يمشي ببطءٍ في الرّواق، بقلبٍ متجمّد، كان يعرف تماماً كيف يفكر والده و شقيقه و الجميع على حدٍّ سواء به،
لذا لم يكن ذلك مهمّاً، لكن شعر بالأسف لشقيقته الّتي أهملت حياتها من أجله.
"هذا..؟"
وجّه بصره نحو مصدر الصّوت، أظلمت عيناه بمجرّد رؤيته لوالده بجانب ذلك الرّجل.
"أنتَ كارل أليس كذلك؟" ابتسم الرّجل باتّساع، و اقترب منه.
"آه تشرفّت بلقائك حقّاً، كتاباتك ... إنّها مدهشة!" صافحه الرّجل بحرارة، و كان يبدو سعيداً للغاية.
أشرقت ملامح كارل عندما تلقّى المديح المفاجئ
"أوه يا إلهي نسيت أن أعرّفك بنفسي! أنا روبرت هينرخ، كاتبٌ و رئيس تحرير ، الآنسة إيمّا أرتني بعضاً من كتابتك و كنتُ مسحوراً!، أتطلّع للعمل معكَ في المستقبل القريب يا سيدي الشّاب!"
"شكراً جزيلاً سيدي روبرت" كان سعيداً
"المواهب الشّابّة رائعة في الأونة الأخيرة، أليس كذلك؟ سيد روبن؟"
ألقى نظرة على والده، كان ما يزال يدخّن السّيجار بلا مبالاة، لم ينظر إليه حتّى.
ابتسم روبرت بإحراج عندما كان ردّه الصّمت.
"على العموم، تشرّفت بمعرفتك" ابتسم الرّجل في وجهه مجدداً، كان روبرت إنساناً مفعماً بالحياة.
"و أنا أيضاً"
"لا أذكر أنّني دعوتكَ إلى الحفلة"
قاطع صوت والده الخشن فرحته الصّغيرة.
"لِمَ أنتَ هنا؟" أكمل لينظر إليه باشمئزاز
"لم أكن أنوي الحضور من الأساس" بصق كلماته بكرهٍ واضح
اقترب منه ببطء، ليحاول روبرت تخفيف الجو الحاد
"آه سيّد روبن دعنا ندخل--"
لم يجب بل شدَّ ياقة ابنه ذو الأربعة عشر عاماً بقوّة
"لقد أخبرتكَ مراراً ألّا تريني وجهك اللعين!"
"لم أكن أريد أن أريكَ وجهي، و لا أن أراك"
"سيدي روبن أظنُّ أنَّ ذلك يكفي"
انبسَّ روبرت مجدداً
"أبي!" سُمِع صدى خطواتها الأنيقة في الرّواق الطّويل
أفلت والدها ياقة كارل ببطء، و حاول استعادة هدوءه
"طاب مساؤك سيد روبرت"
"سُعِدتُ بلقاءكِ آنستي" كان روبرت متوتراً، و استطاعت أن تلمح قطرات العرق على جبينه الواسع.
"هل من خطبٍ ما؟" نظرت بالتّبادل مع والدها و أخيها الصّغير.
"إنّه لا شيء" أجاب شقيقها و هو يعدّل ياقته المجعّدة، ليرحل بهدوء.
نظرت باستنكار لوالدها.***
_الوقت الحالي_
«برلين، شونيبرغ»"كارل ... لِمَ لا تجيبني؟" سأله بصوتٍ منكسر
"أخبروني أنّك فارقت الحياة ..."
"غير صحيح! انظر أنا أمامك!"
نظر إليه بعينين متعبتين
"يوهان ... لماذا أنتَ معي هنا؟"
"أنا صديقك، يجب أن أكون معك"
"و اللعنة لا تكذب!!! أنتَ فقط تستمرَّ بالكذب و الخداع!"
"أجننت!"
"كيف لكَ أن تدخل المصحّة؟! لِمَ لا تغادر للعمل، لمنزلك؟!
لماذا تستمرّ باللحاق بي؟!" بكى بحرقة
"لقد عدتُ إلى المنزل سالماً يا كارل، ما بالك!!!" صرخ الأخير
"يوهان أنتَ ميّتٌ بالفعل ... غادر هذا المكان"
"حتّى أنت ... بتَّ تصدّق ذلك؟" شخر بألم
"يوهان، وجودكَ يسبب لي الأذى، غادر ... فقط ارقد بسلام"
"كارل--"
"أنتَ ميّت!!!، أنا ... أتذكّر كلَّ شيء الآن، لا تكذب عليَّ أرجوك"
طأطأ رأسه بخيبة أمل، كلُّ ما كان يراه كان مجرّد وهم!
أنت تقرأ
TSCHÜSS! ✔
Spirituelles_برلين | 1999_ "ذلكَ الطِّفل، لم يَكُن مِن المفترض أن يكونَ موجوداً!!" كارل فرانكلين، كاتبٌ متواضع. يصاب العالم من حوله بالجنون، ليودّع حياته الهادئة. |مكتملة| جميع الحقوق محفوظة ©