الفصل الحادي عشر

38 9 0
                                    

فَنى العُمر بنا ونحنُ نتخيل أشياء تحدث، ولم تحدث، الأفكار بخيالنا تلاعبت بنا، والواقع المرير هزمنا، ولم نجد أنفُسَنا سوى ومُعلقين بين الدنيا وأحلامنا، التي لم تتحقق.

_________________________

وبعد مرور سبع سنوات.

مرت سبع سنوات عُجاف وفنى بهم العُمر وهم يبنون الأحلام لملاقاة بعضهم، لكن الأحلاهم شُوهت وذهبت أدراچ الرياح، اليوم وبعد سبع سنوات تجلس - نور - في غرفتها بـ منزلها الذي أستقلته بعيدًا عن أهلها مع أصدقائها، وهي تتابع صورهم سويًا عندما كانوا بـ المراهقة، بسمتهم التي لم تغادر أفواههم فرحتهم بأجتماعهم دومًا سويًا، لكن الآن هم ليسوا كما أعتادوا أن يكونوا سويًا !
اليوم الذكرى السنويه لرحيل - سدن - و - وعد -
- سدن - التي أنتقلت لجوار الله، و - وعد - التي هربت مُبتعدة عنهم بكامل أرادتها.

ألتفتت نحو الباب حينما علمت بـ دخول أحدهم ولم يكن سوى - مليكة - التي نبثت بهدوء:
- أنتِ لسه قاعدة عندك يـ نور !
وأقتربت منها تتفحص ما بيديها فوجدت عدة صور بسيطة تجمعهم جميعًا حينما كانوا سويًا، فـ زفرت هاتفة:
- لسه معاكي الصور دي؟
أجابتها بأعيُن تلمع بها الدموع:
- مش باقيلي غيرها يـ مليكة.
نظرت - مليكة - لتلك الصور فـ شعرت بألمٍ حاد يغزو قلبها، وهي تتابع ملامح - سدن - و - وعد - التي أفتقدتهم بشدة!
لكنهم ذهبوا أخذين معها جُزءًا ليس بهين من روحها.

فـ بعد موت - سدن - مر عامين ولم تأتي - وعد - لزيارتهم مرة واحدة بـ المصحة، وكان الطبيب - ياسين - يفشل دومًا في الوصول إليها، مما زادهم ذلك أصرار؛ لأتمام علاجهم للخروج من المشفى، ورؤية - وعد - صديقتهم ليضموها إلى  قلوبهم فقط ويستشعروا نعمة وجودها بينهم إلى الآن!
تتذكر جيدًا ذلك اليوم الذي خرجت بهِ هي والفتيات واللهفة والسعادة التي أنشدت على وجههم، وركوضهم نحو بيت - وعد - للأطمئنان عليها بلهفةِ قلوبٍ وجلة.
لكن بـ وقتها أستقبلهم - مُصطفى - مُتمتمًا بما كسر قلوبهم:
- وعد مشت من أسكندرية بعد الثانوية العامة، وأخدت جامعتها في القاهرة يـ مليكة، ولما وصلت بعتتلي مسج، قالتلي فيها أنها عايزة تبعد عننا ومش هترجع تاني أبدًا، وفعلًا أنا حاولت أوصلها كتير ومعرفتش، حتى أسمها معدتش موجود في جامعتها وحولت عشان مقدرش أوصلها.

وبرغم من علمها بما كان يفعله - مصطفى - بـ - وعد - إلا أن يومها أستشعرت نبرة - مُصطفى - الموجوعة على رحيل شقيقته!
وعادوا خالين الوفاض وأستمروا بـ البحث عنها كثيرًا بـ القاهرة لكن لم يجدوا لها أي أثر
وزاد ذلك من كسر خاطرهم.

ولجت - مِسك - إلى الغرفة وهي تقول بـ:
- أنتو لسه قاعدين ليه، يلا ياسين ومصطفى جُم وقاعدين برا مستنينا !
أومئت لها - نور - بهدوء وأخذت تُلملم تلك الصور وقامت بوضعهم بأحد الادراج، وخرجوا فـ وجدوا بـ الفعل، - مصطفى - و - ياسين - جالسين بـ الصالون يتنظروهم، وقد كانوا جميعًا مُتلحين بـ الأسود أحترامًا لمكان ذهابهم
وخرجوا جميعًا من الشقة لذهابهم لزيادة - سدن -

لا أُريد حُبًا يَقتلُني.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن