يجلس خلف مكتبه يمرر عينيه فوق الأوراق المؤجلة.. يواري خزيه بردود مقتضبة على تساؤلاتها الخاصة بالعمل..
بينما تمرر هي عينيها فوق وجهه، لحيته المهذبة وشعره المصفف.. سعيد!
عينيه اللامعة وابتسامته الرائقة دليل سعادته، لا يبدو أمامها كمن فقد وزنه من الحزن والتفكير في هجرها!
خرج صوتها رسمي يخفي حنينها
-هناك بعض الأوراق تحتاج امضاءك..لا يمكن تأجيلها أكثر من ذلك.
تناوله ملف آخر كانت تحمله
-وهذا للاطلاع فقط..لمعرفة ما جد وقت غيابك
أشار بيده يتهرب منها، وشعور بالخيانة يستولي عليه
-لا حاجة لي للاطلاع يا أمينة.
ختم حديثه بكلمة أصابت عظامها فصدعتها بشراسة
-أنا أثق بكِ.
ابتلعت كلماته التي تبدو بدون قصد، لكنها أصابت قلبها الملتاع وهي تقول
-أريد التحدث إليك بخصوص سالم.
منحها اهتمامه لا عينيه، فعينيه ستفضحه حتما لو عاقرت عينيها، ستعلم أنه خذلها مرتين، واحدة لفقدها، والثانية لفقده نفسه بمعاشرة عاليا.
-سالم يشاغل إيمان برسائل عبر الواتس آب، وينتظرها أمام مدرستها، يعدها بإنفاق المال لمساعدتها في عودة سمعها، أوقفه إذا سمحت لأني أمنع نفسي عن صفعه بشق الأنفس، إنه لم يصُن معرفتي به ولم يتعامل معي برجولة فيحميهم، لقد سقط من نظري..
كلماتها عن سالم أزعجته وأخذها على محمل التلميح إليه هو، كمن على رأسه بطحة وسيتحسسها طوال الوقت.
لازالت عينيها تلتهمه بحسرة مضنية..تخفي انفعالاتها بحكمة مجبورة عليها..
شرد فيها وهي تغادر بعد أن أخبرها بأنه سيتحدث إليه، يرى سترها، وحجابها..كم هي بسيطة الحال..وكم تمنى أن تصبح زوجته دون المجنونة بمنزله..
حقا مجنونة..ببشرة بيضاء بغيضة..وجسد مغوي يستحق القتل..يجنب أفكاره الخانقة عنها..يجنب ماضيها في جانب مظلم من عقله.
يستمع لطرق الباب..لتعود أمينة مجددا إليه ..تناوله علبتين من دواء عاليا..فيعقد حاجبيه مستفسرا
-ما هذا؟
-دواء السيدة عاليا، لقد حصلت على علبتين وأوصيت على علب إضافية.
هل يسهب في أسئلته فيبدو كالمغفل، أم يصمت ليفهم من الأخرى؟
-ولماذا لم تخبرني لاشتريه لها؟
دب الأمل في قلبها..هو لا يعلم!
-الدواء غير متداول، يصرف بوصفة طبيب.
هب من مكانه يقبض على يديها فترتجف تحت كفه
-وما الذي يمنعها من جلب ورقة من الطبيب، هل الدواء ممنوع يا أمينة؟
تلعثمت من لمسه لها تتملص منه، وارتعشت مما فهمه جيدا دون أن تكمل
-لقد ترجتني عاليا ألا أتحدث في هذا الأمر مع أحد..ظننتك تعلم، ولولا ارتباطي بموعد هام ليلا لما أرسلته معك إليها، وذهبت في موعدي لها.
تتسارع نظراته المشتتة نحو مكتبه، كانت ستخرج أيضا بدون علمه، اليوم الأول الذي يدير لها ظهره ستخرج ودون إخباره..
يلملم ما نزف من كرامته أمامها، يصرفها إلى مكتبها..لتمر بعد ذلك ساعات العمل ثقيلة مرهقة..
إلى أن عاد لمنزله بوجه متجهم كالقبور..يراها تختض من رؤيته.
-هل أتيت مبكرا، أم يهيأ لي؟
يخرج من جيبه علب الدواء
يقذف بها إليها، لتقع عينه فوق فستانها المنبسط فوق السرير
-هل أنتِ على موعد مع أحد؟
يحمل الفستان ويضعه في خزانتها
-لقد وفرت عليكِ الوقت.
تترك فرشاة الزينة من يديها تستدير إليه ..ترتدي قناع السذاجة لا الخبث، وهي تفكر للحظات كيف وصل إليه الدواء، حتما هي" أمينة"
لن تسأله ..فيتخبط صوتها بكذبها..فقالت
-شكرا لك.
-أين كانت وجهتكِ؟
ترجع شعرها إلى الخلف بعصبية..
يفك أزرار قميصه يدعي اللامبالاة..
-لماذا تتناولي أقراص مخدرة يا عاليا؟
أسئلته الكثيرة تربكها..
لم تفق بعد من فعلة أمينة..لماذا لم تتحدث إليها وتخبرها بتأجيل الموعد أو تقديمه أو إلغاءه من الأساس، لماذا تعطي الدواء لعبد الرحمن..هل ترغب بعقلها الضيق في استرداده؟
-لا استطيع النوم بدونه.
ينزع حزامه بغضب..
-أنتِ مدمنة.
تصدع قناعها
-أنت لا تعلم ما أعانيه..لا..لا تعلم.
يمسكها من كتفيها..وقد انفجر المكان المظلم في الزاوية، لتتوالى الأفكار..دمائها التي صبغت يديه وهو يحمل سقطها، جنونها عندما تلقاها بيده يجلسها بالسيارة يوم أنقذوها من الاختطاف..
صوتها الصارخ ب
-أنا حرة..حرة..
فيصرخ هو الآخر
-أنا أعلم..أعلم كل شيء..كل شيء يا عاليا، ما كان يمنعني من زواجك هو معرفتي، ما كان يمنعني قربكِ معرفتي، ما يتأجج الآن بداخلي بسبب رؤيتي لكِ في كل الأوضاع المشينة..التي لا يتخيلها رجل.
يترك كتفيها، يتشرب كل نظرة انكسار من عينيها أمامه..ليست عاليا القوية..من تخطط، وتطوع الحديد بين يديها..
من يراها الآن امرأة عانت الخذلان.
يوليها ظهره متألما
كيف يرأف بحالها هكذا وهو من يتلظى بنار آثامها..
صوتها الخفيض يصله
-لازلت لا تعلم يا عبد الرحمن.
يلتفت إليها بغضب عارم، تشتعل حدقتيه بحنق مكتوم
-إذا أخبريني..اخبريني عن سبب يجعل طفلة صغيرة تتعرى عبر كاميرا هاتفها يوم زفاف أخيها في الحديقة..، أخبريني عن سقطكِ وأنت تحملين طفلا وأنتِ طفلة.
رذاذ كلماته الغاضبة بلل روحها حتى تعفنت، هو لا يعرف ما فعله كمال بها..ولا عن استسلامها بل وطلبها واستزادتها من تعذيبه..رضوخها وانكسارها له..
يردف بذات الغضب
-عما فعله كمال بكِ وقت اختطافكِ..أخبريني كل شيء.
كلماته التقريرية تقتلها.. لم تتخيل انكسارها أمامه بهذا الشكل، لم تشعر إلا بطعم دموعها المالح فوق شفتيها وهي تراه يعاني أمامها مما يعرف..فما باله بما لا يعرف؟
أخفت ظهرها عنه وهي تمارس حميميتها معه في الظلام لتعف نظره عن إثمها..
تظن نفسها بالذكاء القاتل بينما أول أمر كشف بمنتهى السهولة على يد أمينة..
كيف ارتجت حياة طبيعية معه وهي منذ ولادتها ليست طبيعيه..ولا حياتها..
تتمزق أسنانه تحت الضغط، قلبه يخفق بقوة، وعقله يعمل مشتتا وكأن الأيام الماضية التي أعطى له إجازة، عاد الآن إلى نشاطه وبأقصى ما يكون..
لقد تناسى وركض خلف مخططها واستمتع بها، ونسي بأن الماضي هو ما يبنى عليه المستقبل، نسي رفضه المستميت لها، وتوعده القاسي جزاء لما فعلت به.
يقف أمامها بغضب ظاهر وخزي مستتر أمام فعله هو الآخر..
الآن يحاسبها وقد أخذ منها ما أخذ..
أكان أجرا على موافقته بالاقتران منها..
انجذاب جسدي كما يخدر ضميره ويدعي..
الآن هو يشعر بنيران لا تفسير لها عنده..
-لماذا انت غاضب هكذا؟
زادت حدة نبرته ثورة عندما نكأت دائرة مبرراته، فاستوقفها بصوته العالي ليضعفها
-وكيف لا أغضب وقد زججتِ بي في لعبة لا يطيقها رجل، ولازلتِ مستمتعة بدور المرأة التي لا زوج لها تخفين عني الحقائق..لقد كنت كالمغفل أمام أمينة وهي تخبرني أنها على موعد مع زوجتي، بأن زوجتي تدمن الحبوب وأنا لا أعلم.
همست باسمها
-أمينة.
ثم ثارت هي الأخرى
-أمينة يجب أن تغادر العمل.
قال بتحدي غاضب
-لن يحدث.
تثور منفعلة بجسدها
-كيف تبقيها وأنت تعلم بأنها تحمل لك المشاعر.
-وكيف القي بها كما الكلاب بعد أن أمنتها وتركت عملها الآخر لأجلي.
