عن أَبِي هريرة النَّبيّ ﷺ قَالَ: إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، ولنْ يشادَّ الدِّينُ إلاَّ غَلَبه فسدِّدُوا وقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا، واسْتعِينُوا بِالْغدْوةِ والرَّوْحةِ وشَيْءٍ مِن الدُّلْجةِ رواه البخاري.
وفي رواية لَهُ سدِّدُوا وقَارِبُوا واغْدوا ورُوحُوا، وشَيْء مِنَ الدُّلْجةِ، الْقَصْد الْقصْد تَبْلُغُوا.
5/146-وعن أَنسٍ قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ الْمسْجِدَ فَإِذَا حبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ فقالَ:مَا هَذَا الْحبْلُ؟ قالُوا، هَذا حبْلٌ لِزَيْنَبَ فَإِذَا فَترَتْ تَعَلَقَتْ بِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: حُلّوهُ، لِيُصَلِّ أَحدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذا فَترَ فَلْيرْقُدْ متفقٌ عَلَيهِ.
6/147- وعن عائشة رضي اللَّه عنها أنَّ رَسُول اللَّه ﷺ قَالَ: إِذَا نَعَسَ أَحدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي، فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فإِن أَحدَكم إِذَا صلَّى وهُو نَاعَسٌ لا يَدْرِي لعلَّهُ يذهَبُ يسْتَغْفِرُ فيَسُبُّ نَفْسَهُ متفقٌ عليه.الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة كالتي قبلها في الحث على الاقتصاد في العبادة وعدم الغلو وعدم التكلف وأن المشروع للمؤمن أن يصلي ويتعبد نشاطه ولا يتكلف ولا يضر نفسه ولا يغلو لا في الصلاة ولا في غيرها يقول جل وعلا: قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ [ص:86] ويقول جل وعلا: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، ويقول النبي ﷺ: هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون ويقول ﷺ: إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين ويقول ﷺ: إن هذا الدين يسر الله جعله يسرًا يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ [البقرة:185] ما جعلها حنيفة صعبة ولكنها حنيفة سمحة، أحب الأديان إلى الله الحنيفية السمحة ليس فيها مشقة، الله وضع الآصار والأغلال عنا بعدما كلف بها من قبلنا، ولهذا قال ﷺ: إن هذا الدين يسر يعني ميسر ولن يشاد الدين أحد يعني يشادد وأحد فاعل إلا غلبه يعني إلا غلبه الدين، الدين أقوى والدين واسع وأعماله كثيرة؛ فمن أراد أن يكلف نفسه بكل شيء من المستحبات مع الفرائض تعب وكلف نفسه، ولكن يأخذ ما تيسر، يصوم إذا تيسر النافلة، يصوم الأثنين، يصوم الخميس، يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، يصوم ويفطر يوم، بحسب التيسير أو لا يصوم بالكلية إلا الفريضة، وهكذا الصلاة يصلي الفرائض وما تيسر معها من النوافل من دون تكلف، وهكذا الصدقة وهكذا الحج وهكذا الصيام إلى غير ذلك، ولهذا قال: ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا يعني عليكم بالتسديد في العمل والمقاربة لما أوجب الله عليكم والحذر من الزيادة والغلو، وأبشروا بالأجر العظيم، وعليكم بشيء من الدلجة والغدوة والروحة وفي اللفظ الآخر: اغدوا وروحوا يعني سر في أول الليل وفي أول النهار، السير في أول النهار غدوة، والروحة في آخر النهار؛ ليستقبل النشاط، لأن السير في أول النهار أنشط للمسافر وفي اللفظ الآخر قال: القصد القصد تبلغوا فالمؤمن لا يتكلف بل يتحرى في العبادة جهده وطاقته ونشاطه من دون تكلف، وتقدم قوله ﷺ لما قال بعض الناس: أما أنا فلا أنام والآخر قال: أما أنا فلا أفطر، والآخر قال: أما أنا فلا أتزوج النساء خطبهم وحذرهم من هذا وقال: أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، ولكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني! ولما رأى حبلاً في المسجد مربوطًا بين ساريتين سأل عنه فقيل له: إنه لزينب تعلق به إذا تعبت وهي تصلي فأمر بقطعه وقال: ليصل أحدكم نشاطه فإذا تعب فليرقد.وهكذا في الحديث: إذا نعس فليرقد، فإنه ربما يذهب يدعو لنفسه فيسبها فالتهجد في الليل والتعبد يكون في النشاط لا مع العجز والفتور، فإن صلى وتعبد مع العجز والفتور مل العبادة وربما كرهها وثقلت عليه وربما تركها بالكلية، فالسنة هو أن يتعبد نشاطه في نوافل العبادة، الفرائض يجتهد فيها ويؤديها كما أمر الله، والنوافل حسب التيسير لا يشدد على نفسه ولا يكلفها ما لا تطيق هكذا ينبغي للمؤمن. وفق الله الجميع.