١٥..صفحة جديدة

862 39 11
                                    

حملقت هزان بعيون ملأتها الدموع في زوجها الواقف قبالة عابد..رأته قويّا و شامخا كعادته..و الإصابات التي يعاني منها لم تنقص شيئا من هيبته و وقاره..كان يقف بصعوبة على ساقيه و الألم يبدو جليا على ملامحه..رأت هزان العرق يتصبب من جبينه فأشارت الى أردام بأن يسنده لكي لا يقع..نظر اليه عابد و قال:
_ آسف يا آغا..كل ما في الأمر أنني..
رفع يده في وجهه و صاح:
_ اخرس..سأحاسبك على وقاحتك هذه فيما بعد.
ثم التفت الى أردام و أضاف:
_ خذوه و احبسوه في المخزن الى أن ننظر في أمره.
فعل أردام ما أمره به الآغا..و ما ان ابتعد الرجال حتى ركضت هزان نحوه و عانقته بكل قوتها و هي تغمغم بصوت مخنوق:
_ الحمد لله أنك بخير..كنت واثقة بأنك ستعود إلي..حمدا لله على سلامتك حبيبي.
ابتسم ياغيز بخفة قبل أن يسأل بسعادة طفل صغير:
_ حبيبك؟
همّت أن تجيبه عندما اقترب منهما حازم و سيفدا فتراجعت هي الى الخلف و فسحت المجال لأبويه لكي يرحّبا بعودته..تجمّع اخوته حوله و راحوا يعانقونه و يقبّلونه بينما حاول أبوه أن يخفي دموعه..ثم اقتربت منه إيليف و عانقته مطولا و هي تبكي..رفع عيونه نحو هزان لأنه يعلم بأنها تتضايق منها فٱبتسمت لكي تطمئنه بأنها لم تعد تمثل أي خطر عليها..استند ياغيز على سنان و دخل الجميع الى غرفة الاستقبال..جلس و جلسوا بجانبه..سألته هزان:
_ هل أستدعي لك الطبيب؟ تبدو مرهقا و متألما.
أجاب:
_ لا داعي لذلك..أنا بخير..كل ما في الأمر أنني وقفت كثيرا و بذلت مجهودا و الطبيب كان قد منعني من الحركة.
قالت إيليف:
_ لقد أخفتنا عليك كثيرا يا ابن العم..حمدا لله على سلامتك.
شكرها دون أن يبعد عيونه عن هزان.
سأله أبوه:
_ ماذا حدث يا بني؟ أخبرنا..أين كنت؟ و أين اختفيت؟ لقد بحثنا عنك في كل مكان.
ربت ياغيز على يد أبيه و رد:
_ كنت أشك بأننا سنتعرض الى كمين جديد و بأن من سيعترضون طريقنا سيرغبون في سرقة شحنة الأسلحة..فقمت بتأمينها و ضمنت أنها ستصل الى هنا في الوقت المناسب..ثم ارتدينا أنا و الرجال سترات واقية و كثفنا ذخيرتنا من الرصاص لكي نحمي أنفسنا..لكن ما حدث أننا واجهنا جحيما من الرصاص..و من هاجمنا كان يريد أن يقتلنا نحن اضافة الى سرقة السلاح..كل الاصابات كانت قاتلة..و أغلبها كان في الرأس..تلقيت أنا رصاصة في فخذي و وقعت أرضا..و رأيت أردام و هو يصاب بدوره..و رأيت رجالي يتساقطون الواحد تلو الآخر..زحفت و اختبأت لبعض الوقت و رحت أصيب رجالهم من وراء الشجرة التي كنت أتخبئ وراءها..و عندما هدأ صوت الرصاص ظننت بأن الوضع صار آمنا..خرجت من مخبئي و رحت أتفقد رجالي..و لم انتبه للشخص الذي كان يقف ورائي..أطلق علي رصاصة جعلتني أسقط في الوادي القريب..جرفتني المياه بعيدا و أنا فاقد للوعي..و لم أفتح عيوني الا و أنا في منزل راعي يقطن في منزل يقع على الحدود العراقية..المنزل يطل على جبال شاهقة و بعيدة..الرجل أحضر لي الطبيب البيطري الذي يعالج له أغنامه من حين لآخر..أخرج لي الطبيب الرصاصات و عالج جروحي..و لم أقوى على الحركة لأيام طويلة..أردت أن أطمئنكم علي لكنني لم أجد وسيلة للاتصال..تلك المنطقة معزولة و كنت قد فقدت هاتفي في مكان الكمين..حرص الراعي المسكين و زوجته على اطعامي و على الاعتناء بي الى أن صرت قادرا على الحركة..و أمّنا لي توصيلة الى هنا..و ها أنا أمامكم..و آسف لأنني جعلتكم تقلقون علي.
ابتسم حازم و همس بصوت خافت:
_ قلق؟ القلق كلمة لا معنى لها أمام ما شعرنا به في غيابك بني..المهم أنك بخير..ألست اراك الآن أمامي سليما معافى؟ اذا مت الآن فلن آسف على نفسي..بل سأغمض عيوني و أنا مطمئن البال.
عانقه ياغيز و قبّل يده و هو يقول:
_ لا سمح الله..أطال الله في عمرك يا أبي.
قالت ياسمين:
_ عزيزي ياغيز..الحمد لله أنك عدت الينا بالسلامة..لكن هذه المحنة أكدت لنا بأنك الابن المفضل لهذه العائلة.
رمقها ياغيز بنظرة باردة و علق:
_ أبي لا يفرق بيني و بين إخوتي..كلنا أبناء مفضّلون..و لا داعي لهذا الكلام الذي يحدث الفتنة.
سألته أمه:
_ هل أنت جائع عزيزي؟
رد:
_ بلى..لكن اسمحوا لي بأن أصعد الى غرفتي و أغير ثيابي..ثم سأنزل لكي آكل.
قالت سيفدا:
_ لا داعي لنزولك الى هنا..سأحضر لك الطعام الى غرفتك.
ربتت هزان على كتفها و أجابت:
_ سلمتِ يا أمّاه..سأحرص بنفسي على اطعامه.
ابتسمت المرأة و قالت:
_ ياغيز..بني..هذه الفتاة رائعة جدا..لقد كانت مصدر قوتنا في غيابك..و كانت واثقة بأنك ستعود..أنت محظوظ بزوجتك..اعرف قيمتها يا بني..و اياك أن تحزنها.
وقف ياغيز و استند عليها و هو يجيب:
_ لن أفعل يا أمي..لا تقلقي.
صعدا معا الى الطابق العلوي حيث غرفتهما..فتحت هزان الباب و ساعدته لكي يدخل ثم أغلقت الباب خلفها..التفتت اليه ثم ارتمت بين أحضانه حتى كادت توقعه..تشبثت بكتفيه و دفنت وجهها في صدره ثم أجهشت بالبكاء..لفّ هو ذراعيه حولها و راح يربت على شعرها و يقول:
_ اهدئي حياتي..أنا بخير..لا تبكي أرجوك..لا أقوى على تحمل دموعك هذه..انها أثقل علي من الرصاص الذي أصابني.
غمغمت بصوت خنقته العبرات:
_ لقد خفت عليك كثيرا..اياك أن تفعل بي هذا مرة أخرى..لا أريد أن أعيش هذا الشعور مرة ثانية.
أنّ من الألم بسبب ضغطها على جرحه دون أن تنتبه فتراجعت الى الخلف و هي تردد:
_ أنا آسفة..لم أقصد ذلك..أنا آسفة.
ابتسم و رد:
_ لا عليك..أنا بخير.
نظرت الى قطرات دم ظهرت على قميصه الأبيض فاختلج قلبها و ارتعش صوتها و هي تقول:
_ يا إلهي..أنت تنزف..اللعنة علي..أنا غبية..سامحني..لم أنتبه لنفسي.
ساعدته لكي يجلس و أحضرت علبة الاسعافات و وضعتها على المنضدة قرب السرير ثم نزعت عنه الرباط الذي كان يعلق به يده و اقتربت منه لكي تخلع قميصه..رائحتها داعبت أنفه و خصلات شعرها لامست وجهه فأغمض عيونه بشدة و همس بصوت مبحوح:
_ لو تعلمين كم اشتقت اليك..اشتقت الى صوتك..الى رائحتك..الى ابتسامتك..الى كل شيء فيك..صورتك كانت آخر صورة أراها قبل أن أفقد الوعي..لو مت ساعتها لكنت سأرحل و أنا سعيد لأن وجهك كان آخر شيء رأيته..في تلك اللحظة..
قاطعته و هي تضع اصبعها على فمه:
_ شششش..لا تقل هذا الكلام..اياك أن تذكر الموت أمامي مجددا..لا أريد أن أفكّر و لو مجرد تفكير بأنني كدت أفقدك الى الأبد..الأيام الماضية كانت قاسية جدا علي..كنت أُكابر و أتظاهر بأنني قوية لكنني كنت محطمة من الداخل..غيابك عني كان أقسى تجربة عشتها في حياتي بعد وفاة والدي..و الوقت كان ثقيلا بطريقة غريبة..و كأن ثوانيه و دقائقه يتآمرون علي و يحاولون أن يبثوا اليأس في نفسي..أدعو الله ألا يتكرر ذلك أبدا..أبدا.
خلعت القميص عنه و تفقدت جرحه فوجدته ينزف..نظفته جيدا و وضعت عليه ضمادة..كان هو يتأمل وجهها بإمعان و كأنه يراها للمرة الأولى..شعرت بنظراته فٱحمرّت وجنتاها خجلا و تسارعت أنفاسها..وضع هو يده على ذقنها و أدار وجهها نحوه..تعلّقت عيونه بشفتيها دون أن يقترب منها..همس:
_ أريد أن أقبّلك..لكنني..أخشى أن تنزعجي مني.
ابتسمت و أجابت:
_ جرّب..لن تخسر شيئا.
قرّب فمه من فمها ثم أخذ شفتيها بين شفتيه في قبلة رقيقة..عذبة..لطيفة..و متمهّلة..لفّت هي يدها حول عنقه و راحت تبادله قبلاته بشوق و لهفة..نبضات قلبيهما المتسارعة هي التي تحدّثت بالنيابة عن كليهما و عبّرت عن الكمّ الهائل من المشاعر التي يكنّها أحدهما للآخر..كانا يحتاجان لهذه اللحظة الحميمية و الحقيقية لكي يتأكدان بأنهما معا بعد طول غياب..اجتاح فمه فمها بقبلات مجنونة و محمومة بادلته إياها بتلهّف للمزيد دون اكتفاء..أصابعه لامست خدها و عنقها بينما سحب هو شفتها السفلية بين أسنانه قبل أن يبعد رأسه عنها و هو يهمس:
_ أحبّك هزان.
فتحت عيونها و نظرت اليه ثم وضعت جبينها على جبينه قبل أن ترد:
_ و أنا أحبّك ياغيز..أحبّك بكل جوارحي.
أغمض عيونه بشدة و غمغم:
_ يا الله! كم كنت أحلم بسماع هذه الكلمة! لقد عشت سنوات طويلة و أنا أمنّي نفسي بأن يكون الشعور بيننا متبادلا..أن يلامس قلبك نفس المشاعر التي تغرق قلبي و تغمره..أن تريني بالعيون التي أراك بها و أن أكون أنا الرجل الذي تحبينه و الذي يشاركك حياتك..ان كنت أحلم فلا توقظيني أرجوك.
أحاطت هزان وجهه بيديها و قالت:
_ اطمئن حبيبي..هذا ليس حلما..ها أنا معك..افتح عيونك و انظر الي.
فتح عيونه التي لمعت فيها دموع رقيقة سببها سعادته الغامرة بسماع اعتراف انتظره طويلا..قبّلته هزان من جديد قبل أن تتراجع الى الخلف و تقول:
_ و الآن يجب أن نعتني بجرحك الآخر.
بدا مرتبكا و هو يجيب:
_ لا عليك منه..دعيه..سأغير ضمادته بنفسي.
قطبت جبينها و سألت:
_ و لماذا؟ مالذي يمنع أن أكون أنا من تكشف على جرحك؟
رد:
_ هزان..الجرح..في أعلى فخذي..و ..يجب أن أخلع بنطالي لكي تتمكني من معالجتي..لا أريد أن أحرجك أو أضايقك..و..
ابتسمت قبل أن تجيبه:
_ ألست زوجتك؟ ألست أنا من يجب أن تعتني بك؟ اسمح لي بذلك.
أخذ يدها يقبلها و يقول:
_ أنت أكثر من زوجة بالنسبة الي..أنت حبيبة و رفيقة و صديقة و شريكة.
ساعدته لكي يقف ثم فتح أزرار بنطاله و خلعه و بقي يقف أمامها شبه عاريا..احمر وجهها خجلا و ارتبكت أنفاسها و هي تحاول أن تهرب بعيونها بعيدا..ضحك و أخذها بين ذراعيه و هو يضيف:
_ هذا ما كنت أحاول اعفائك منه.
ثم جلس على حافة السرير فرأت مكان الإصابة في أعلى فخذه الأيمن..و وجدت الجرح نازفا و ساقه متورّمة..قطبت جبينها و غمغمت بحزن:
_ اللعنة عليهم..انظر ماذا أصابك بسببهم..ساقك متورّمة لأنك مشيت عليها و أجهدت نفسك كثيرا عندما تحركت قبل الموعد اللازم..يجب أن يراك الطبيب.
بدا الألم واضحا على ملامحه لكنه كان يكابر لكي لا يقلقها عليه..رد:
_ أنا بخير..لا تقلقي..جددي الضمادة الآن..و سآكل و أشرب الدواء..ثم نستدعي الطبيب في الصباح.
نزعت هزان الضماد الملوّث بالدماء و تفقدت الجرح الذي كان غائرا في فخذه و القُطب مفتوحة..حاولت أن تقنعه بإستدعاء الطبيب لكنه رفض فقالت:
_ حسنا..سأضطر أنا أن أعيد تقطيبه.
سألها:
_ هل تجيدين ذلك؟
أجابت:
_ نعم..لقد خضت دورة تدريبية للإسعافات الأولية و تقطيب الجروح..و عنادك هذا لم يترك لي خيارا آخرا.
ابتسم و راقبها و هي تنظف الجرح ثم تعيد تقطيبه بأيادي ثابتة و هي ترفع عيونها بين الفينة و الأخرى لكي تتأكد بأنه لا يتألم..رأته يعض شفته السفلية لكي لا يطلق صرخة ألم لكن العرق الذي ملأ جبينه كان يعكس مدى تألمه..أنهت هزان تضميد الاصابة و ساعدته لكي يتمدد على السرير ثم ذهبت الى المطبخ و أعدّت له بعض اللحم المشوي و الحساء..وقفت سيفدا بجانبها و سألتها:
_ كيف حاله؟ لم أرد أن أزعجه بأسئلتي المتواصلة و لم أرد أن أفسد عليكما خلوتكما لهذا لم أطرق عليكما الباب.
ابتسمت هزان بخجل و ردت:
_ ليسامحك الله يا أماه..ياغيز ابنك قبل أن يكون زوجي..و من حقك أن تريه و ان تحدثيه و تطمئني عليه متى أردت..لا تقلقي عليه..لقد أعدت تضميد جراحه و تركته يرتاح في الغرفة..و في الصباح سأستدعي له الطبيب.
عانقتها المرأة بحنان و همست:
_ شكرا لك يا ابنتي..أدامك الله.
ثم تمنّت لها ليلة سعيدة و صعدت الى غرفتها..حملت هزان الطبق و عادت الى الغرفة..وجدته قد سحب الغطاء على جسده و أغمض عيونه..قالت:
_ الطعام جاهز..يجب أن تأكل و تشرب الدواء.
فتح عيونه و استوى جالسا..تناول طعامه و شرب الدواء..ثم عاد للإستلقاء..استلقت بجانبه و راحت تمسح العرق الذي لمع على جبينه..سألته بقلق:
_ كيف تشعر؟ هل تتألم كثيرا؟
ابتسم و أجاب:
_ كنت أتألم قبل أن أراك و أعانقك و أشم رائحتك التي تذهب عقلي..أما الآن..فأنا بخير.
لامست هزان وجهه ثم وضعت رأسها على صدره و هي تقول:
_ أعلم أنك تكابر و تحاول ألا تظهر ألمك أمامي..لكنني واثقة بأن الأيام الماضية كانت صعبة عليك كثيرا..كما كانت صعبة و ثقيلة علينا من دونك..حبيبي..بمن تشك؟ من له مصلحة فيما حدث؟ أيعقل أن يكون لآغا ضفاف النهر يد في الكمين و في محاولة قتلك؟
قطب جبينه و أجاب:
_ قد يكون..ياسين شخص حقير و حاقد..قلبه مليء بالكره و عيونه تعميها الغيرة..لن أتهمه دون اثبات و دون أن أتأكد..لا أريد أن أظلم أحدا..خاصة و أن بيننا هدنة ليس من مصلحة أحدنا افسادها.
رفعت عيونها نحوه و قالت:
_ معك حق..لكن..أعتقد بأنه هو من يقف وراء كل المصائب التي حدثت.
سألها:
_ و لماذا تبدين واثقة من هذا؟ هل تعرفين شيئا لا أعرفه؟
أجابت:
_ لا أعرف شيئا..لكنني التقيته في غيابك..بالصدفة..و ..
سألها بقلق:
_ هل التقيته؟ متى؟ و كيف؟ هل أزعجك بأي كلمة أو تصرف؟ أرجوك لا تخفي عني شيئا.
ردت:
_ لا تقلق..لا يجرؤ على فعل ذلك معي..أعرف جيدا كيف أضع حدّا له و لأمثاله..لكن في حديثه شيء لم يطمئنّي..يريد أن يؤذيك بأية طريقة كانت..يكرهك..و هذا واضح جدا..يغار منك و يتمنى أن يأخذ كل ما هو لك..لا أريد أن أتهمه دون اثبات..لكن..كن حذرا منه..و إياك أن تأمن جانبه..انه خبيث و حقير.
عانقها ياغيز بقوة و كأنه يخشى أن يفقدها ثم همس:
_ لا تسمحي له و لا لغيره بأن يفرقّنا..أموت اذا ابتعدتِ عني..أموت.
طبعت قبلة على ذقنه و قالت:
_ لا أنوي الذهاب الى أي مكان..اطمئن..لقد وجدت هنا..بين ذراعيك..مكاني المناسب..و أماني..و اطمئناني..لا شيء يغنيني عن هذا الشعور الدافئ الذي يغمرني الآن و أنا بين أحضانك.
صمتت قليلا ثم أضافت:
_ ماذا ستفعل مع عابد؟
تأفف بضيق و رد:
_ لا أدري..أفكّر أن أساعدهما على السفر خارج وان..فليبتعدا عن هذا المكان لكي يتمكنان من العيش بسلام..المشكلة أن الناس هنا لا يرحمون..و مسائل الشرف هذه لا تُنسى..أحاول أن أغيّر الكثير في طريقة تفكيرهم..لكن..هناك مواضيع لا يسمحون حتى بمناقشتها من الأساس..و هذا ما يصعّب علي عملي..عابد معذور..الناس يسخرون منه و يتحدثون على شرفه..حياته لن تعود كما كانت في السابق أبدا..لهذا سأعمل على تحريره من هذه القيود التي تكبّله..ما رأيك أنت؟
ابتسمت هزان و أجابت:
_ و أنا أيضا كنت أفكّر في نفس الأمر..أتمنى أن يقبل..مع أنني أعتقد بأن مغادرة أرضه و السفر بعيدا لن يكون بالأمر الهيّن عليه أبدا.
تنهد و همس:
_ سأحاول أن أقنعه.
ابتعدت عنه و دخلت الى الحمام و ارتدت قميص النوم خاصّتها ثم جلست على حافة السرير..لم يبعد عيونه عليها و هي تنزع السترة الخارجية و تبقى في القميص الداخلي المثير..اقترب منها و عانقها من الخلف و هو يدفن وجهه في عنقها..أغمضت عيونها و وضعت يدها على يده التي لامست خصرها..غمغم بصوت مبحوح:
_ هل أخبرتك من قبل بأنك فاتنة و مثيرة يا زوجتي العزيزة؟
ردت بصوت مرتعش:
_ لا..لم تفعل مع الأسف.
شعرت بأنفاسه الحارة تلامس عنقها قبل أن يمرر شفاهه الباردة على جلدها الدافئ..قال:
_ أنت أجمل امرأة رأيتها في حياتي..كل ما فيك مثير و مُغري..انك تفقدينني صوابي.
انتقل بشفاهه من عنقها الى كتفيها ثم طبع قبلات رقيقة على ظهرها قبل أن يديرها نحوه و يقبّل جبينها ثم خدّيها..عيونها و أنفها..و بعد ذلك..أهوت شفاهه على شفتيها في قبلات متتالية و متلهّفة..يده التي كانت على خصرها تسللت الى فخذها المكشوف تحت قميص النوم و راحت تلامس جلدها و تلهب بشرتها..تسارعت أنفاس هزان و غزا اللون الأحمر خديها..كانت تشعر بأن قلبها يكاد ينفر من صدرها..تعلّقت يداها بعنقه تشدّه نحوها و راحت تبادله قبلاته العنيفة بأخرى أعنف منها..التهمت شفاهه شفتيها و لسانه التقى مع لسانها و صار أحدهما يتنفس من خلال الآخر..هدأت الأصوات من حولهما و لم يعودا يسمعان سوى صوت أنفاسهما المتهدّجة و نبضات قلبيهما المجنونة..لحظات و وجدت هزان نفسها مستلقية و هو ينحني عليها و يمطرها بوابل من القبلات هنا و هناك..على شفتيها..على ذقنها..على عنقها..على كتفيها..على يديها..كانت عيونها مغمضة و كل جوارحها كانت معه..واعية بكل حركة يقوم بها..و آثار لسانه و شفتيه على جلدها تؤكد لها أنها تحت رحمته بالكامل..هو المسيطر و هو صاحب السلطة المطلقة على كل حاسة من حواسها..رفع رأسه عنها لوهلة..أخذ نفسا عميقا..و سمح لها بإلتقاط أنفاسها..قبل أن ينحني عليها من جديد..شفاهه غمرت شفتيها مرة بعد مرة..قبل أن تسحب أسنانه شفتها السفلية لتعضعضها على مهل..يداه عمدتا الى ازاحة خيطي القميص عن كتفيها..كانت قد خلعت حمالة الصدر..