هدأ فجأة
وقال بصوت خفيض ساخر
-ومن يجلب لسمو الأميرة عاليا احتياجاتها من الحبوب؟
يستمتع بتجمع الدموع في عينيها، احمرار وجهها..ينتفخ أنفها وتتحرك شفتيها باندفاع فتلجم نفسها بتردد..
يراقب تلك الانفعالات بهدوء زائف
-توقفي عن تناول تلك الحبوب، أصرف أمينة من العمل.
***
-لقد امتنعت عن القدوم إلى مدرستكِ.. إلا أنني شعرت بالحنين إليكِ كمن فقد غالي عنده..أعتذر إن ضايقتكِ يا إيما..أنا حقا وحيد..ليس لدي صديق..ولا أخ..أنهك نفسي في العمل ولا أملك الوقت لأحد..لكنكِ تقتحمين عقلي ..ووقتي..تعجبني رسمتكِ، علمت بأنكِ تدرسين في قسم الملابس الجاهزة..هل يدربوكن على تلك التصاميم الرائعة؟
كاذب..كلماته تقطر كذبا..ألم يخبرها بأنه يتحدث إلى النساء..وأنها من تدير الحديث وتتسبب له في ربط لسانه..
أين خاله..ألم يتربى معه؟ ..
تلك التساؤلات أنبئتها أنها في خطر..
وجوده التي اعتادته أمام مدرستها تفتقده..أحلامها التي بنت حولها حصون صنع فيها ثغرة صغيرة قد تهد الجدار كله....
رغم رؤيته عند مدرستها..وصورته على الواتس اب..إلا أن هيئته يوم عرس عبد الرحمن تلح على ذاكرتها كثيرا..
وكأنه..مجروح..
-إيما..هل تقرأين رسالتي؟
العلامة الزرقاء جوار رسالته أجابته بأنها تقرأ..
-أنتِ ماهرة في رسم الخطوط..والمنحنيات..لماذا لا ترسمي فتاة بالكامل لماذا أزياء فقط؟
ولماذا ترسم فتيات..تضحك على مخيلته الغير مهذبة حتى مع الصور..
حنين لاذع لوجوده حولها..تصارعه وهي تغلق التطبيق..
وتفكر
بينما هو أثارت الطرقات الهادئة خلف بابه حفيظته..
يفتح الباب ليباغته عبد الرحمن يسقطه أرضا ويكبل يديه من الخلف..يستند بركبتيه فوق ظهره..وفحيح الغضب يلفحه محملا بكلماته
-سمعة أبي..والمنزل الذي تسكنه، ليست للتلطيخ والقيل والقال با ابن أختي..تعلم بأني لا أحب الدلال الزائد..والدلال مع الصبيان يفسدهم، اترك الطريق الذي تسير فيه يا سالم وإلا أعدت تربيتك من جديد.
يحاول التملص منه إلا أن عبد الرحمن أوثق قيده، فيقول بغضب
-لا شأن لك بي..أنا لم أعد صبيا..أنا رجل قادر على إدارة حياتي جيدا
يديره عبد الرحمن إليه، فينظر إليه باستكانة تحته
-لست رجل..ولست بقادر على إدارة حياتك..وإلا انظر إلى ما وصلت إليه..أنت فقدت عقلك، توجهت نحو فتاة خرساء لا تستطيع فضح أعمالك وستصمت مجبورة عما ستفعله بها..انظر إلى سالم مدير الأعمال الذي يحبه الجميع الذي تزل قدمه نحو هوة السلاح التي ستبتلعك بلا رجعة.
تتسابق نظراته المكسوة بالخزي نحو خاله رغم مكابرته، فيردف عبد الرحمن وقد خانه فيض مشاعره
-افعل بي أنا ما شئت، لا تضيع مستقبلك..لا تفسد سمعتك..ضع في طريقي أشواك لأتعثر، اسقني العلقم وسأتجرعه برضا لكن لا تفسد نفسك..ولا أخلاقك، ولا تربية وتعب وسهر أمي عليك سنوات.
يستقيم يودعه بنظرة تحمل الكثير من معاني الهم والثقل..
يستمع لخطواته المغادرة ولازال يفترش الأرض بظهره..يشع ضوء المصباح في عينه وقلبه..صدره يعلو بأنفاس صاخبة..لقد هزته كلمات خاله ..
جدته التي تعبت معه وطالما غرزت فيه معنى الرجولة كما كان جده الذي لم يراه..لم ير رجلا في تلك العائلة كخاله..راعي البيت..والبيوت المتفرعة منه عندما تئن بحامليها..
يجلس من رقدته بتعب، وبصوت خالٍ من الحياة..يتجرع صلابة الأرض، يتعافى من كلمات خاله
"لماذا تزوجتها..لماذا هي بالذات!"
يستند إلى الطاولة ليقف وأفكاره تضايقه، هو حقا يدمر نفسه وليس خاله ..
