقاد - بينما الآخرون سيحكمون عليَّ بالكفر والزندقة.

فإذا نظرت يوما من السماء نحو هذا المنزل . هذا المنزل الذي احتوانا ذات يوم، وقرأت هذا الاعتراف أريدك أن تستغفري لي الله وأن تطلبي منه أن يسكنني إلى جوارك.

حيث تكونين .. تكون جنتي

حيث تكونين .. تكون جنتي إلى اللقاء.

حين انتهى من الكتابة حمل مفكرة الجلد إلى النافذة

جعلها مفتوحة على الرسالة ثم غادر إلى الغرفة المجاورة ليطمئن على

ابنته قبل الرحيل

فتح الباب - باب غرفتها - بهدوء كي لا يُزعج منامها ؟

ولكنه وجدها وقد كانت تجلس فوق السرير مسندة ظهرها إلى الحائط تحتضن الرواية ذات الغلاف الأبيض والتي يظهر على غلافها صورة نصف وجه الفتاة ذات العين المتوهجة باللون الأحمر

- لقد قسوتُ عليكِ اليوم يا أمل

- أنا لست غاضبة

اقترب منها وجلس على حافة السرير

لماذا لا تزالين مستيقظة إذَا؟ إنها تقترب من الرابعة فجرًا.

- خائفة

- مما ؟

- سمعتك اليوم تقول لعمتي إنك ذاهب.

- إنها ليست المرة الأولى التي أذهب فيها للقيام بمهمة