الفصل الأول

394 17 61
                                    


تحركت خلف خطواته وهو ينزل الدرج في مبنى عيادتها الخاصة ، وخلف كل ثانية بدقات ساعتها تجمعها به .. خلف الحنين .. خلف الموعد الذي جاء على غير .. موعد.

يتحرك حكيم بأناقته الحيوية واعتداد رجولته نظراته ترصد كل ما حوله بدقة متناهية .. عقله يعمل كحاسوب طبيعي يعالج ما يراه بسرعة بالغة ليقرر التصرف ، وقلبه .. قلبه يشتاق لضم الأنثى الوحيدة التي رأى في عينيها روحه.

الأنثى التي كانت ذكرياتها دفء ثلوج موسكو وهى تناديه

" حكيم "

توقفت خطواته قبل مدخل المبنى ليستدير .. ونظرة من عينيه السوداء تملك سحر الرجولة في عينيّ الصقر.. سحراً شامخاً باتراً بملامحه

وحروف اسمه الذي تأبى نطقه إلا بهمسة واحدة حين رأته من بين تلك الشفتين فخ من نجمة تنافس نجوم كتفيه ..
لكنها تلك الأنثى التي تقف عند مداخل الأسئلة وتجيبها .. تلك التي ترشد بثبات .. تساعد بضمير .. وتمنح بقلب ..

تلك التي تنظر إليه بعينين من قلب الجمال بين حرفين متتاليين يبدآن عشق .. وغضب
حتى سألت

" قولك وحده يفتح أسئلة لا حصر لها .. ادرك أن الأمر له علاقة بعملكم لكن ما دخلي أنا ؟! "

ظل حكيم صامتاً !.. قلبه ينقبض طارقاً صدره وكل ذكرى بينهما تومض وهو يوقف الصورة قليلاً !

يريد لحظات يتأمل فيها وجهها دون اضطراره للانتباه أولاً لكل شيء حولها .. لحظات يحفظ هذا النضج الفاتن بعد سنوات العذاب .. لحظات بطء فقط يكون فيها عاشقاً قبل كونه ضابطاً لا العكس

يمر بعينيه على حلتها البيضاء وكنزة وردية تحت سترتها الكلاسيكية من سحر حبها للألوان .. لطالما كانت تجيد اختيارها مبهجة لعيني حالاتها .. ما رآها ترتدي الأسود إلا نادراً .. فأنثى مثلها الأسود لا يليق بها
هى أنثى الربيع بلا جدال .. ولا قتال نفسي داخلها إلا بعدما رحل هو .. يعرف ..

بحركة غريزية تحسس سلاحه تذكيراً ثم قال بتلك الرسمية

" ستفهمين كل شيء حين نصل منزل اللواء كارم "

ظلت روزان صامتة !.. بدت أنها تحتاجها أكثر منه !.. تحتاج أن تواجه الذكريات التي تصحو وتندفع .. تقبض يدها على لمسة قديمة لخصلات شعره السوداء الكثيفة .. تغمض عينيها على نظرة وداعٍ أخيرة .. ويرتجف جسدها لعناقٍ خطفه على جسده الصلب يوم ضمتها ذراعاه فشعرت أنها تُحفَر داخله ..
تحتاج أن تصدق وجوده بقلب العاشقة لا بعقل الطبيبة .. ثم تنكر هذا الوجود بكل ألمها !

قلبها يخفق بقوة كأنه يتشقق بالذكريات حين ذكرته أن لواءه لها أب

" تقصد منزل أبي يا سيادة النقيب ! "

روزان للكاتبة نورهان عبدالحميدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن