الفصل الرابع

235 18 18
                                    

" أهلا عزيزي اياد .. كنت واثقاً في ذكائك لمعرفة مكان اللقاء .. الآن فقط تبدأ عملية القائمة تسعة "

في موقفٍ كهذا يختلف كل شيء باختلاف الواقف فيه ، باختلاف الطرف المقابل .. باختلاف الألم والضغط الواقع عليه ..

أحياناً يعجز العقل وهو يحارب للتفكير ، وأحياناً ينغمس ويستسلم للنهاية أياً كانت دون الإتيان بمقاومة ..

وهنا .. طرد إضافي عليه تسلمه بأمان وسط الأسلحة ، طفل صغير يرقد أمامه لا يعرفه بعد

لكن مَن يعرف ' اياد حكم ' حقاً سيدرك أن عقله يعمل الآن بشكلٍ آخر .. يبحث عن ثغرة !

كل موقف في هذه الحياة فيه ثغرة ، كل نظام أمني معقد ، كل نسق ممنهج مرتب ، كل قانون ، كل دستور ، كل اسلوب ، وحتى كل علاقة مثالية روتينية.

وذلك العقل ملئ بالأبواب التي يستطيع فتحها وغلقها كما يشاء .. ويعرف انه لينجو عليه إغلاق أبواب الألم ليفتح لشراسته الباب بقوة

لذلك كان واقفاً وسط عشر رجال مسلحين بكل ثقة ، عيناه على وجه افرايم دون أن يغفل أيادي الرجال أمامه وجواره على الأزندة ، دون أن يغفل دراسة المكان المهجور حوله بسرعة فائقة

ضحكة افرايم الواسعة ما زالت تشق فمه الذي سأل باستمتاع مستفز بلغته العربية السليمة

" أنت بالطبع تريد أن تفهم كيف بقي ابنك على قيد الحياة رغم أنك وجدت جثته مع جثة زوجتك وابنك ؟! "

ألحت الصورة الدموية على عقله ببشاعة .. شديدة البشاعة .. حتى تساءل يومها كيف يمكن لمخلوق أن يصل لتلك الدرجة من الوحشية ؟

رغم أنه كان يسمع ما يحدث في فلسطين إلا أن الرؤية لها فجيعة أخرى
وحان موعد معرفته كيف تمت فجيعته

" الأمر كان خدعة بسيطة .. مولود من جاسوسة كان لابد أن يموت مقابل مولود أردته أن يعيش .. أجرينا عملية ولادة سرية لزوجتك قبل ذبحها .. أخذت موشيه .. ووضعنا جوارها المولود الآخر مقتولاً .. ولثقتنا بهول الصدمة عليك وبقوة اياد حكم الذي لن يجعل أحداً يمس زوجته وابناءه الموتى تراهننا أنك لن تكشف الأمر وستتدبر كل شيء لدفنهم مباشرةً .. ما رأيك ؟! "

كان حتى الوقوف الآن يبدو صعباً ، والأصعب تلك النار التي تشب .. تشب .. تشب .. حتى ارتجف جسده لا إرادياً بوضوح كأنه ينفض الشرارات

ورأسه يتلوى يمينا ويسارا بملامح مخيفة كأنه يستعد للقتال فيتابع افرايم بأسف مصطنع

" الدنيا نرى فيها عجائب صحيح ؟!.. الأمر كان فكرتي أنا .. وأنا اخترت اسم موشيه لولدك .. يعجبك أليس كذلك ؟! "

كاد الغضب يمزقه وهو يضغط فكيه معاً محاولاً التركيز لكن عضلاته تتشنج وأنفاسه تلهث ودماءه تغلي فأشار افرايم بيده وهو يقترب منه قائلا بدموية

روزان للكاتبة نورهان عبدالحميدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن