شرح بعض الأحاديث مع بعض الايات عن التوبة
3/15- وعنْ أبي حَمْزَةَ أَنَس بنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيِّ خَادِمِ رسولِ الله ﷺ، قال: قال رسول الله ﷺ: للَّهُ أَفْرحُ بتْوبةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ سقطَ عَلَى بعِيرِهِ وقد أَضلَّهُ في أَرضٍ فَلاةٍ متفقٌ عليه.
وفي رواية لمُسْلمٍ: للَّهُ أَشدُّ فَرَحًا بِتَوْبةِ عَبْدِهِ حِين يتُوبُ إِلْيهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى راحِلَتِهِ بِأَرْضٍ فلاةٍ، فانْفلتتْ مِنْهُ وعلَيْها طعامُهُ وشرَابُهُ فأَيِسَ مِنْهَا، فأَتَى شَجَرةً فاضْطَجَعَ في ظِلِّهَا، وقد أَيِسَ مِنْ رَاحِلتِهِ، فَبَيْنما هوَ كَذَلِكَ إِذْ هُوَ بِها قَائِمة عِنْدَهُ، فَأَخذ بِخطامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الفَرحِ: اللَّهُمَّ أَنت عبْدِي وأَنا ربُّكَ، أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الفرح.
فهذه الآيات الكريمات والأحاديث النبوية كلها تتعلق بالتوبة، التوبة من أعظم نعم الله على العبد، من نعم الله العظيمة أن شرع التوبة، فلو كان العبد لا حيلة له في سلامته من الذنوب لكانت المصيبة عظيمة، ولكن الله جل وعلا فتح له باب التوبة وشرع له التوبة حتى يسلم من شر ذنوبه وسيئاته الماضية، فهي واجبة عند جميع أهل العلم، يجب على من سبقت منه معصية أن يتوب إلى الله وأن يبادر بذلك كما قال الله -جل وعلا: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31]، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا [التحريم:8] فالتوبة لها شأن عظيم وفوائد جمة يمحو الله بها الخطايا ويحط بها السيئات، يقول ﷺ: والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة وهو سيد ولد آدم، قد غفر الله له، لكن من كمال عبادته لله يستغفر ويكثر من الاستغفار، يقول: والله يحلف وهو الصادق وإن لم يحلف إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة، ويقول في الحديث الثاني: يا أيها الناس توبوا إلى ربكم واستغفروه فإني أتوب إليه في اليوم مائة مرة هذا فيه الحث على التوبة والاستغفار، والله يقول -جل وعلا: وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى [هود:3]، ويقول: وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة:199].
فالواجب على كل مؤمن ومؤمنة التوبة إلى الله والاستغفار من الذنوب والحذر منها، ويقول ﷺ: لله أشد فرحا بتوبة عبد من أحدكم براحلته التي ضلها وعليها طعامه وشرابه ومعلوم شدة فرحه إذا وجدها، في بعض الروايات أنه اضطجع تحت ظل شجرة ينتظر الموت لما فقدها بينما هو كذلك إذا بها قائمة عند رأسه ففرح بها فرحا عظيما وقال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح، فالله أشد فرحا بتوبة عبده من هذا براحلته وهي واجبة على الفور، التوبة واجبة على الفور لا يجوز التأخير، يجب البدار بالتوبة كلما ألم بذنب يجب أن يبادر بالاستغفار والتوبة، وشروطها ثلاثة: الندم على الماضي، والإقلاع من الذنب، والعزم ألا يعود فيه.