صوت طرق على بابه يعيده إلى واقعه يرتفع صوته بحدة
-من؟
***
ينتقل إلى تطبيق الواتس اب، ليجد فستان جديد تضعه بديلا عن صورتها..وحالة الواتس خاصتها
-إذا ضاقت الأرض بالأمنيات فسماء ربي أوسع.
يمسح طرف أنفه باصبعه..يتحدث إلى نفسه
"ما هي أمنياتك إيما..ليتني اعرف"
تلتقط عينيه هذا السلاح الرابض على طاولته..فيستند بكامل جسده على الأريكة التي يشغلها..يكتف ذراعيه حول صدره..يفكر بالغد..مفكرا بأنه ليس الدرب الذي اعتاد سلكه..
عليه العودة منه الآن قبل أن يقطع الطريق
يتصفح الفيس بوك..فتمر عيناه على صفحات قد اشترك فيها منذ وقت قريب خاصة بلغة الإشارة ..
أنامل تسمع..
عيوب لغة الاشارة..
صدى الأصابع..
يشعر بالملل من تمرير عينيه بلا فهم.. ينتقل إلى تطبيق الواتس يحكي معها
-إيما..أنتِ هنا؟
-صفي لي شعوركِ عند فقدانك حاسة السمع.
يشعر بالشفقة تجاهها، فهو بكل من حوله لم يقدر أحد على مساعدته لتجاوز وفاة والديه، ماذا عنها وهي تفقد والديها ومعهم حاستي السمع والكلام.
-هل يزعجكِ رغبتكِ في الحديث مع إحدى أخواتك ِ في الظلام.
-إيما.
شعر بالممل من عدم استجابتها..
بينما هي ترى رسائله من نافذة الإشعارات دون فتحها..
تحمل الهاتف تقيِّم تصاميمها المحفوظة في هاتفها..
-احكِ لي معاناتك.
تبتسم بمرارة..فمعاناتها في بئر مظلم بلا قرار، أغلقته ولا تستمع لصداه.
رسائله مزعجة..حقا تزعجها..
ألا يمل..إنه كثير الكلام ..لحوح..لدرجة افقدتها صوابها..
-حسنا، طالما لا تريدين الحديث معي..سأتحدث أنا معكِ، سافتح لكِ قلبي كما لم أفعل من قبل.
تمط شفتيها بملل..فيرسل
-لقد اشتقت إلى أمي.
طريقة رخيصة لاستدرار عاطفتها..كشفتها..لكن..تأثرت بها..
-أتذكرها ورائحتها، حضنها الدافئ، وقت احتضانها رأسي واقترابي من نبضها، كنت أملك الدنيا وقد كانت كل الدنيا لي..
يتردد في وصف ما يريد، فتوقف عن إرسال الرسائل للحظات..
-عندما اقنعني خالي بالمكوث لديه يومان لحين عودتهم من رحلة..كان قد نال قرض حسن ليبدأ عمل جديد..فأراد أن يسعد أمي وأبي برحلة..قضت على حياتهم سويا كنت لم أتجاوز العشر سنوات
لا يعلم بأن الحديث عن الأمر سيرهقه..
ولم يكن يعلم أن بانتهاء حديثه سيرتاح هكذا..
يتحدث إليها في أكثر الأوقات سوءا بالنسبة إليه بعد مواجهة خاله
-هل رأيتِ أحد والديك إيما..باعتبارك الأخت الصغرى لأمينة.
توقف للحظات أخرى بحديث غير مرتب
-لقد جاء عبد الرحمن اليوم، وألقاني أرضا..وكاد أن يضربني لأجلكِ.
نال اهتمامها بما قال، فاتسعت عينيها تراقب كل ما يكتبه بنهم
-ذكرني بجدتي، وباسم جدي، نهرني عن سيري في طريق الحرام.
يشعر بالخطورة على نفسه من اسهابه في الحديث معها..لم تكن تلك خطته..
أنا آسف لو اقحمتكِ في شيء لا شأن لكِ به..أنا آسف إيما..أعدكِ بألا أتحدث إليكِ من جديد
وقبل أن يخرج وجدها متصلة، تقرا رسائله..بل..و..تكتب.
***
تجلس أرضا، في غرفتها..في وضعية اليوجا المعروفة..تحاول تصفية ذهنها..منذ زمن بعيد لم تقم بتمرينات اليوجا خاصتها..منذ أدمنت المهدئات..
تشتت في الذهن..هذا ما تشعر به الآن..غير قادرة على استعادة صفائها..
هذا الصداع الذي لا يتوقف..
تحاول التحكم في أنفاسها وهي في تلك الوضعية..لا تستطيع..أين إحساس الانسجام والانتعاش الذي كان يحفها عند المواظبة عليها..
منذ هاجمتها تلك الكوابيس اللعينة ..تذكرها بما حدث معها قديما، فباتت تخشى النوم..الذي سيتسبب لها في فتح نافذة على الماضي..
