|هوانغ هيونجين |" لم أعتقد أبداً بأنه سيكونُ بمثل هذا الإتساع والشكل " تمتمَ ايان بهدوءٍ وتأمل بينما تعاودُ الأمواجُ مداعبةَ أقدامنا .. ها نحنُ ذا أمام البحرِ مباشرة بحيثُ ترتدُ أمواجهُ على أقدامنا , نقبعُ في مكاننا هذا منذُ دقائق بسكونٍ وتأمل مرهقان بعد قرابة الساعة من اللعب الصبياني في البحر الذي كان رائعاً بشكلٍ لم نتصوره!
بالطبع لم نتعمق بالسباحة كثيراً بسبب ذراع ايان المكسورة كما أن هذه كانت أول تجربة سباحةٍ لنا بهيئتنا البشرية فمهما كنا جيدين بها كذئاب لانستطيعُ الجزم بأننا كذلك في هذه الهيئة..
" كل ما أريدهُ الأن هو الإستلقاء على سطحٍ مريحٍ والأكل " إلتفيتُ على جانبي بعد أن كنتُ مستلقياً على ظهري ليصبح وجهي مقابلاً لمحبوبي المستلقي على ظهره , مازلتُ لا أستطيعُ التصديق كم كنتُ وغداً معه بينما كان يحاول إقناعي بالعودة باكراً لأجل هذه المفاجئة..
" حسناً !" هتفَ ثم إعتدل جالساً وأردف " لنعد إلى غرفتنا , سيكونُ علينا مكالمة أهالينا , ومن ثمَ لنناقش مالذي سنفعلهُ خلال الأيامِ القادمة , بعدها نستطيعُ أخيراً النزول إلى مطعم الفندق " إسترسل معدداً على أصابعه وتنهدتُ بكسل
" لما علينا محادثتهم الأن؟ نستطيعُ فعلها بالغد أو بعد الطعام " تذمرتُ بجوعٍ ووضع كف يدهِ على خدي " لأن الجد ياحبيبي سيقتلنا إن لم نتصل به يومياً في مثل هذا الوقت كي يتأكد بأننا أحياء "
" ألا تكفي رسالة؟" إقترحت بينما أصدرت معدتي صوت قرقرة غبية " كلا يريد أن تكون مكالمة فيديو "ربتَ على وجنتي بلطف قبل أن يستقيم واققاً , جسدهُِ العلوي عارٍ أما السفلي فيرتدي بنطالاً يصل للركبة فقط مع الكثير من السلاحف عليه , كخاصتي تماماً لكن خاصتهُ باللون الأزرق أما أنا فلا أعتقدُ بأنه من الصائب ٱخباركم عن أحد ألواني المفضلة السرية.
إستقمتُ واقفاً أنا الأخر واتجهنا لغرفتنا بإرهاقٍ إضافة لذراعِ ايان التي كانت تحيطُ بخصري , غرفتنا مطلةٌ على الشاطئ , تحتوي على سريرٍ كبير ومريح إضافة لمطبخٍ صغير جداً في زاويتها بالقرب من المدخل , كما توجدُ أريكة وتلفاز ودورة مياهٍ بالطبع
" أتعلمُ ماهو أجملُ شيءٍ في هذه الغرفه؟ بعدي بالطبع " قلتُ بثقه مرتمياً على السرير الرائع اللذي غصتُ فيه لثانيه عكس سريري الذي لو قفزتُ عليه هكذا لكسرَ ظهري ...
" أنا " قال بثقةٍ هو الأخر ثم إرتمى بجانبي هو الأخر بينما يحاولُ الإتصال بالجد
زميتُ شفتاي للجانب " حسناً .. لن أنكر هذا لكنني كنتُ أقصد هذه النافذة الزجاجيه , وكأننا نعيشُ في قمةِ الجبل ونستطيعُ رؤوية كل شيء " قلتُ بإعجاب مشيراً للنافذةِ لكن ايان لم يلقِ أي لعنةٍ لما أقوله ولم يزِح عينيه عني أيضاً ..نظرتُ إليه بإستفسار لكنه مازال ينظرُ لي بإبتسامة تأمل .. حسناً بدأتُ أخجل!
" مابك؟" قهقهتُ بغرابة مخفياً خجلي وأبتسمَ بحِنيه " لاشيء .. فقط أُحبك "هربت مني ضحكةُ خجلٍ أكرهها بمقدارِ كرهي لتصرفات البشر لأنها تظهرني كشابٍ أشبه بوردة لا ذئب , وضعتُ يدي على فمي وقبل أن أتحدثَ قاطعني صوتُ صفيرٍ مفاجئ قادم من هاتف ايان الذي أرعبَ كلانا
" هيونجين الخجِل ستجدُ شيء مذهلاً في السناب شات لاحقاً , والأن كيف كانت الطائرة؟" هتفَ هان بصخب من مكالمةِ الفيديو وأخفيتُ وجهي بين يدايَ بورطة .. رائع أنا خجلٌ من ظهوري هكذا أمام محبوبي فكيف بهان وجدي ولوري !!
" رائعه , أرأيتمُ صورة الغيوم التي قمتُ بإلتقاطها؟" غيرَ ايان الموضوع فوراً بحماسٍ مُصطنع وأومأ جدي " هل رأها أحدٌ سوانا؟"
أدارَ ايان عينيه بضجر " لاتقلق لم أنسى ولم يرها سواكم "
أزلتُ يداي بشكلٍ كلي وشاركتُ أخيراً " لما؟"
" لو علم أحدُ أفراد القطيع فقد يطالب أحدهم بأن يستقل الطائرة مثلكما ولن أستطيع رفض هذا بعد أن سمحتُ لكما , كما أنه ليس بالأمر السهل كنتُ قلقاً طوال الوقت من إكتشاف .. ماتعلمان " رمزَّ في النهاية قاصداً جوازينا المزيفين , نحن لسنا مواطنين أو مقيمين أصليين حتى وأوراقنا الثبوتيه جميعها مزورة
" صحيح أين والداي؟" تسائل ايان بتعجب من عدمِ وجودهما وأبتسمت لوري
" لايحقُ لإبني الإستمتاع مع حبيبهِ دون أن أفعل أنا أيضاً " قلدت صوت والدها ثم أبتسمت بتكلف " يحظيانِ بوقتهما الخاص "
" التسوق؟" إقترحتُ وعضّ ايان على القلم المحظوظ بين شفتيه مجدداً " أعتقد بأنه مجردُ هدرٍ للأموال , ثلاثة أشهر هي أطول مدةٍ قد نقضيها كبشر فمالفائدة؟"
" محق " تمتمتُ ثم عدتُ لتقليب صفحات الكتيب الإرشادي بحثاً عن أي شيءٍ أخر , كلانا مستلقٍ على معدته وأرجلنا من بعد الركبه مرفوعة وبين الحين والأخر يتعمدُ كلٌ منا تحريك أرجله لتصطدمَ بأرجل الأخر في شجارٍ صبياني غير مباشر , منذُ دقائق ونحن مستلقيان هكذا نخططُ لما سنفعله أثناء بقائنا هنا
ومعدتي المسكينه مازالت تصرخُ طالبة الرحمه وبعض الطعام لكن عوضاً عن إطعامها إستلقيتُ عليها , رائع.
" الغوص؟ ماهذا؟" حركتُ الكتيب لايان بحاجبين معقودين مشيراً لصورةِ الفتاة الزرقاء بجانب سمكةٍ كبيرة مع شيءٍ غريب على وجهها ورأسها , عقدَ ايان حاجبيهِ لوهله ثم إبتسمَ بسخريه " يعني بأنهم سيحولونك لقندسٍ أو لربما سمكة "
" لستُ جاهلاً لهذا الحد " أدرتُ عيناي بإنزعاجٍ مصطنع وأنفجرَ ضاحكاً قبل أن يطبعَ على وجنتي قبلة خاطفه " الغوص ياحبيبي هو كالسباحةِ تماماً لكن في أعماق البحر وليس على سطحه , أي أنك تستبحُ مع الأسماك وبقيةِ المخلوقات البحرية " شرحَ وأعدتُ الكتيب لأتأمل الصور مجدداً بإنبهار
" مُبهر ! البشر أحياناً مبهرون حقاً ! " هتفتُ بإعجابٍ تام بالبشر للمرة الأولى في حياتي ثم أردفت بحماس " يجبُ علينا أن نـ- "
" أن ماذا؟" عقدَ حاجبيه بتعجب من صمتي المفاجئ وأبتسمتُ بتكلف " أن نبحثِ عن شيءٍ أخر أفضل , سيكون من الغباء أن نمضي يومنا الأخير هاهنا بشيءٍ سخيفٍ كهذا , لم نُخلق هكذا لنتصرف كالأسماك " زيفتُ اللامبالاة بينما إنتقلتُ للصفحةِ الأخرى , تذكرتُ متأخراً بأن يد ايان المكسورة ستكون عائقاً كبيراً أمامهُ في هذا.
بقي ايان يحدقُ بي للحظات بينما أكملتُ تصفحي للكتيب السياحي مدعياً عدم ملاحظتي لنظراته , تنهدَ بخفةٍ فجأة ثم سحبَ الكُتيب من بين يداي فجأة " أنت سخيف أتعلم؟"
" لا بل أنا هيونجين " أخرجتُ لساني بشكلٍ لعوب وهزّ رأسه بأسى بينما يقلبُ صفحاتِ الكُتيب حتى وصلَ لخاصةِ للغوص وبدأَ يكتب بالدفتر الصغير الخاص بميزانيتنا الماليه ومالذي قد نستطيعُ فعله بها
" مالذي تفعله؟" حاولتُ رؤوية مالذي يكتبهُ لكن يده كان عائقاً أمام نظري " أسجلُ معلومات الإتصال بهم "
" لما؟ أخبرتك بأنه سخيف وممل " حاولتُ سحب الكتيب منه لكنه كان يضعه أسفل يده المكسورة وأخشى إيذاءها لو سحبتهُ بسرعه وقوة
" أجل وكأنك لم تكن مبهوراً ومعجباً بها , أخبرتك قبلاً حُبي أنت فاشلٌ بالكذب أمامي " قهقهَ بخفه ثم توقفَ عن الكتابه وأخذ ينظرُ لي مبتسما , فتحت فمي ثم عاودتُ إغلاقه غير عالمِ بما يجدرُ بي قوله ..
" بجدية ايان لا أريده " نطقتُ أخيراً ببعض الصدق , لا أريده لأنه لن يستطيع مشاركتي به وقد يحزنه هذا !
" لدي فكرةٌ ستعجبك " تمتمَ بحماسٍ بينما عاود تقليب صفحات الكُتيب عائداً للصفحاتِ الأولى " لننفصل في نهارِ اليوم الأخير "
" ماذا؟" جعدتُ أنفي بصدمة وعدم فهم عاقداً حاجباي , توقف عند إحدى الصفحاتِ فجأة ثم أردف أثناء كتابته لمعلوماتٍ ما " أنا كنتُ أود زيارة المتحف لكنك وجدتهُ مملاً لذا تخطيناه , وأنتَ تودُ تجربة الغوص لكنني لا أستطيع , لذا ببساطة ليستمتع كلٌ منا بوقته الخاص نهار ذاك اليوم وبعدها سيخبرُ كلٌ منا الأخر كيف سارَ نهاره "
فتحتُ فمي بدهشه لفكرتهِ المثيرة لكن الغير مريحة , أن يمضيَ كلٌ منا نهارهُ بعيداً عن الأخر؟ أبدو كجرو لكن كيف سأتصرفُ بدون ايان؟ لديه خبرةٍ بعالم البشر أكثر مني ! " كيف سأستطيعُ الإستمتاعك بدونك أصلاً؟" نطقتُ بالفكرةِ الأخيرة لتتحول لجملة
" صدقني ستفعل , المشكلة هي أنني سأكون قلقاً عليك , أشعرُ بأن أعماق البحر مخيفة " تمتمَ في النهاية وأعتدلتُ جالساً " كيف لك أن تقلق علي وأنا بكل هذه القوة؟ عليك أن تقلق على نفسك من السيرِ بدوني "
إعتدل مستلقياً على ظهرة " هذا يعني بأنه لاداعي من القلق عليك حينما تذهبُ للغوص وحدك؟"
" تماماً " أجبتُ مؤكداً وأبتسمَ بخبث " جيد لقد قررنا للتو بأنك ستذهبُ للغوص لوحدك وسأذهب أنا للمتحف حينها "سقطت ملامح وجهي محاولاً إستيعاب مقصدهِ وأنفجرَ ضاحكاً " لم تحب الإغترار بقوتك لهذه الدرجة حُبي؟"
" تباً " تمتمتُ بعد إن إستوعبت مافعلهُ للتو " لايمكنني مجاراةُ خبثك " إستلقيتُ بجانبه بهزيمة وألتفَ برقبته ووجهه نحوي
" تقصد ذكائي "
" تتحدث وكأنك لاتحب الإغترار بذكائك وقوتك أيضاً " تمتمتُ مغمغماً ومكتفاً يداي لصدري
" أجل لكنني أثبتهما قبل الإغترار بهما " رقصَ بحاجبيهِ ثم تحركَ مريحاً رأسه على صدري " أنا نعِس "
