«الفصل الحادي عشر و الأخير»

5 0 0
                                    


_أكتوبر | 1991_
«برلين، جرونوالد»

"لقد خنتِ ثقتي بك!!!" صرخ في وجهها
"أنتَ لم تثق بي منذ البداية يا روبن، لذلك حتّى لو أقسمت لكَ مئات المرّات أنّي لم أكن أعلم ... لن تصدّقني!"
نطقت بصوتٍ خافت بألمٍ يخترق صدرها.
مشكلتها هي أنّها انخرطت في علاقة سامّة مع رجلٍ لا يهتمُّ لأمرها على الإطلاق، يريد منها فقط أن تكون بانتظاره عندما يرغب بها.
ولولا أنّه قد طرأ أمرٌ خطير، هدّد نجاح شركته، لن يأتي إليها أبداً!
"سأخبركَ مرّةً أخرى، لا علاقة لي بما يفعله والديّ"
رفع رأسه، تنهّد بقسوة، ليغلّف وجهه بكلتا يديه
"ليزا!! لقد قمتِ بخداعي و سرقة أموالي!!"
"أنتَ لا تصدّقني!!! إنّه زوج والدتي، أنا لم أره منذ أن كنت في الثّانويّة!
روبن، لقد أضعت عمري من أجلك!! أحلامي، طموحاتي، و كلُّ ما كنت أرغب القيام به ... كلُّ شيء!!! وضعته في أسفل قائمةٍ لطالما كنتَ تحتلُّ الصّدارة فيها!
كيف تتهمني بخيانتك الآن؟!"
"هل تظنين أنني أحمقٌ يا ليزا؟، أنتِ متورّطة!!
كلُّ الوثائق بحوزتي تثبت ذلك!"
رمى حزمة الأوراق في وجهها، لينقبض قلبها مجدداً
طأطأت رأسها بخيبة أمل، ابتسمت بألم
القضيّة الّتي تواجهها كانت أضخم من أن تحلّها بكلماتها السّخيفة، لذا استسلمت.
"كوني شاكرةً لأنّني لن أرفع دعوة ضدّكِ"
فتحت عيناها على مصراعيها
"لكن أقسم لكِ ليزا ... لن تعود علاقتنا كما كانت!"
فجأة، انتابتها الرّغبة بالضّحك
"حقاً؟، أخبرني ... كيف كانت علاقتنا روبن؟
أتعلم؟، لولا هذا الخاتم في أصبعي لظننت نفسي بائعة هوى حمقاء وقعت في الحب"
"أنتِ!!"
"هل لديكَ أدنى فكرة عن سبب إلحاحي لرؤيتكَ منذ أسبوع؟ روبن ... أنا حامل"
حدّق فيها لفترة طويلة
"أنتَ لا تهتم، لم تهتم منذ البداية! ... روبن، علاقتنا لن تعود كما كانت، لأنّها لم تكن!" قالت و مازالت تبتسم
"ذلك الطّفل ... لا علاقة لي به" بصوته الخشن العميق قال لها
"حسناً، توقعت أن تقول ذلك، فطفلنا أقلُّ أهميّة من العمل و الشّركة، أليس كذلك؟"

جذبها من ياقتها الرّقيقة، لينظر في عينيها بغضبٍ جلي
"الآن، ما الّذي تظنين أنّك تفعلينه ليزا؟!
بدلاً من قول الترّهات، أخبريني بحقيقة جرمك!
لن تنطلي عليَّ تلك السّخافات الّتي تتفوّهين بها!!!" صرخ في وجهها.
"ما الفائدة؟!!!، أنتَ لا تصدّقني!
تريد فقط أن تصدّق نفسك! أنا ... لقد تعبت من كلِّ هذا!!
أنتَ أناني!! لا تهتمُّ إلّا بنفسك، بعملك، و بمقامك الكريم!!
ابتعد عنّي!" أجهشت بالبكاء، لتحاول الفكاك من قيده
"أنتَ لا تتحلّى بالمسؤوليّة الكافية لتكون رجلاً!، فما بالك بكونك أباً!! ... لقد نلت كفايتي من هذا كلّه!"
أمسك معصمها الغض بقوّة كافية لسحقه
"ليزا ... أنتِ كاذبة، سارقة، مخادعة!
تريدين الانفصال الآن و الهروب؟، كلّا يا عزيزتي ... سأحطّمكِ ببطء، سأجعلكِ تتمنّين لو أنَّ أصابعك أقتُصّت و لم تسرقي أموالي أنتِ ووالدكِ اللعين!
طفلك؟ أنا لا أهتمَّ بتلكَ اللعنة داخلك، قد لا يكون هذا ابني أصلاً!"
"هذا رائع! تتهمني بالعهر أيضاً؟"
"لن أتفاجئ بما تقومين به، أنتِ امرأة سافلة"
سقطت دموعها تباعاً
"ارحل"
دفعها بقسوة لتقع أرضاً، ثمَّ غادر.
...
بعد ثمانية أشهر، وُلِد طفلها الصّغير
ولدته في ذلك القصر المقيت، لوحدها دون مساعدة، أجل كادت أن تفقد حياتها أثناء ولادته.
لكنّ قلبها ازدهر عندما أبصرت وجهه الجميل، و سمعت صرخته الأولى، عادت الحياة إلى جسدها النّحيل.
احتضنت ذلك الجسد الصّغير، ليكفَّ عن البكاء و يرقد بسلام فوق صدرها.
امتلأت عيناها بالدّموع مجدداً، ليست دموع الألم و الحزن
الّتي اعتادت عليها طِوال حياتها، إنّها دموع فرحٍ و راحة.
"يا لكَ من فتى لطيف" ضحكت
ما زالت دماؤها ملتصقةً به، يداها ترتجف من الألم القاتل
بغريزتها أدركت أنَّ طفلها متعبٌ أيضاً
"جائعٌ أنتَ يا صغيري؟"
ألقمته ثديها، ليتناول الحليب بنهم
"أنتَ شره! هذه مشكلة~" داعبت وجهه الصّغير
"ماذا أسمّيك؟ أنا لا أدري حقّاً"
بشكلٍ مفاجئ، نسيت كلَّ معاناتها، شعرت أنّها وُلِدَت من جديد مع ولادته.
الحريّة؟ نعم شعرت بالحريّة!
"كارل" نطقت الاسم بلا وعي ... الرّجل الحر
"طفلي الصّغير ... كارل" ابتسمت بوسع
بعد مدّة قصيرة غطّت في نومٍ عميق، و مازال صغيرها في حضنها نائماً، يشعر بدفء والدته يحيط به.

TSCHÜSS! ✔حيث تعيش القصص. اكتشف الآن