تجنب عبد الرحمن لها وفشل مخططاطها في تقريبه منها واحجامه عنها، لقد بدأت تمل من ذكره واسئلته التي توجعها.
زادت من جرعة المهدئات دون الرجوع لطبيبتها..حتى باتت تدمنها..
صوت فتح الباب جعلها تستدير تلقائيا نحوه..بوجه مغبر يدخل غرفته، صافعا الباب خلفه بحدة..
لم تتسائل أين كان ولا لماذا هو على هذا الحال..
تتجنب لحظات جنونه وهياجه..تجيب رنين هاتفها..فتصطدم بصوت أنفاس ..
تنتظر حديث المتصل فلا يجيب..
هتفت
-مرحبا.
لا أحد أجاب..
تتردد صدى الأنفاس في قلبها هلعا..لا تعلم لماذا انقبض قلبها وارتعشت..أغلقت الهاتف..توجهت نحو غرفته..
وجدته لايزال بثيابه..يرى انتفاضة مقلتيها فيسالها
-ماذا بكِ؟
جلست جواره، تحتمي باحضانه..تتفكك خلاياها بقربه
-لا شيء..أنا فقط..احضني يا عبد الرحمن.
ابعدها عن صدره الذي اخترقته..
-لقد ذهبت إلى سالم منذ قليل وفارت دمائي، ليس لدي مزاج لأي شيء الآن.
قالت تنازع خوفها، ملتهية باهتمام لما يقول..
-لماذا ذهبت إليه؟
يستند برأسه إلى وسادته
-كنت بحاجة لذلك، يجب أن يعلم بأن زواجنا ليس نهاية العالم..وأني لم أقبل بزواجي منكِ لأنقذه بينما هو يلقي بنفسه إلى التهلكة..فماذا استفدت أنا.
تطمئن نفسها..ربما المتصل سالم، أراد أن يغيظها أو يفزعها..ربما..
لكن انقباضة صدرها تنبئها بأنه ليس خيرا على الإطلاق.
لازالت كلمة تكتب تظهر إليه، عينيه متعلقة بها بسعادة..ينتظر بشغف ما سترسله له..
لحظات..وتوقفت عن الكتابة..ولم ترسل شيء..وانقطع الإتصال .
أصابه اليأس ليغلق هاتفه..
وإذا بصوت استقبال رسالة ، رقصت لها أوصاله
-هل أنا جزء من انتقام ما بينك وبين السيد عبد الرحمن..؟
يبتسم على نعتها عبد الرحمن بالسيد..
وتتسع ابتسامته لأنها أخيرا تحدثت إليه، لابد وأن لا يفقد هذه الفرصة..
لا بد وأن يخترقها..ينفذ إلى روحها..
-أنت نذل، عديم الرجولة ، لا تؤتمن..نحن ثلاث فتيات ليس لهن أحد، نكافح ونذلل الصعاب لننجو في ظل هذا المجتمع الذي لا يرحم..بدلا من أن تحمينا كجار ومعرفة عمل لأمينة .. تكون أول من يفكر في نهش لحمها، أنت لا تملك ذرة شهامة أو نخوة.
تتسع ابتسامته أكثر فأكثر
لازالت تكتب..لابد وأنها تجهز لسبابه مرة أخرى ..
-أي فتاة تلك التي ستهتم ببؤسك ورثائك لذاتك، سيد عبد الرحمن أراد راحة لوالديك وكانت وفاتهما حادثا، فتعلق الذنب في عنقه..وهل دبر لهذا الحادث أيها التعس، أنا أكره من يستدرون عطف الناس وشفقتهم..هل تريد مني لومه على شيء ليس بيده..بدلا من نعته بالأصيل لرغبته في الترفيه عن والديك من شقاء معيشتهم..أكاد أجزم بأنك سبب افتقارهم ونحسهم بولادتك.
يضم شفتيه بعد أن ذهبت ابتسامته..وشغفه لسماع المزيد
-تلعب ببنات الناس وتستحل أوقاتهن في رغي لا طائل منه، لقد ازعجتني برسائلك صدقا يا هذا، ليتك تعمل لكسب المال بدلا مما تفعل الآن من سفه وتضييع وقت.
تلبستها روح الشر عندما فطنت إلى أنها جزء من لعبة هو صاحبها
-المرة القادمة لن تشكو أمينة لخالك، بل سأقتص أنا منك في فخذك الآخر بدبوسي المدبب.
آخر ظهور منذ لحظات..
ماسورة قاذورات وفتحت..يجلس ينظر إلى الرسائل بانشداه..
وكأن أحدهم أغرقه بجردل مياة مثلجة فوق رأسه..
مرت لحظات وهو على نفس الوضعية..لا يصدق ما حدث معه للتو..من ..إيما
تتمطى لتبعد أثر النوم عنها، تزيح غطائها لتوقظ أخواتها..
تتفحص هاتفها اذ ربما هاتفتها إحدى صديقاتها بالأمس..
