الفصل السابع عشر.
احيانًا تزهر دنيانا بعبير الفرحة فتغدقنا بلا حدود وكأنها الغيث الوفير الذي جاء بعد تلك الأيام العجاف، اليوم تستعد الحورية للذهاب لبيت زوجها، ستترك بيت أبيها الذي تنعمت في خيره وكان لها خير الأب، ستترك أحضان والدتها وتستقر في دفء بيتها، تركتهم كي تبني حياة برفقة من اختاره القلب والعقل، تزرع نبتة الحب ويروها سويًا بقطرات من العشق كي لا تموت، تؤسس مملكة تكون هي الحاكمة بجانب ملكها الذي يدعمها ويكون السند والعون، يساندون بعضهم كي يواجهوا سبل الحياة،
كانت جالسة بين الفتيات في غرفة داخل الفندق الذي سيقام به الزفاف، منذ الصباح وهي هنا برفقتهن، قلبها يتوق للقائه وأن يراها بثوب الزفاف، وشعور آخر بالحزن يتخللها لتركها والديها، لو بيدها ما تركتهم؛ لكنها سنة الحياة، كانت سدن مشغولة بهاتفها تحدث حمزة الذي لا ينفك عن تذكريها كل ثانية بما ستفعله، أما نور فهي مشغولة بثوبها وتتمم على كل شيء يخصها ويخص الفتيات، بعد قليل جاء اليهم عابد بطعام ففتحت له سدن واخذته منه، طلب مقابلة سدرة فأرادت المشاكسة وقالت له:
- أبيه مش حلو على فكرة انك تشوف العروسة دلوقتي خليها مفاجأة، ويلا بقى كلها ساعتين وتشوفها.
نظر لها بذهول حينما اغلقت الباب، عاد أدراجه صوب غرفته المخصصة له بجانبها دق على هاتفها فتناولته فورًا كاتمة ضحكاتها بسبب ما فعلته سدن، خرجت للشرفة كي تتحدث بحرية، نظرت لها نور ولا تقوى على ردع ضحكاتها فقالت لها :
- والله أنت مفترية فيها إيه لو كان كلمها.
- بس يا ماما أنت غلبانة كفاية الفون وبعدين يسيبها لينا شوية بقى.
أغلقت المكالمة وعادت اليهم بعدما حدثت عابد، البسمة تزين ثغرها فدائمًا هو بارع برسمها، تذكرت كلامته فأغلقت عيناها مستمتعة بذاك الشعور الذي بات يغلف جل جوارحها، كانت الفتاتان ينظران إليها بهيام مصطنع على ما تفعله، فكانوا يضعون أيديهم على وجنتهم بتسلية وكأنهم يشاهدون فيلم رومانسي، جلست دون ان تلاحظهم ولازالت ممسكة بالهاتف تتطلع به كل ثانية، حانت منها التفاته صوبهم فوجدتهم على تلك الحالة، نظرت مستغربة فسألتهم ما بهم، قامت سدن بعدما نظرت لنور واشارت لها ففهمت الأخرى ما تريد، جلسا بجانبها وكل واحده على جانب، توجست منهم فاردت للخلف قليلًا فقالت سدن بحنق:
" يعني أنا مردتش اخليه يشوفك تقومي تكلمية في الفون لا وإيه جاية مسهمة يا حنينة، قالك ايه خلاكي كدا يا سعدية؟؟ نوور بيقولك أقرصيها في ركبتها تحصليها في جمعتها.
ردت نور بمرح قائلة:
- أو لبسيها كيس واسرقي منها العريس، بس عشان احنا طيبين هنكتفي بقرصة عشان الغلبانة سدن.
لم تستطع التحدث حتى أنقضا عليها ممسكين بها ويحركون أيديهم على جانب جسدها بمرح، فعلت ضحكاتها ولم تقوى على ابعادهم ظلت هكذا حتى أوشكت أنفساها على الإنقطاع، ارتموا الثلاثة على الفراش بتعب ونظروا لبعضهم منفجرين بالضحك سرعان ما تحول لبكاء، عانقوا بعض بقوة فشقيقتهم سترحل، لا تجمعات بعد منتصف الليل، لا كوارث وثرثرة في الشرفة عقب صلاة الفجر، حزن قلبهم على فراقها لكن ما باليد حيلة لا يمكنهم سوى تمني السعادة لها وان تسير حياتها بمحبة ورحمة فيما بينهم،
أنت تقرأ
شفاء الروح
Beletrieحينما تسقط ولا تجد من ينقذك فتفقد الأمل، ثم فجأة يأتي من ينقذك ويكون لك شفاء الروح❤