" وأنا جائع " وضعتُ ذراعي على جسده لتقريبه لي بشكلً أكبر , حلَ صمتٌ بيننا لدقائق بلا صوتٍ ولا حراك , أنا مستلقٍ على ظهره ورأسُ ايان ومقدمة جسده على صدري وذراعي تحيطُ بجسده وصولاً لرأسه الذي تعبثُ بشعيراته أصابعي , دائماً وأبداً أنا مغرمٌ بمثلِ هذه اللحظات.تحركَ ايان فجأة ليصبحَ جسدهُ بأكمله مستلقياً فوق جسدي ووجههُ مقابلٌ لي " ما رأيك بأن نتحركَ أخيراً لأن معدتي بدأت بالتذمر , أحتاجُ وجبةً كاملة "
" لدي وجبتان إحداهما فوقي والأخرى بعيدة , أيهما تقصد؟" إبتسمتُ محيطاً جسده بذراعاي بينما إتسعت إبتسامتهُ شيءً فشيء حتى تطورت لقهقةٍ ووجههُ مختبئٌ في رقبتي الذي أجزمُ بأنه محمرُ الأن , شددتُ ذراعاي حولهُ مستشعراً البهجة العظيمة التي لايستطيعُ أي شخصٍ أخر إشعاري بهذا القدر منها سواه
" أنتَ مغازلٌ فضيع حينما تربطُ الطعام بغزلك " تحركَ ليستلقي بجانبي ثم إستقام مبتعداً عن السرير بأكمله
" أجل وكأنك لاتحبُ هذا " إستقمتُ واقفاً نحوه بينما بدأ يخرجُ ملابسه من حقيبته حتى أصبحتُ خلفه مباشرة
" أنا؟" أشارَ على نفسه بتعجبٍ مصطنع " من أخبرك هذا؟" إبتسمَ متعجباً بظرافة ولم أتمالك نفسي فأحتضنتهُ من الخلف بشكلٍ معاق لتصلَ يداي إلى وجنتيه " إحمرارُ هاتين وضحتك فعلتا " قرصتُ خديهِ بشكلٍ مطول لكن خفيف بينما حاولَ التملص من بين ذراعاي" تأكد بأنهما تكذبان " قال مقهقهاً بينما إبتدأت حربُ بيننا في محاولةٍ للهروب من بين ذراعاي ومحاولاتي لعدمِ إفلاتهِ بعناد " أنظر إلى نفسك كيف تحاولُ الهرب كأرنبٍ بائس "
" أجل وأنتَ تطبق علي فرحاً بقوتك الغير عادله أمام يدي المسكينة كغوريلا ممتلئة " قال راداً على محاولتي بإستفزازه بشكلٍ إستفزازي أكبر
" حقاً؟ سمعتُ بأن الغوريلات تحبُ عضّ شركائها " إختلقتُ معلومة من مؤخرتي قبل أن أستغل معلومتي الكاذبه وأطبقتُ شفتاي على رقبتهِ أسفل فكهِ على منطقتهِ المفضلة ليهدأَ تماماً لثانية قبل أن يحاول إبعادي " ستتركُ أثراً واضحاً أيها الغشاش هذه أفعال ذئب لا غوريلا !"
أفتلهُ أخيراً بعد أن ختمتُ مهمتي بعضةٍ بسيطه تبعتها قبلة " طبيعيٌ جداً فأنا ذئب لا أرنب "
نظرَ لي بسخطٍ لثوانٍ قبل أن ينفجرَ ضاحكاً فجأة " لما أخذنا موضوع الأرنب والغوريلا بشكلٍ جدي فجأة ؟" تسائل ثم أخرجَ هاتفهُ محاولاً النظر لأثار فعلتي" لا أعلم , لكن على كل حال لاتقلق إنها واضحةٌ جداً , سمعتُ بأن هذه الأماكن مرتعٌ لمن يبحثون عن أشخاصٍ وسماءٍ مثلك " غمزتُ بينما أخرجُ ملابسي من حقيبتي ووضعَ يدهُ على خصره " رائع وهذه تعويذة لإبعادهم؟"
" بالضبط " خلعتُ ملابسي وأبتسمَ مديراً عينيه " لا أعلمُ لما وقعت بحب شخصٍ مثلك "
" لأنك محظوظ " قلتُ بثقةٍ مبالغٍ بها ثم أدخلتُ رأسي بفتحة التيشيرت المفضل الذي أعلمُ بأنه سيعلقُ به لثانية وكأنه رأس فيل ..
" لن أنكر بأنني كذلك " سحبَ التيشيرت للأسفل مساعداً وما إن خرجَ رأسي أخيراً حتى أخذَ شفتاي في قبلةٍ قصيرة " أخيراً لنذهب !"
المكان لسوء حظنا ممتلئ , ممتلئٌ بالبشر , وبالطعام الذي نراهُ للمرةِ الأولى في حياتنا ! العديدُ من المأكولات الغريبة تتربع على الأطباق أمامنا التي لم أرَ يوماً مائدة طعام بطولها
ليست مائدة طعامٍ بالمعنى الحرفي , لكنها مسارٌ طويل من الأطعمة الكثيره والتي ينبغي علينا أن نمر بها ونضع البعض منها في أطباقنا , حتى مع وجود تعريفٍ بسيط لكل أكلة أسفل طبقها لكننا لم نفهم شيءً منها ..
صدمة حياتي الأولى حينما رأيتُ الأرز والمعكرونة والبرجر وبقية المأكولات البشرية العادية فكيف بهذه الأشياء غريبة الشكل والرائحة والأسماء؟
" هيونجين أنظر ألا يبدو هذا كتلك العقارب التي تظهرُ بالصيف وأثناء مواسم الجفاف لكنه أشدُ بدانه؟" همسَ ايان بفزع مشيراً للطبق أمامه المليئ بمخلوقات غريبة تقبع في مرقةٍ ذو رائحةٍ غريبة , تبادلنا نظراتِ الفزع والقرف لثوانً حتى قرأتُ الإسم " سلطعون البحر ؟"
" إنه مخلوقٌ بحري " إلتفَ كلانا بفزع للصوتِ المفاجئ من خلفي للشاب المبتسم " أعتذر لكنك نطقت إسمه بتعجبٍ كأنك لاتعلمُ ماهيته "
نقلتُ نظري نحو هذا المخلوق البحري بتقززٍ مجدداً ثم تبادلتُ أنا وايان النظرة ذاتها , يا إلهي لاتجعلني أعيش لليوم الذي أجدُ البشر يأكلون الذئاب فيه ..
" آه شكراً ظننته مخلوقاً بري " إبتسمتُ بتكلف بينما أخذَ هو منه واحداً لطبقه " جرباهُ إنه لذيذ "
" لا شكراً محالٌ أن ألمسه حتى " قال ايان بتقززٍ واضح وملامح وجه مشمئزةٍ تماماً كخاصتي مما جعل الشاب يرفعُ حاجبيه بتعجبٍ منا
إلتفينا بعدها بحثاً عن منضدةٍ فارغه قبل أن تقوم هذه المأكولات الغريبة بسدِ شهيتنا لكن لسوء حظنا كل المناضد بمقاعدها ممتلئة . . .
" رائع أسنأكل على الأرضِ مثلاً؟" قال ايان بسخط وقبل أن أرد عليه تقدم ذاك الشاب مجدداً " منضدتي أنا وأصدقائي تكفي ستة أشخاصٍ لكننا أربعةُ فقط , ما رأيكما بالإنضمام لنا؟"
" ألن يمانع أصدقائك أو يتضايقوا من وجودنا؟" تسائل ايان بشك رغم أنني متأكدٌ من وجههِ بأنه لايودُ هذا لكننا مضطرون لإمتلاء الأماكن.." لاتقلقا لقد ضجرنا أصلاً من بعضنا لذا سنستمتعُ معاً " إبتسمَ ببساطة ورفعتُ كتفاي مومئاً بقلةِ حيله , وددتُ لو نتناول طعامنا وحدنا لكن . .
" كيم يوغيوم " قال مُصافحاً وصافحتهُ مبتسماً " هوانغ هيونجين "
مدَ يدهُ ليصافح ايان لكن يدهُ السليمة تحملُ طبقه لذا حملتهُ عنه بسرعة ليستطيع مصافحته " يانغ جونغان, تشرفنا بمعرفتك "
من قال بأنني تشرفت؟؟؟؟؟
سرنا معه بعد هذا نحو أصدقاءه , حاول ايان أخذَ طبقهِ مني لكنني تجاهلتهُ مصراً على حمله عنه , أعتقدُ بأن الأمر كان سيتحول لشجارٍ صبياني كعادتنا لولا وجودُ يوغيوم معنا
كانت منضدتهم تقبعُ في نهاية القاعة بالقرب من النافذة , يجلسُ حولها فتاتان وشاب والذين كانوا يراقبوننا منذُ أول محادثة تبادلناها مع يوغيوم
لذا يبدو بأنهم توقعوا حضورنا .. تبادلتُ أنا وايان نظراتٍ بلا معنى لثوانً قبل أن نصلَ لهم" مرحباً !! لاتقلقا نحنُ من راسلناه لتجلسا معنا !" هتفت إحدى الفتيات بمرح ما إن وصلنا وأبتسمتُ بغرابة من حيوتيها بينما وقف الشاب ليصافحنا وكذلك فعلت الفتاتان , تصافحنا جميعاً وعرفَ كلٌ منا بنفسه وجلسَ جاك بجانب الشاب الأخر بينما بقي لي أنا وايان المقعدان على رأس المنضدة
منذُ جلسنا والأحاديثُ لم تتوقف , إضافة بأننا وقعنا بمأزقٍ كبير ألا وهو كيفية الأكل بالشوكة والسكين التي لم نر يوماً أناساً يأكلون بها سوى في التلفاز ..
حاولنا في البداية ولحسن حظنا فيوغيوم أيضاً لا يعرفُ كيفية الأكل بها لذا لم نكن نحن الجاهلَينِ الوحيدين ..
وبالطبع لابد من أخباركم بأنني أمضيتُ الثلاث الدقائق الأولى معهم أحاول كبتَ إبتسامتي الفخورة بسببِ نظراتهم نحو العلامة التي تركتها أسفلَ فكِ ايان , حقيقة لا أعلمُ مالداعي من فخري هذا لكنه شعورٌ رائع!
" إذاً ماسببُ وجودكما هنا؟" تسائلت الفتاةُ التي نسيتُ إسمها , كانت للتو قد أخبرتنا بأنهم زملاء عمل وهم هنا في رحلةِ عملوضعَ ايان يدهُ على كتفي " فترةُ نقاهه كنا نحتاجها , كانت كمفاجئة لهيونجين " أجابَ بفخرٍ ورفعَ يوغيوم حاجبيه
" إذاً .. أنتما معاً صحيح ..؟ أعني كعلاقة تعلمان " قال بتوتر خوفاً من أن ننزعجَ من سؤالهِ على مايبدو
" صحيح " أجبتُ مبتسماً بفخرٍ أنا الأخر وأومأ مسترقاً النظر لرقبةِ ايان " توقعتُ هذا "
أزال ايان يدهُ من على كتفي لكنهُ وضعها على فخذي عوضاً عن أن يعودَ للأكلِ بها , نظرتُ له عاقداً حاجباي لكنه يتحدثُ معهم بحماس في موضوعٍ ما ,
ورغم هذا يدهُ تتحركُ ببطء على طول فخذي بينما أنا متجمدٌ عن الحركةِ تماماً بسبب الشعور الذي تبعثهُ لمساتهُ هذه !
تحركت في جلوسي قليلاً لعلهُ يبعدها لكنه مازال منسجماً معهم دون إلقاء أي لعنةٍ لي وكأن يدهُ تتصرف بعقلٍ أخر ليركز بحركتها هكذا ! تحركتُ مجدداً لكنه تمادا معانداً لتصل إلى مابين فخذاي لتنبحسَ أنفاسي تماماً . .
اللعنة ايان المكان والوقت الغير مناسبان تماماً لردِ تركي لتلك العلامة !!!
☽ ﹏﹏ ☾
أنت تقرأ
「Black Wolf 」 HN
Fanfictionأسطورةُ المستئذبين .. فكرة مستهلكه تماماً صحيح؟ لكن هنا لا ! هنا حيثُ لاذِكرَ لليلة إكتمالِ القمر. لا وجود لأي ذئبٍ يحاول إخفاء أُذنيه تحت قبعةٍ ما , أو يحشرُ ذيله في بنطالٍ كي لايفضحه. لاوجود لأي عالمٍ أو طبيبٍ يخلقُ هجيناً ما ويجدهُ شخصٌ أخر يبكي...