من: (باب فضل السنن الراتبة مع الفرائض وبيان أقلها وأكملها وما بينهما)
بابُ فَضْلِ السنَنِ الراتِبِة مَعَ الفَرَائِضِ وبيانِ أَقَلِّهَا وأَكْمَلِها وما بينَهُما
1/1097- عنْ أُمِّ المؤمِنِينَ أُمِّ حبِيبَةَ رَمْلةَ بِنتِ أَبي سُفيانَ رضيَ اللَّه عَنهما، قَالتْ: سَمِعْتُ رسولَ اللَّه ﷺ يقولُ: مَا مِنْ عبْدٍ مُسْلِم يُصَلِّي للَّهِ تَعَالى كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عشْرةَ رَكْعَةً تَطوعًا غَيْرَ الفرِيضَةِ، إِلاَّ بَنَى اللَّه لهُ بَيْتًا في الجَنَّةِ، أَوْ: إِلاَّ بُنِي لَهُ بيتٌ فِي الجنَّةِ رواه مسلم.
2/1098- وعَنِ ابنِ عُمَر رَضيَ اللَّه عنْهُما، قالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رسُول اللَّهِ ﷺ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، ورَكْعَتيْنِ بَعْدَ الجُمُعةِ، ورَكْعتيْنِ بَعْد المغرِبِ، وركْعتيْنِ بعْد العِشَاءِ. متفقٌ عَلَيهِ.
3/1099- وعنْ عبدِاللَّهِ بن مُغَفَّلٍ ، قَالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ: بَيْنَ كُلِّ أَذانَيْنِ صَلاةٌ، بيْنَ كلِّ أَذَانيْنِ صَلاةٌ، بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاةٌ وقالَ في الثَالثَة: لمَنْ شَاءَ متفقٌ عَلَيهِ.
الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة وما يأتي بعدها كلها تتعلق بصلاة التطوع مع الفرائض، وفي غير ذلك صلاة التطوع فيها فضل عظيم وتكمل بها الفرائض، وقد وعد الله عليها خيرًا كثيرًا، فينبغي للمؤمن الإكثار منها ليلًا ونهارًا، ومن ذلك صلاة ثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة.
في حديث أم حبيبة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها سمعت النبي يقول ﷺ: ما من عبد مسلم يصلي لله اثنتي عشرة ركعة في يومه وليلته تطوعًا إلا بني له بهن بيت في الجنة وهذه الثنتا عشر جاء في الرواية الأخرى تفسيرها وأنها أربع قبل الظهر، ثنتين ثنتين، هذه راتبة كان النبي ﷺ يحافظ عليها، قالت عائشة رضي الله عنها: كان النبي ﷺ لا يدع أربعا قبل الظهر، وربما صلى ثنتين قبل الظهر كما قال ابن عمر، لكن حديث عائشة وحديث أم حبيبة يبين أنه ﷺ في الغالب يصلي أربعا قبل الظهر فهي سنة، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح، هذه يقال لها الرواتب، وهي ثنتا عشرة ركعة فيها هذا الفضل العظيم أن الله جل وعلا يبني لصاحبها بيتًا في الجنة -إذا فعلها لله - وهذه يقال لها الرواتب، يستحب أن يأتي بها المؤمن والمؤمنة مع الفرائض، أربع قبل الظهر وثنتين بعدها هذه ست، وثنتين بعد المغرب ثمان، ثنتين بعد العشاء عشر، وثنتين قبل صلاة الصبح الجميع ثنتا عشرة ركعة، وإن صلى قبل العصر أربع فهو أيضًا خير، يقول النبي ﷺ: رحم الله امرأ صلى أربعًا قبل العصر سنة مستحبة قبل العصر، كذلك بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة كما في حديث ابن مغفل، إذا صلى بعد الأذان ركعتين، بعد أذان العشاء ركعتين، كله طيب مستحب قبل الفريضة إذا أذن صلى ركعتين بعد أذان المغرب، وبعد أذان العشاء، وإن صلى أكثر فلا بأس، كذلك سنة الضحى كما يأتي سنة مؤكدة، سنة الضحى، التهجد بالليل، التطوع في الليل من أفضل السنن ومن آكد العبادات كما قال جل وعلا في المتقين كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الذاريات:17-18]، وقال في عباد الرحمن: وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا [الفرقان:64]، وقال فيهم وأشباههم تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة:16-17] هذه جزاء أهل الخير والتهجد بالليل من المؤمنين.
وفق الله الجميع..................
من صلَّى في يومٍ وليلةٍ اثنتي عشْرَةَ ركعةً تطوعًا غيرَ فريضةٍ بنى اللهُ له بيتًا في الجنَّةِ.
الراوي : أم حبيبة أم المؤمنين | المحدث : ابن تيميةمن ثابرَ على ثنتي عشرةَ رَكعةً منَ السُّنَّةِ بنى اللَّهُ لَهُ بيتًا في الجنَّةِ أربعِ رَكعاتٍ قبلَ الظُّهرِ ورَكعتينِ بعدَها ورَكعتينِ بعدَ المغربِ ورَكعتينِ بعدَ العشاءِ ورَكعتينِ قبلَ الفجرِ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي
الحِفاظُ على أداءِ النَّوافلِ من القُرُباتِ التي يُحبُّها اللهُ تعالى، وقد بيَّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أنَّ المواظبةَ عليها تغفِرُ السَّيِّئاتِ، وترفَعُ الدَّرجاتِ.
وفي هذا الحديثِ تخبر عائِشةُ رضِيَ اللهُ عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال: "مَن ثابَرَ" ثابَرَ مِن المُثابرةِ، أي: المجاهدةِ والصَّبرِ، والمقصودُ: أيُّما عبٍد جاهَد نفْسَه وحرَص وداوَم وواظَب "على ثِنْتَيْ عَشْرةَ ركعةً مِن السُّنَّةِ"، أي: مِن النَّوافلِ والتَّطوُّعِ غيرِ الفريضةِ، "بنى اللهُ له بيتًا في الجنَّة"، أي: كان جزاؤُه أن يبنيَ اللهُ له بيتًا في الجنَّةِ، "أربعِ ركعاتٍ قبلَ الظُّهرِ" ، "وركعتَينِ بعدَها، وركعتينِ بعد المغربِ، وركعتينِ بعد العِشاءِ، وركعتينِ قبلَ الفجرِ"، وهذا تفصيلٌ لقولِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "ثِنْتَيْ عَشْرةَ ركعةً".
وفي الحديث: بيانُ الأجْرِ العَظيمِ للمحافظةِ على هذِه النوافلِ، وهو منوطٌ بالمواظبةِ عليها لا بأنْ يُصلِّيَ يومًا دون يومٍ