لتمر عينيها على صورته، وآخر تاريخ تحدث إليها فيه عدى عليه وقت طويل، لم يتحدث إليها منذ آخر مرة نهرته فيها..
يستحق..
تركت هاتفها بحدة وقد أثارت صورته حفيظتها..تقف لتتم مهامها اليومية..
تنظر إلى ساعتها البسيطة بترقب، فقد حان وقت مغادرتها إلى مدرستها..
تتمنى النجاح هذا العام..عامها الأخير الذي رسبت فيه لعامين على التوالي رغم سهولة التعليم وحبها له فهو ضمن هواياتها..
إلا أن وجود الطبيب الماهر العالمي الذي أتى مرتين لعامين على التوالي كان موعدها معه أهم من دراستها..
أمينة ترى هذا..ترى أن شهادتها ما هي ورقة ستزين غرفتها لكن بلا فائدة، فهي لن تعمل بها على أية حال.
تسير في طريق المدرسة وتشعر بمن يراقبها..
تشعر بعيون ثاقبة تخترق ظهرها..تمشي بثقة بثوبها الجديد الذي انتقته لها أميرة بالأمس وهي بصحبة أختيها..فأمينة نالت مكافأة بعد زواج عبد الرحمن..فقررت أن تهاديهن بملابس جديدة..
لا تلتفت ولا ترفع عينيها عن الأرض، تتابع وجهتها بثبات..
بينما عينيه المترددة لا ترتفع عنها، من يراها من بعيد لا يشك بأنها لا تسمع ولا تتكلم.
هذا الجسد الضئيل المتخفي بالثقة والمتحلى بالثبات..
جسد فتاة تعلم جيدا كيف تجابه الصعاب، مهما أنهكتها..
ينظر إلى بِنيته وهو يجلس داخل سيارته يراقبها..اليوم موعده مع فريق رياضة التجديف فقد قرر استغلال وقته كما نصحته، حسنا كما نهرته إيما.
كيف وهو ببنية اقوى منها لا يبدو بهذا الثبات..غاضب منتقم لا يرى الأمر سوى من وجهته هو..
أين هو من تفاؤلها..وطاقتها الهائلة المشعة..
يحك رأسه متذكرا.. لقد سبته..وتهكمت على وجعه..شفافية ملامحها لازالت مسيطرة عليه، ضعفها الذي تخفيه بقوة ردودها، تفاؤلها الذي حتما ينهار ولو للحظات مع مواجهة المجتمع..
عينيها الحية التي تتحدث وتعكس مشاعرها...
يراقب اقتراب سيارة منها توشك على الاصطدام بها..لكنها قفزت خطوات نحو الرصيف ونجت..
يرى السائق وهو يشيح بيده غضبا..يصرخ بها
-ألا تسمعين..لقد اشتكى الجميع من زامور السيارة.
لم تلتفت إليه فهي ببساطة لم تسمعه..تكمل طريقها لتدخل إلى مدرستها بهدوء وكأن شيئا لم يكن..
يحسدها على هدوء رأسها..وغاضبا من تطاول هذا البغل عليها..
نزل من سيارته..يتوجه ناحية سيارة الرجل الذي يكمل طريقه..يشير سالم إليه ليقف..أنزل الرجل..حاوطه بيده يشير إلى يافطة المدرسة الكبيرة التي تحوي اسم المدرسة وبجانبها"للصم والبكم"
فيبتلع الرجل ريقه يستحقر نفسه
-إن كانت هي صماء لا تسمع، فأنت أعمى لا تبصر..من في تلك المنطقة لا يعرف أن هنا مدرسة لهم..فمنهم الكثير حولك.
يستسمحه الرجل بأدب
-عذرا لم انتبه.
وكذلك هي لم تسمعك أصلا، حمدا لله أنها لا تستمع لكلمات متنمرة تزيد من سخطها.
-تنمر؟
هو لن يقف ليشرح له المعنى، لقد أخرج غضبه وكفى..
يركب سيارته مغادرا إلى موعده..
وصورتها وهي تقفز مسرعة لتنجو من موت محقق تحفر في رأسه تزيد من شفقته تجاهها ..لماذا لا يقوم أحد بتوصيلها؟
***
ارتعاشة باتت تلازمها طوال النهار وهي منشغلة بإعداد الطعام..وطوال الليل وهو جوارها يحظى بقسطه اليومي من الراحة..
لازالت تلك الأنفاس تؤرق راحتها، تقتلها صحوا، وتثير جنونها ليلا..
"كمال"
هكذا تردد اسمه في رأسها..لابد وأنه هو..
هل سيعود ليقتص منها، ليأخذ بثأر سلمى منها..
ليس لها ذنب فيما حدث لابنته..ليس ذنبها بأن"دائن تدان"..
تضع يدها فوق صدرها تثني قلبها عن القرع المدوي الذي يحدثه..
يتقلب ليراها مذعورة..يعتدل في نومه..
يستقيم يرفع رأسه على الوسائد..
يفتح النور جواره..
ليزعجه صوت أنفاسها..
-ماذا بكِ؟
يشهد انشطار روحها كل يوم وقت النوم..حتى بات هو من يحصل لها على المهدئات بنفسه..وبعيدا تماما عن أمينة..
يضمها إليه، يصارع شيئا بداخله
-تحدثي إلي يا عاليا..أخبريني عما يؤرق نومك ويقض مضجعك
نطقت الاسم الذي يؤرقها
"كمال.."
لا زال متفهما رغم حنقه، فهي تحدثه عن رجلها الأول وهو يبدي تفهمه واحتواءه في لوحة عبثية حالمة
-ما به؟
-لقد تحدث إلي.
يبعدها عنه بحدة متقنة
يراقب انطفاء روحها، هذا الهلع الذي لا يسكن بمهدئات ولا يشفى..
اثناه ذعرها عن نهرها..
أردفت وقد فطنت إلى حنقه عليها
-لم يتحدث إلي...لقد اتصل بي..استمعت لأنفاسه يا عبد الرحمن.
يضيق عينيه متمهلا في تفكيره، يخرج رده بطيء
-كمال في محبسه..وحتى إن خرج ..لا أظنه سيعاود الكرة مجددا، انسي الأمر.
يساعدها على الاستلقاء..يناولها المهديء الذي زادت من جرعته منذ أسبوع ..
-لقد شوه روحي، يعدني بالانتقام كل يوم بصوته الكريه، يأتيني في أحلامي كل ليلة، يمقت هنائي معك..يبغض استقراري مع رجل مثلك يحميني ويخاف علي.
يضحك بسخرية فتشعر به
-ألا تخاف علي يا عبد الرحمن..ألن تحميني؟
يربت على شعرها..
-نامي يا عاليا..نامي.
فتسكن بين يديه بعد حديث طويل، حفزت جميع خلاياه الغاضبة فبات لا يقوَ على النوم والاستكانة
-لقد عذبني، جلدني، استلذ بعذابي، انتقم من أخي بي، جردني من برائتي وطفولتي لأصبح عجوز متمرسة..تخيل..أنا تحملت الجلد، قيدت يداي، علمني بأن الألم يطهر الروح فيجعلها تستكين..وتخضع..علمني أن المتعة بالقوة وليس بالتفاهم والحب..أن الإكراه متعة وأن الرفض لذة..فكفرت بالنعيم واستصليت بالنيران.
بعض كلماتها كانت كالهذيان، والبعض الآخر كان يشتد جسدها متصلبا معها،..يرتفع صدرها بالشهقات بعد أن نامت..
وتتجمع عبرات ملتهبة على جانب عينيها..
وعلى ذات الضوء..رفع بلوزتها..يتأمل وشوم السياط فوقها، والتي يراها لأول مرة فاشمأزت روحه، يشعر بالغضب الشديد نحوها، ها هي تخفي عنه أشياء وقد ظن بأنها له كتاب مفتوح.
ينظر إلى وجهها بحاجبين معقودين ، يضغط أسنانه من هول ما سمع، متسائلا عما يجهله بعد.
يتردد في انفعالاته نحوها..
لا يبحث في الأسباب، وإنما يرى مصيبته أشمل وأوسع.
***
ترفع ايمان شعرها القصير تبعده عن عينيها، تبعد الغطاء عن أميرة لتوقظها، تهزها بحنان جارف رغم شعورها بشيء مقبض تجاهها، ترى اهتزاز جسدها ليلا وكأنها تتحدث إلى أحدهم.
عندما تقلق تجدها على ذات الحال، لا تعرف ما الذي يشغل أختها لكن شعور سيء يساورها.
تهزها مجددا فلا تهتم أميرة، وتلتفت لتوليها ظهرها فينكشف هاتفها الذي كانت تنام فوقه.
تمسك هاتف أختها تتفحصه، وعندما فتحت رسائل الواتس آب وجدت أسم رجل يدعى محمد، تجمعهم محادثة عبارة عن تسجيلات.
هي حتما لن تعرف مغزى حديثهم، فتفحصت المحادثة جيدا لتجد بينهم حديث عام هو زميل لها في الجامعة، وانتهت امتحانات نصف العام فيم الحديث اذا.
تركت الهاتف وقد تأكد حدسها، تخشى مصيبة تلوح في الأفق .
تهزها مجددا، وعندما اعتدلت أميرة انهالت عليها إيمان باشارات عصبية مشيرة نحو هاتفها
-هذه تربية امينة لكِ، تتحدثين إلى الشباب يا أميرة.
