الفصل الثاني عشر

352 15 13
                                    


قبل ساعات ...


في أحد المنازل الآمنة حيث تم نقل ابنه وقف اياد يراقب من بعيد كعادته ، يراقب مختصين اللغة والسلوك لإعادة تأهيل طفل لا يستوعب إلا أن اسرائيل كل أهله ، فلم يقدر على إحضاره إلي منزل ' عاصم حكم ' الآن ، ولم يقدر على الاقتراب منه وهو مستيقظ ، كل ما يربطه به دقائق اثناء نومه يأخذه في حضنه ويشم رائحته عسى أن يجد به رائحة يألفها ، وللغرابة لا يجد إلي الآن ، فلا يعرف أتأبى نفسه التصديق ، أم ما يسمعه منه يصنع بينهما حاجزاً صعب كسره سريعاً ، حتى فحوصاته المُفتَرضة رفضها إلي اللحظة.


وها هو أمام ابنه لا يعرف ماذا يفعل معه وماذا يخبره ، يشاهد ما يحدث كأنه غريب ، يرى ريحان وهى جالسة معه على العشب الأخضر للحديقة الصغيرة تغمرهما الشمس في لوحة دافئة جميلة مثلها ، تحاول أن تتحدث معه فيبكي ليعود إلي غرفته وألعابه ، تحاول إلهاءه بالألعاب والحلوى فيصمت قليلاً وهو يسألها ببراءة ملامحه


" أين سيري ؟.. لم تأتِ منذ أيام كثيرة .. هل هى في العمل ؟ "


مسحت ريحان الدموع الخائفة عن وجهه الأبيض الجميل مبتسمة تسأله بالعبرية


" مَن سيري ؟ "


بدا انه يستكشف اللعبة التي بيده باهتمام غريب ويرد


" سيري مربيتي .. سيريـ .. نا "


اتسعت ابتسامتها وهى تسمع الحروف المعلقة المتقطعة ثم انتبهت إلي اللعبة المكونة من مكعباتٍ للحروف والأرقام وما يقابلها من أشكال فأخذت ترص منها أمامه مكونة بعض الكلمات البسيطة


" هل تحفظ الحروف الانجليزية ؟ "


اومأ الولد ثم غناها وانتهى مصفقاً لنفسه ثم أخذ يعبث بالمكعبات وهو يغني أغنية أخرى ، وعيناها تنتقل بينه وبين اياد في صمته وهمومه ، إلي أن كون الولد رقماً وثلاثة اسماء فانتبهت ريحان إليه وهو يشير لما انجزه


" هذا عمري .. هذا اسمي .. هذا اسم سيري .. هذا اسم بيتي اسرائيل "


نظرت ريحان إلي المكعبات المتجاورة بقلق بينما يخبرها بصوتٍ طفولي كلاماً محفوظاً يكرره كثيرا


" قالت سيري أن اسرائيل هى أمي وأبي وهى مَن تحميني وعليّ حمايتها حين أكبر "


تناثرت المكعبات فجأة فانتفض الولد مختضاً حين أبعدها اياد بحذائه لينخفض أمامه قائلا بالعبرية


" لا يوجد بيت يسمى اسرائيل هل تفهم ؟.. لا يوجد بيت اسمه اسرائيل "


علا بكاء الولد خوفاً مجدداً وهو يبتعد عنه للخلف ثم ينهض متعثراً فتلقاه أحد المسؤولين عنه واستأذن ليدخل به المنزل فوقفت ريحان جواره بهدوء

روزان للكاتبة نورهان عبدالحميدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن