الفصل الثامن عشر
يقف برواق المشفى ومشهد ألسنة النار وهي تتصاعد من المكان يمر أمام عينيه، محمد وهو يستغيث من ألام جسده المبرحة محفور بداخله، تذكر حين وصل وكان المكان عبارة عن سعير متأجج يجاهد رجال الإطفاء كي يسيطروا على الحريق، زاغت أبصاره من خول ما رأي؛ حيث محمد ملقى على الأرض وشاب آخر يلف حولة رداء سميك" بطانية" يصرخ من شدة الوجع، أقترب منه ومالبث أن يدني منه فاذ بسيارة الإسعاف قد وصلت، أدخلاه المسعفين السيارة وانطلقوا حيث وجهتهم، استفاق على يد والده مربتة على كتفه قائلًا في مواساه:
- قدر الله وماشاء فعل يا ابني والحمد لله انها جت لحد كدا.
رد عليه بصوت حزين:
- الحمد لله يا بابا بس محمد اللي زعلان عشانه.
- خير ان شاء الله ربنا يخفف عنه
خرج الطبيب أثناء حديثهم وأخبرهم بما أصابه، هناك بعض الحروق في قدمة من الدرجة الرابعة وتلك سببت له بعض الأضرار في الأوتار وسيكون هناك آثار جانبيه سوف يحددوها فيما بعد، تركهم الطبيب وهم في قمة الأسى مما أصاب هذا الشاب، حمل حمزة نفسه الذنب فهو يشعربتأنيب الضمير تجاهه، تركه والده قاصدًا الاستقبال، أما عنه فقد تاه في أفكارة التي أسقطته في أعماقها، وعقله الذي كسوط يجلد به نفسه، وقلبه وحسرته على حلمه الذي تبخر بالهواء، وضميره تجاه محمد، تكالبوا عليه ولم يرحموا ما يمر به وكأنه أسد جريح يناضل ويعافر كي لا يسقط فريسة للضباع، ضغط بكلتا يده على رأسه متأملا في انتهاء كل هذا.
على الناحية الأخرى كانت نور مستقيظه لم يزر النوم جفنيها، أبت الإستسلام له تريد أولا الإطمئنان عليه، لم يهاتفها مالك كما أخبرها، دارت بها الأفكار كأرجوحة متحركة ذهابًا وعودة، ممسكه بالهاتف عله يهاتفها ويرحم ضعف قلبها الذي على وشك التوقف، دعت ألا يكون اصابه مكروه، ظلت تدور حول نفسها في الشقة لا تقوى على الجلوس، وقفت فجأة تتطلع في الهاتف وعزمت على الاتصال به ويحدث ما يحدث، ضغطت على اسمه فهو قد دونه لها أثناء سهرتهم.
لا زال على وضعه ولم يتحرك إلا عندما رن هاتفه، أخرجه ناظرًا به بتمعن، لا يصدق أهو اسمها المزين على شاشة هاتفه، أهي حقًا تهاتفه، أسرع بالرد فجاءه صوتها به لهفه وخوف:
السلام عليكم،
- حمزة أنت كويس بالله طمني عليك
لم تجد رد فتسرب الشك لقلبها، دمعت عيناها كاتمة بيدها شهقة قد وصلت لقلبه فأشفق عليها ورد سريعًا يحاول طمأنتها:
- أنا بخير يا نور الحمد لله.
- بجد!!! طب عمو مالك قالي انه حصل حريق في الصيدلية طمني أرجوك.
رد عليها بانهاك وحزن وصل لجوارحها:
- الحمد لله على كل حال، محمد الحريق طال رجله ومش عارفين ايه اللي هيحصل، أما الصيدلية فهي بقت رماد.
تألمت لنبرته الحزينه فقالت بحنان وحب وثقة:
- شفاه الله وعافاه، الحمد لله على كل حال والمهم انك بخير وبعد كدا كله سهل بإذن الله.
تمعن في كلامها الذي احتضن قلبه فكان يطمع أن يرتمي بين ذراعيها الآن فتزول عنه الهموم، فحبها يتسرب لوريده شيئًا فشيئًا حتى بات يتشبع به، لا يعلم أنه سيمر بذاك الحب يومًا، لم يأت بخياله أن هناك من يستطيع اختراق جوارحة والسكن بين ضلوعه كما فعلت هي، إذًا ما كان قبلها إلا وهمًا وسرابًا مجرد التحقق منه يذهب هباءًا ،
أنهى معها المكالمة طالبًا منها أن تهبط حيث والدته فقد اخبرها مالك بالأمر، ودعته راجية من الله داخلها أن يحفظه.
أنت تقرأ
شفاء الروح
General Fictionحينما تسقط ولا تجد من ينقذك فتفقد الأمل، ثم فجأة يأتي من ينقذك ويكون لك شفاء الروح❤