فبدت نهودها نافرة أمام عينيه..تتحدّيانه أن يقوى على مقاومتهما..يداه أحاطتا بهما..و اعتصرتاهما ببطء قاتل..بينما عادت شفاهه تحتلّ عنقها و تترك آثار ملكيّته على جلدها..داعبت أصابعه حلمات نهديها قبل أن تتولى شفاهه اكمال المهمة..تأوهت هزان بصوت خافت تحت وقع لمساته و قبلاته..كانت تشعر بأنها تحترق على مهل و هي أسفل منه..حالة استسلام تامة سيطرت عليها و هي تستمتع بكل حركاته العابثة التي تجعل الدماء تغلي في عروقها..تسللت أصابعه تحت قميص النوم..تحت ثيابها الداخلية تحديدا..شهقت هزان بصوت مسموع و هي تشعر بحركات أصابعه على أنوثتها..أنفاسها ذهبت سدى..و قلبها صار كالحصان الأهوج بين أضلعها..عضعضت شفتيها لكي لا تطلق صوتا عاليا و هي تشعر بأصابعه تعبث بها..صارت تتلوى تحته و هي يزيد من سرعة حركاته العابثة على أنوثتها..كان يعلم جيدا ما هو فاعل بها..يريدها أن تستمتع بإقترابه الأول منها..يريد لجسدها أن يعبر عن متعته و أن يطلق العنان لشهواته و لرغباته..انه يعلمها كيف تكون امرأة كاملة الأنوثة و يحرص على تلبية رغبات بدنها التي يعجز لسانها عن الافصاح عنها او المطالبة بها..يريد لكل لحظة تجمعهما أن تكون خاصة و مميزة و استثنائية..يريدها بكل جوارحه..نعم..يريدها كما لم يرد إمرأة في حياته..لكنه يفضّل أن يفكّر في متعتها هي قبله هو..خاصة و هو يعي جيدا بأن جسده المرهق و المصاب لن يكون قادرا على تحمل اقامة علاقة كاملة معها..شفاهه و لسانه عوّضت أصابعه و واصل القيام بحركاته العابثة على أنوثتها..حاولت هزان عبثا أن تكتم صوت تأوهاتها العالية..انه يعذبها..و يتلذذ بتعذيبها..يشعلها..و يجعلها تحترق شيئا فشيئا..زاد من نسق حركات لسانه و شفتيه فتشنج جسدها و انحبست أنفاسها و انغرست أصابعها في الملاءة قبل أن تغمر مياهها الدافئة منطقتها السفلية معلنة أن جسمها قد بلغ ذروة شهوته و استمتاعه..أبعد هو رأسها و عاد يحتويها بين ذراعيه حتى هدأت أنفاسها و عاد نبضها طبيعيا..لم تجرؤ على فتح عيونها و النظر اليه..كانت خجلة مما حصل..طبع هو قبلة على جبينها و هو يهمس بصوت متحشرج:
_ هزان..افتحي عيونك و انظري الي.
فعلت ما طلبه فأضاف:
_ لا داعي للخجل أبدا..أنا و أنت فتحنا صفحة جديدة بيننا منذ الليلة..أريد للعلاقة التي تجمعنا أن تكون مميزة و منصفة لكلينا..أريدك أن تكوني زوجتي بكل ما في الكلمة من معنى..لن أجبرك على شيء..و ان كنت تريدين أخذ الوقت اللازم حتى تكوني جاهزة فلا مانع لدي..وضعي الجسدي لا يسمح بذلك حاليا..لكن..عندما تكونين جاهزة..سيحدث ما نريد له أن يحدث..تلبية لرغبة كلينا..أريدها علاقة قوامها الحب و المشاعر..لا مجرد واجب يجب أن يكون..أحبك هزان.
غمغمت بصوت خافت:
_ و أنا أيضا أحبك.
ثم وضعت رأسها على صدره حيث قلبه الذي يهتف بإسمها و ناما متعانقين..

الآغاOù les histoires vivent. Découvrez maintenant