بهتت أميرة ولازال أثر النوم فوق وجهها، فأشارت ايمان
-فيم تتحدثين مع محمد هذا؟
شهقت أميرة ووضعت يدها على يد أختها تمنعها الحديث وكأن أمينة ستسمع الإشارات تكتم شهقاتها تتلفت حولها خائفة من وجود أمينة، حتما لم تغادر لعملها.
تشير لها بخوف
- هذا زميلي في الجامعة يرسل لي ملازم وأشياء دراسية.
أشارت إيمان بانفعال
-آخر حديث لكم كان ليلا، تسجيلات صوتية، هل يشرح لك المنهج أم ماذا؟
أزاحت عنها الغطاء لتقف متوددة من إيمان
-سنتحدث لاحقا يا إيمان، ليس هذا وقته، هل استيقظت أمينة؟
-وغادرت.
-حسنا، هو زميل لي في العمل والجامعة، كان يخبرني عن أشياء تخص العمل.
-اذا لتسمع أمينة المحادثات وتحكم بنفسها.
أشارت أميرة مسرعة
-لا، لا..أقسم بأني لا أفعل شيء خاطيء، فقط نتحدث عن العمل والدراسة والأصدقاء.
-اقسمي لي الآن بألا تتحدثي إليه مجددا، ما تفعلينه خطأ يا أميرة، أنتِ تتبعي خطوات الشيطان، أرجوكِ أمينة لن تتحمل صدمة منا.
قالت بلهفة لتسكتها
-أقسم لكِ بألا أعود للحديث معه..اتفقنا.
ثم طبعت قبلة سريعة فوق وجنتها وغادرت وهي تعي كذبها، لكنها لم تملك طريقا آخر.
تجلس الخالة فوقية جوار ايمان الصامتة، وجهها شاحب وكأنها تعاني أمرا ما.
هي لا تعرف الكثير عن لغة الاشارة فغالبية حديثها معها باشارات بليدة غير مدروسة تعلمتها من حديث اخواتها معها
وباقي التواصل بالعين، واللمس، بالتربيت والاحتضان.
عادت أميرة من العمل، القت السلام وقد بدت هي الأخرى شاحبة.
فقالت فوقية تلطف الاجواء بينما أميرة منشغلة بهاتفها، وايمان تتابع اختها بعينيها، الجو مشحون بينهم
-هل نصنع كعك الليمون، ما رأيكم؟
تحمست أميرة بشدة وقد وجدت أخيرا ما يلهي تفكيرها، وقالت
-لنعدها ونأكلها بعد الغداء، تكون قد عادت أمينة، لكن ليس لدينا ليمون.
خبطت فوقية على فخذها وقالت
-ولا أنا، كنت طامعة في أن أجده لديكم وقد نفذ رصيدي لأخبر عمكم سلامة.
قالت أميرة
-لتكن كيكة البرتقال، العم سلامة يحبه، لابد وأن لديكم برتقال.
-من شدة حبه له التهمه ولم يتبقَ سوى القشر، سنصنع كيكة قشر البرتقال.
قالت وهي تمد يدها
ناوليني هاتفكِ يا أميرة أحدثه، ليحضر معه برتقال وليمون-.
بحثت عن الرقم وضغطت زر الاتصال وناولتها إياه، فتتحدث إلى العم سلامة برسمية، وأنهت المكالمة بضحكة صاخبة لا يستطيع أحد إخراجها منها سواه.
كانت تعيد لأميرة الهاتف الذي أخذ يرن على الفور، لتظهر صورة ضخمة، صورة تعرفها جيدا..مهما مرت السنوات..
صورة جعلت قلبها ينقبض، وغيوم فاضت حولها بكآبتها القاتمة..
وجه نذير شؤم، يحل الخراب والموت فور رؤيته.
استردت منها أميرة الهاتف ولم تلاحظ أن فوقية رأت ما رأت..ولم تلاحظ اصفرار وجهها، ولا ارتجافة شفتيها.
هي نفسها استغربت من فعلته، يتصل على تطبيق الواتس آب فتظهر صورته التي يضعها خلفية لحسابه..
شعرت بالغيظ مما يحدث، فيكفيها ما حدث صباحا بينها وبين إيمان.
ضغطت الزر الأحمر تنهي اتصاله، فوجدته قد أرسل رسالة
-لقد تأخرت على العمل بسببكِ، لماذا لم توقظيني ككل يوم؟
لقد حاولت الإلتزام بقسمها لإيمان ولم تتحدث إليه، فيبدو أنه يتعجل صباحه.
أغلقت التطبيق، والانترنت عن هاتفها في دخول أمينة التي كانت لا تقل كآبة عن الجميع.
...
أنت تقرأ
بطل الحكاية
Mistério / Suspenseالجزء الثاني من Abasement(إذلال) تكملة لقصة عاليا وظهور ابطال جدد وقصص جديدة. لقراءة الجزء الأول من هنا https://www.wattpad.com/story/210517528?utm_source=android&utm_medium=link&utm_content=story_info&wp_page=story_details_button&wp_uname=HalaHamdy...