الفصل الثاني.
استوعبت ما فعلته للتو فانتفضت بعيدًا عنه وكأن حية لدغتها تركته وهرولت لأعلى نادمة على ما فعلت، كيف لها أن تبين ضعفها أمامه؟ هي لا تريد ذلك كان آخر شخص تود أن يراها بحالتها المزرية .
أما هو فلم يحركه ساكن، أخذ وقتًا كي يستوعب ما حدث، منذ متى أصبحت ضعيفة هشة لتلك الدرجة؟ تنهد بضيق ولم يدع الأمر أن يتخلل خلايا تفكيره مرة أخرى، صعد هو الأخر ودعا ألا يحدث شيء آخر يمنعه عن النوم.
مسحت دموعها قبل ولوجها لشقتهم، دخلت وهي تحاول رسم ابتسامة على وجهها، وجدت والدتها تقرأ في كتاب ما وهي جالسة في الشرفة، اقتربت منها وحيتها تحاول أن تبدو طبيعية، سألت عن والدها فأخبرتها بأنه مازال خارجًا، استأذنت منها ودخلت غرفتها،
بمجرد ما خطت قدمها الغرفة أغلقت الباب، وقد تحطم وجه الثبات وكأنه زجاج ألقيت عليه قطعت حجر فتهشم، جلست أرضًا ضامة ركبتيها إلى صدرها وتحيطهم بيديها، فقط تنظر للفراغ والدموع تعرف مجراها وكأنها تعودت على ذلك، أخذ عقلها يذكرها بما مرت به ، فتوقفت عما حدث قبل قليل، كم كانت بحاجة لدفء أحضانه تنتشلها من بؤرة أحزانها، كم ودت أن تبوح له وحده عما يعتل صدرها، ازدادت دموعها وما جعلها تتحسر أنه من كان قريبًا منها بات اليوم كالغريب،
ماذا فعلت وما الذي حدث جعله هكذا؟ قلبها يؤلمها كلام الجميع لها تجمع في أذنها، كل موقف مرت به يمر أمام عينها، الألم ينخر في قلبها وكأنك أحييت جرحًا لم يتعدَ على شفاءه يومين بل لم يكفيك فضمدته بالملح فاشتعلت كل خلايا الألم ولم تعرف ماذا عليك كي توقف الألم؟
هي لم تعد تتحمل كل هذا، هي لا تريد لأحد أن يتدخل في شؤنها، هي راضية ومكتفية بنصيبها وما أراده الله لها؛ لكن همسهم ولمزهم يجعل النيران تنشب من جديد ولا تستطيع إخمادها، دارت برأسها الأفكار كطاحونة لا تتوقف، تحاول ثبر أغوارها بالعصيان والتذمر على ما هي فيه؛ لم تعطيها الفرصة للتسلل إليها ونفضت عن رأسها، هبت واقفة عازمة على ترك الأمور لله فهو نعم المولى، ذهبت لتبديل ثيابها وأداء فرضها قبل وصول أبيها.
بعد قليل دخل يونس إلى المنزل و ألقى السلام على زوجته والتي كانت في استقباله بابتسامة واسعة، طبع قبله على رأسها وأخبرها أنه أشتاق لها، سألها عن صغيرته ، أخذت منه ما بيده من أشياء ووضعتهم على الطاولة وأخبرته أنها جاءت منذ قليل فتركتها تستريح، ذهب لإبدال ملابسة بينما هي ذهبت لتجهيز طاولة الطعام.
طرقات على الباب جعلتها تغلق مصحفها وتأذن بالدخول، وجدت والدها يطل عليها بابتسامته البشوش تبسمت له فاقترب منها وحاوطها بذراعه قائلًا:
- القطة مستخبية في أوضتها ليه؟
هزت سدرة رأسها وابتسمت وقالت:
- أبدًا يا بابا كنت بقرأ قرآن ومحبتش أقعد في البلكونة.
- هعمل نفسي مصدق، المهم تعالي نتغدا الأول وبعدين لينا كلام كتير مع بعض.
ذهبا لتناول الطعام والذي لم يخلوا من مزاح والديها شكرت الله على هذه العائلة الجميلة والتي هي عوض الله لها، انتهوا من طعامهم و وجلس هو وابنته في ردهة المنزل أمام التلفاز، نظر لها ولم يتحدث بينما فرت دموعها على الفور ولم تستطع كتمان ما بها أكثر، ككومة رمال هبت عليها ريح عاصف فبعثرتها ، قصت له ما حدث معها اليوم ولم تذكر كلام صديقتها فقط الفتاة التي اصطدمت بها، ربت على يدها في محاولة لتهدئتها وبثها بالأمان:
- احنا مش قولنا دا ماضي ونقفله، حتى لو هما الأتنين كانوا قدامك؟ ثقي إن ربنا اختار ليك الأحسن، احنا نزعل على اللي يستاهل مش شوية منافقين، لازم يقينك بالله وإيمانك بيه يكون قوي وإلا هتقعي والشيطان هيدخلك من مداخل كتير.
- عندك حق يا حبيبي، أنا واثقة في ربنا جدًا ومؤمنة وراضية بكل اللي كاتبه ليا الحمد لله.
- طب تعالي نشوف الست اللي في المطبخ دي أهو نساعدها في حاجة بدل ما هي مطحونة من الصبح.
أومأت له وذهبا لمساعدتها
🌸🌸🌸🌸🌸🌸
تجلس "جنة" بجانب زوجها بعدما انهوا طعامهم عقلها يفكر في "حمزة" الذي لم يخرج من غرفته منذ أن جاء من عمله، حينما دخلت عليه الغرفة تدعوه للطعام، رفض وتحجج بأنه ليس جائع هو فقط مرهق يريد النوم، لم تشأ الضغط عليه فاقتربت منه وقبلت جبينه ودثرته جيدًا وخرجت، نظر في طيفيها بابتسامة ودعا الله أن يبعد عنهم كل شر، انتبهت لصوت سدن وهي تمزح معها وتقول بدلال:
- شكل يا بابا الست ماما زعلانة عشان أنا قاعدة في حضنك.
ضحك الأب عليها وظل يمسد على خصلات شعرها بحب، وجه نظراته إليها مبتسمًا، اقتربت من ابنتها وامسكت بوجنتها بين يديها وقالت بمرح:
- لا يا ختي مش زعلانة أنا سيباه ليكِ بمزاجي.
علت ضحكاتهم عليها وتحدث مالك بعد أن غمز لها بطرف عينه بمشاكسة:
- الله أكبر جنة بتسن سكاكينها عليكِ يا سدن.
اعتدلت سدن في جلستها ثم اقتربت من والدتها وحدثتها بصوت هامس يحمل عبثًا بشيء لا يستطيع هو سماعه ثم فرت بعدها هاربة لغرفتها، فحاولت والدتها لحاقها وهي تتوعد لها، نظر لها بإستفهام، أجابته بضيق وغضب طفيف:
- بنتك عايزة تجوزك يا مالك، ماشي يا سدن وربي لأوريكِ واعملي حسابك مفيش مصروف بكرا وريني هتجيبي مولتو وهوهوز ازاي يا عيلة.
قالت أخر كلماتها بصوت عال حتى تسمعها من غرفتها، لم يستطع كبح ضحكاته فخرجت عالية تصدع في المكان، نظرت له بغيظ ولكزته في كتفه وحاولت القيام لكنه ثبتها جيدًا وضمها له وقال بنبرة يملئها الحب والهيام:
- يا عبيطة بتاخدي على كلام بنتك، هو أنا أقدر أفكر حتى في واحدة غيرك، هتفضلي زوجتي في الدنيا وفي الأخرة إن شاء الله يا جنة حياتي على الأرض.
بضع كلمات أثلجت صدرها وأرضت غرورها الأنثوي، فتبسمت له بحب وهمست له ببضع كلمات، ثم اندست بأحضانه واستسلمت لفعل يده التي عرفت طريقها لشعرها فأخذ يمسد عليه بحب، ذاك الشعور الذي يتغلغل للقلب فيبثه الطمأنينة وكأنك ملكت من السعادة ما ينسيك دنياك، فأحدهم أمتلك مفاتيح الفؤاد وثبر أغوار الروح فامتلكها بكل جوارحها.
أثناء حديثهم باغتها بسؤاله عن حمزة، فقصت له ما حدث منذ قدومه وأخبرته بشكها أنه ليس على ما يرام، ربت على رأسها وطمأنها أنه من الممكن أن يكون مرهق من ضغط العمل ليس إلا، دعت الله أن يخلف ظنها وتكون أموره بخير، أما هو فربط الخيوط ببعضها وحاول أن يصل لشيء لكنه فشل، نظر أمامه بإصرار في معرفة ما يحدث مع ولده، وقد عزم على شيء وانتوى تنفيذه.
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
أينعت زهرة السماء وألقت بأشعتها الوضاءة على الأرض تنيرها، توهبنا الأمل من جديد، تعطي للقلوب فرصة للحياة، تبثنا بطمأنينة وتعلمنا حكمة منسية' مهما طالت العتمة لابد لها من ضياء.
كان " عابد" وصل لمقر عمله وطلب من العسكري الواقف أمام الباب أن يجلب له كوبًا من الشاي، أخذ هو يتابع بعض الملفات التي تحتاج للدقة والتركيز، قاطعه طرقات على الباب أذن له بالدخول وضع له الشاي أمامه وبلغه أن مديره اللواء محسن يريده حالًا، تنهد بضيق واخذ إحدى الملفات وذهب إليه.
بعد انتهاء قائده من إلقاء بعض الأوامر إليه ذهب لمكتبه مرة أخرى يفكر كيف له أن يسافر ويترك والدته وحدها، هو لا يقوى على ذلك خصوصًا أنها مريضة، جالت بذهنه فكرة فأشرق وجهه وفرح قلبه ،حمدًا لله الذي هداه إليها.
ولج إلى غرفة والدته بعد أن أذنت له بالدخول، وجدها قد أغلقت مصحفها وضعته جانبها، اقترب منها وقبل أعلى رأسها، أخبرها بأمر المهمة التي وكلت إليه وعليه السفر كي ينجزها، دعت الله أن يحفظه ويجعل السلامة حليفته، حدثها وفي نفسه لا يريدها أن ترفض:
- بس أنا مش هبقى مطمن لو فضلتي لوحدك يا أمي، فهوديك عند أحمد هو أسبوع واحد بس إن شاء الله.
هزت رأسها نافيه كلامه فهي لا تحب ترك بيتها:
- بص يا عابد أنت عارف أنا مبحبش أسيب بيتي، أخوك ومراته بيشيلوني على كفوف الراحة بس أنا مبرتحش غير هنا.
- خلاص أحمد هيجي يقعد معاكِ هو ومراته وأرجوكِ يا أمي متعترضيش، خليني أمشي وأنا مطمن.
لم تجد مفر من الاعتراض، لا تريد أن تكون سبب تعب لأحمد فعمله بعيدًا جدًا عن هنا؛ لكن ما باليد حيلة وافقت كي يطمئن قلبه ولا ينشغل أثناء مهمته.
تركها وذهب لغرفته اجرى اتصالًا بأخيه الذي كان قد حدثه من قبل، اخبره ألا يقلق ويتركها على راحتها ووعده بمجيئه غدًا هو وأسرته، أخرج تنهيدة تدل على راحته غما كان يشغله هو عدم مكوث والدته وحدها، اتجه للمرحاض كي يغتسل ويؤدي فرضه ويذهب في ثبات عميق.
في فجر اليوم التالي جهز أشياءه وذهب لغرفة والدته وجدها مازالت نائمة، أيقظها كي تؤدي فرضها ونزل كي يصلي في المسجد.
أعدت له الفطور وأصرت على تناوله ، قبل يدها وجمع أشياءه ثم ودع والدته وخرج لأداء مهمته.
لم يتوقف لسانها عن الدعاء له، فعمله صعب لكن هي متيقنة بالله خيرًا ومستودعه ابنها عند الذي لا تضيع عنده الودائع
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
بعد ذهاب أزواجهم للعمل تجمعت الصديقتين وجلسا في الشرفة يتحدثون وكل منهم تحمل داخل طيات قلبها خوفًا يكاد يخنق روحها، تنهدت حورية بثقل وكأنها تحمل جبال من الهموم فوق عاتقها، تعلم ما تمر به صغيرتها لكن ما عاساها أن تفعل؟ كل شيء بيد الله وما عليها سوى الدعاء.
أما جنة فكان قلبها يتأكل على فلذة كبدها بكرها ومن تأملت فيه أن يسير رجلًا تفتخر به، منذ فترة كبيرة وأحوله لم تروق لها، تشعر بحدوث شيء معه لكنه لا يخبرها بشيء ويقول أن كل أموره بخير، حدسها يخبرها بالعكس أحست وكأنها تتأرجح بين الأمواج بأفكارها فعقلها يلقي بها في الأعماق وهي لا تقوى على وجود النجأة التي تريح قلبها قبل عقلها.
نظرت في اتجاه صديقتها وجدتها هي الأخرى شاردة فحاولت إزاحة الحزن المتعمق داخلها، سألتها ما بها طمأنتها الأخرى أنها بخير، لم يروق لها اجابتها واخذت تحثها على التحدث، تنهدت وقالت بحزن:
- ما أنت عارفة يا جنة موضوع سدرة، صعبان عليا حالها واللي بتواجهه مش شوية، خايفه يأثر عليها بالسلب وتيأس.
ربتت على كتفها بمحبه وقالت لها في صدق:
- خليكِ واثقة في ربنا، رب الخير لا يأتِ إلا بالخير، خليكِ جمبها بس وقويها ومتخليهاش تستسلم لشيطانها.
- بحاول والله يا جنة ربنا يقويها على اللي هيا فيه، بس قولي لي أنت كمان في حاجة شغلاكِ.
نظرت أمامها بشرود وقصت عليها ما تضمره في قلبها، أعتصر قلب الأخرى على ما أصاب أبنائهم، أخذتها في أحضانها علهم يداو ما أصابهم من الحزن والهم، أخبرتها بضرورة تشغيل سورة البقرة في البيت وفي يوم الجمعة ستطلق البخور عله يُذهب الشياطين من البيت ويطرد الحزن المخيم عليهم.
رن جرس المنزل فقامت " جنة" كي ترى من ، فوجدتها صديقة ابنتها هاجر ، رحبت بها وأدخلتها ثم نادت على سدن ، خرجت وقد فرحت كثيرًا لرؤية صديقتها، تبادلا السلام ثم تركتهم والدتها وذهبت حيث تجلس حورية واخبرتها بأمر هاجر تركتها وذهبت كي تجلب مشربًا لها.
جلسا على الفراش وقد فرحت بقدوم هاجر لها، أخذا يتحدثان في الكثير من الأشياء، لاحظت سدن شرودها في بعض الأحيان، حولت جذب انتباها إليها فأخبرتها بأمر نزولها هي ووالدتها كي يبتاعوا ما تريد من اجل الجامعة، نظرت لها هاجر في حسرة وتود لو كانت مكانها، دخلت إليهم جنة ورحبت بها ثانيةً وقدمت لها مشروبًا باردًا وبعد المقبلات، ربتت على يدها بحنان افتقدته هاجر كثيرًا تسألها على أحوالها وتطمئن على جدتهاظ ردت عليها بهدوء،
خرجت وما زالت نظرات الأخرى في طيفها بشرود، كانت تتمنى أن تفعل والدتها هكذا، أو على الأقل تتواجد معها، تذكرت حياتها وما يحدث معها ففرت دمعة من عينيها دون إرادتها تلتها الكثير ولم تعد تسيطر عليهم.
التفتت إليها سدن في خوف وظلت تحدثها لكن دون جدوى، لم تعرف كيف تتصرف؟ فجذبتها داخل أحضانها وظلت تربت على ظهرها حتى استكانت، فتحدثت من بين دموعها وهي لا تعرف لما قالت هذا:
- تعرفي يا سدن كان نفسي ماما تشاركني كل حاجة في حياتي زي بقيت الأمهات، نفسي بابا يسأل عليا ويكلمني ويطمني، يقولي أنا جانبك ومفيش حد يقدر يزعلك، عارفة والله أنا بحبهم جدًا بس مش عارفة هما ليه مش بيحبوني، أنا مش وحشة والله وكنت بسمع الكلام، معرفش ليه سابوني لوحدي مع جدتي وكل واحد شاف حياته، أنا بزعل أووي لما بابا يجي كل أول شهر يديني فلوس ويمشي مش بيحاول حتى يعرف أنا كويسة ولا لأ، هو مفكر إن طالما هو بيديني فلوس هبقى كويسة؟ أنا مش عايزة غير حضنه وبس، نفسي أترمي في حضن ماما وأعيط وهي تطبطب على قلبي وتقولي أنا جمبك، هو حضن الأم حلو يا سدن طب حضن الأب إحساسه إيه؟ يعني مثلًا لما مامتك تحضنك أحسن ولا باباكِ؟ طب أنا نفسي في حضن واحد بس مش طماعة والله، حضن بابا أو ماما، بس هما مايعرفوش أنا محتاجاهم أد إيه، هو المفروض أني اطلب منهم دا وأقولهم عايزة احضنكم؟ تفتكري ردهم هيبقى إيه؟ أنا مش ضامن ردت الفعل والله، بس نفسي يحسوا بيا وإني مش عايزة حاجة غير وجودهم جمبي واهتمامهم بيا.
نزلت دموعها على ما يحدث مع رفيقتها توجع قلبها فأغمضت عينيها واحكمت إغلاق فمها حتى لا تصدر منه المزيد من الشهقات، هي تعلم أنها تشتاق لوالديها؛ ولكنها لا تعلم أنها تحمل كل تلك الآلام داخلها،
ما أقسى شعور الاحتياج لحنان الأهل وهم على قيد الحياة، تشعر وكأنك في مهب الطوفان وحدك تواجه لا أحد يأخذ بيدك كي تنجى منه،
هي كانت تريد أن تحدثها في موضوع هام، وبعد ما حدث لم تجرؤ على التكلم فيه.
مسحت دموعها ولتوها تذكرت إنهيارها هي لم تحبذ إفضاء ما في جعبتها لأحد، لا تريد أن تحمل همها لشخص آخر، خرجت من أحضان صديقتها تبسمت لها وأخبرتها أنها بخير لكن عليها الرحيل حتى لا تتأخر، أماءت دون أن تعترض، سارت معها كي توصلها ، فقابلت والدتها التي خرجت لتوها من المطبخ، نظرت لهاجر ورأت معالم البكاء على وجهها، اقتربت منها وحدثتها بلطف:
- لسه بدري يا حبيبتي أقعدي أتغدي معانا.
ابتسمت للمرأة الحنونة وقالت:
- ميرسي يا طنط ربنا يخليكِ بس أنا اتأخرت على تيتة وهي لوحدها من بدري.
ربتت على كتفها وودعتها بمحبة ودعت الله لها كثيرًا.
جلست سدن على مقعد بجوار الباب وشردت مرة أخرى، الخوف يتأكل قلبها لا تريد أن يصيبها مكروه، نادت عليها والدتها تسألها ما بها، قصت عليها حال صديقتها وأخفت عليها الجزء الخاص بحديثها مع شاب يكبرهم بخمسة أعوام حتى لا تشوه صورتها في نظر والدتها، وايضًا كي تجد حلًا للمعضلة.
حزنت والدتها كثيرًا عليها، وغضبت من تصرف والديها، كيف لهم ان يتركوها هكذا؟ ألم يتأكل قلبهم خوفًا عليها؟ ألا يوجد لديهم ذرة رحمة أو شفقة تجاه المسكينة؟ أليس لدى والدتها شعور الأمومة تجاه فلذة كبدها، ألهذه الدرجة قست قلوبهم وأصبحت كالحجر أو أشد قسوة تالله فإن الحجر يهبط من خشية الله، ألم يضعوا الله في حسبانهم؟ آسفي على دنيا غرتنا وزحفنا إليها زحفًا وتركنا الآخرة وجنتها تضيع منا لأجل سراب.
لم تصدق ما فعلاه، دعت ألا يصيبها مكروه وأن يوفقها الله ويكتب لها الخير.
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
في مكان آخر كانت هذه الفتاة تقوم بإعداد الطعام بشرود وهي تفكر في الموضوع الذي لم يبرح ذهنها، أطفأت الموقد وخرجت كي تطمئن على جدتها وجدتها ما زالت على حالتها بيدها كرة خيط من الصوف وتغزل بها، اقتربت منها وجلست على حافة المقعد واخذت ما بيدها وضعته جانبًا، نظرت لها باستياء، فضحكت الأخرى ضحكة صغيرة على غضب جدتها الحنونة، أخبرتها أنها انهت الطعام وعليها أن تريح عينيها من التدقيق في الخيوط قليلًا، ربتت على خدها بلطف واستندت على يديها كي تذهب معها لتناول الطعام، جلست الجدة على طاولة متوسطة في المطبخ، بينما الاخرى تسكب الطعام في الأطباق،
بعد الغداء جلست الجدة تشاهد التلفاز بينما "نور" تتصفح هاتفها لفت نظرها إعلان مطلوب موظفين نفس تخصصها تحمست وبشدة ودونت الرقم وعلى الفور قامت بالاتصال بهم، ردت عليها فتاة وقد استفسرت أكثر حول أكور العمل أملت عليها أسمها وأخذت ميعاد لتقابل صاحب العمل، دعت الله أن يسدد خطاها هذ المرة
أثناء انشغالهم رن جرس الباب فقامت لترى من؟ فتحت الباب فأجفلت من الذي تراه أمامها ولم تكن تضع هذا في الحسبان...
يتبع...
🌸🌸🌸🌸🌸🥺
أنت تقرأ
شفاء الروح
General Fictionحينما تسقط ولا تجد من ينقذك فتفقد الأمل، ثم فجأة يأتي من ينقذك ويكون لك شفاء الروح❤