الفصل السادس

235 15 23
                                    

حل صباح اليوم عليهم في هدوء عجيب ، هدوء المجنون الذي وجد ظاهرة خارقة فظل شاخص البصر عليها ، ينام افرايم على الأريكة ممسكاً اللوح الالكتروني يلعب بكسل في تلك الشقة التي يقيمون فيها ، بناية في منطقة هادئة متوسطة لصاحبها تاجر الأدوات المنزلية صاحب المعارض الكبيرة مستوردة الأغراض ، وصاحب الاقتناع أن علينا التعايش في سلام بعد معاهدة السلام وطي صفحات الماضي بمَن قُتِلَ فيها فالأحياء أولى ، وبداية السلام تعاملات وتجارة ! ، فظل يتعامل معهم حتى احتاجوه يوماً للإقامة في بنايته بسرية تامة فرحب بهم ترحيب المضيف الكريم بضيفه بعد أن أخذ مقابلاً مادياً مهولاً يجعل الماضي في طيات النسيان بالفعل !

اختياراً موفقاً لمكان الإقامة إذ لن يشك أحد بوجودهم في إحدى شقق هذه البناية التي يسكنها التاجر مع زوجته وبناته الثلاث وباقي العائلة في شقق متفرقة ، ومع التأمين الفائق الذي أحاط به افرايم الخطوط ووسائل الاتصال أصبح من الصعب العثور عليهم على الأقل في هذه الأيام الأولى من العملية

من إحدى الغرف حيث ينام موشيه الصغير اندفع شارون إلي البهو يسأله بالعبرية غاضباً بقوة

" هل حدث هجوم بالأمس على منزل كارم دوير وتم تفجيره ؟! "

يحدق في وجوههم وكل منهم جالس في واديه يتابع ما حدث ، مشكلته أن ما حدث لم يكن بعلمه ، وتجن ملامحه المتبلدة أكثر وهو لا يجد منهم تساؤلاً

لم يكن اسمه فقط المتشبه بالسفاح الحقيقي بل جسده البدين وملامحه الغليظة الكارهة لكل شيء عدا نفسه
هز ناحوم رأسه مؤكداً مشيراً بعينيه إلي افرايم الذي يتكئ مرتاحاً على الأريكة العريضة يلعب بجهازه اللوحي بلا اهتمام فوقف أمامه يسأل بحنق

" هل جننت .. هذه ليست طريقتنا في هذه العمليات .. مَن أمرك بهذا ؟! "

قال افرايم دون أن يعيره نظراً أو اهتماماً

" أولاً كل الطرق تؤدي إلي روما .. اقصد إلي موتهم !.. ثانياً أنا لا آخذ أوامر من أحد .. لقد كان رداً على قبضهم على رجالي وهدية للعزيز يوسي "

التفت شارون إلي يوسي حيث يجلس بهدوء كاره محتفظاً بمظهره المتدين اليهودي التقليدي واضعاً طاقية الكيباه الصغيرة البيضاء ذات الخطوط الزرقاء على رأسه ذو الشعر الأشيب ، مرتدياً شال الطلِّيت الأبيض بنهايتيه الخطوط السوداء الذي لا يفارقه بأي مكان فقال

" كان يجب أن يُشَتَت شمل كارم دوير وابنائه ويُهدَم منزله وتهتز صورته القوية بعمله فيخسر كل شيء قبل موته "

الحقد بداخله طفح على وجهه وفاق حدود السنوات التي انتظر فيها ليأخذ انتقام مقتل ابنه الذي عاش يحلم بعودة سيناء ملكاً وحقاً خالصاً لاسرائيل .. مات في سبيل وطنه الغالي اسرائيل ألا يستحق انتقاماً بقدر تضحيته ؟
لكن يبدو أن شارون له رأي آخر إذ صرخ فيه

روزان للكاتبة نورهان عبدالحميدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن