«الفصل السّادس»

4 1 0
                                    


_يونيو 2019_
«ميونخ_روزنهايم»

كان جسده يحول بينها و بين العالم الخارجي، محتجزة بينه و بين الجدار.
في منزل والديها الدّافئ، الّذي ازداد دفئاً بوجوده.
كان يندمج مع عائلتها بشكل جميل، و هذا ما جعلها تشعر بأمانٍ لا يوصف بقربه.
"هل لديكِ أدنى فكرة كم تبدين فاتنة؟"
ضحكت بخجل، ليقترب منها أكثر.
"كلّا! ابتعد! سيرانا أحدهم!!"
ابتسم عندما أنّبته بلطفٍ كعادتها، ألقى نظرة حوله.
"من سيكون هنا بحقّ اللّه!، إنّهم جميعاً نيام"
ضحكت مجدداُ ليتداخل ضحكها مع هدوء و دفء المحيط، و صوت زير الليل الّذي يغنّي بسعادة
"فقط قبلة!"
نظر إليها كطفلٍ صغير يستعطفها، لتومأ له مع ابتسامة.
كانت قبلة مليئة بالمشاعر، استطاعت أن تشعر بها.
فصل قبلتهما لينظر إليها نظرة العاشق الولهان، يداعب شعرها الأسود بلطف، و يشابك يده بخاصّتها.
بشكلٍ غير متوقع، سحب يدها البيضاء الرّقيقة، و قبل ذلك المكان، حيث يرقد خاتم زواجهما الجميل.
ثمَّ قال لها شيئاً لن تنساه ما حَيَتْ ..
«أنتِ كنزي!»

***
_نوفمبر 2020_

انقبض قلبها بحسرةٍ و ألم عليه، لقد كان ملأجها الوحيد.
في أحلك الظّروف و أسوئها على الإطلاق، كان بجانبها، يضمّها إلى صدره الواسع بحنان، و يطمئنها.
و الآن ... بينما كان يعيش أسوأ حالاته، و قلبه ينبض برعبٍ و خوف و حزنٍ كبير ... لم تستطع مساعدته البتّة.
تتذكّر عندما توفّي والدها، كان بجانبها يمسك يدها بحزم، و عندما اكتشفت عقمها، كانت تعلم جيّداُ أنّه يعشق الأطفال، لذا انهارت وقتها، لكنّه لم يهتمَّ بذلك على الإطلاق.
لم يجعلها تشعر بالنّقص، لم يسبب لها الألم في حياته!
كان بسيطاً و متواضعاً، على الرّغم من أنّه ولد في أسرة فاحشة الثّراء.
كان لطيفاً و هادئاً كنسمات الصّيف المنعشة.
ابتسامته لم تختفِ عن وجهه يوماً ... لذا من الصّعب التّصديق بأنَّه يمرُّ بكلَّ ذلك الأسى.
ما زالت مستلقية على الأرض الباردة، عند مدخل بيتهما
تنتظر عودته بفارغ الصّبر.

****
"ماذا وجدت؟"
سأل بهدوء ذلك الطّبيب الغارق في التّفكير
"وفقاً لكلامها، أعتقد أنّه يتعرّض لنوبة ذهانيّة حادّة، إن شئت الدّقة، فهو اضطراب ذهاني وجيز، انظر هنا"
اقترب المحقق بهدوء
"بدايةً، و حسب قول زوجته، والدتهُ كانت (مجنونة).
هذا يعني في الأغلب أنَّ لديها اضطراباً نفسيّاً ما، لذا فاحتماليّة أن يكون لدى ابنها هو الآخر موجودة.
أمّا بالنّسبة للعوامل البيئيّة، فهي كافية بشكلٍ كبير لتفعيل الاستعداد الكامن للمرض: انتحار والدته، عائلة مفككة و إهمال عاطفيّ شديد، عقم الزّوجة، و بالأخص حادث سير أليم شوّه صديقه المقرّب، لأنَّ الأعراض بدأت بعد الحادثة على الفور"
"هذا منطقي"
"أجل، انظر إلى الأعراض أيضاً:
توهمات مختلفة المحتوى، يتوهم بخيانة زوجته له، و باضطهاد الجميع، و أخيراً يتوهّم أنَّ أحدهم يتبعه.
بصرف النّظر عن الإهلاسات الغزيرة، سمعيّةً كانت، بصريّة أو شمّيّة.
كما ظهرت لديه اضطرابات سلوكيّة لم تكن موجودة قبل النّوبة، حيث أصبح عنيفاً و عدوانيّاً فجأة.
و الأهم، أنَّ كلَّ ذلك يمنعه من ممارسة حياته الاجتماعيّة و المهنيّة بالشّكل المعتاد"
"أعتقد أنّه يجب عليكَ أن تراه"
"بلا شك!، أحتاج للتّأكد من ذلك"

TSCHÜSS! ✔حيث تعيش القصص. اكتشف الآن