"10": من حفرة لأخرى

76 2 0
                                    

عانيت صعوبة شديدة قبل أن أنجح بالخروج من الماء فلقد أصبح الرداء مبتلاً ثقيلاً ومحدداً لتقاسيم جسدي.. لففت جسدي بذراعي أستر تفاصيل صدري الواضحة بينما حاولتُ رفع جسدي عن الأرض بذراعي الأخرى دون فائدة.. فطاقتي نفدت.
- يا لكِ من بطيئة.
تمتم مارفن بهدوء وهو يقترب مني فلمحت المنشفة البيضاء التي غطت جسده من السرة إلى ركبتيه. تجنبت النظر إليه مباشرة بإبقاء نظري أرضاً قائلةً بخفوت وتردد طفيف:
- متعبة... لا أظنني أستطيع الوقوف.
لاحظتُ تردده عندما مد كف يده لي ومن ثم تراجع عن قراره... انحنى قليلاً ومن ثم وضع مرفقه أمام ناظري كي أستند به وأرفع جسدي المنهك عن الأرض.
مساعدة أخرى قبلتُ بها. 

مد العكاز بيده الأخرى عندما وقفت فأخذته أرتكز عليه كي أسرع بالخروج من هنا لكن، المشي أصبح أكثر صعوبة مما سبق.. تخدرت قدمي من الرعب الذي عشته قبل قليل... وما أزال أشعر به.  
- من بين الجميع... أنت من ساعدها؟
تسمرتُ مكاني فلقد تحدثت إلينا بعد صمت طويل... لقد حصلت على مفاجئتها هي الأخرى. أردت النظر إلى وجهها والتلذذ بإستيائها من فشل خطتها -جزئياً- ولكن، هذه الرغبة مرفوضة فوضعي المزري لا يسمح لي بالاستمتاع... علي الخروج من هنا.

- أحضرتِها إلى هنا، كحلنا... كحلوا أعينهم برؤيتها، أياً كان المظهر التي هي عليه الآن... ومن ثم ماذا؟ ستبقيها بيننا لمتى؟
- لا دخل لك فيما سيحدث تالياً!
- بالضبط لكن، لي دخل بما سيحصل لك.
رد عليها بهدوء شديد يحذرها فساد الصمت بالمكان بينما سحبت نفسي خارجاً. لم أعر ما قاله اهتماماً فحتى وإن كان المقصد مساعدة إلينا... لقد ساعدني أيضاً.

- إلى أين؟
صوتُ مارفن الهادئ... لم أشعر بخطواته عندما تبعني نحو غرفة التبديل.
- سوف أبدل ملابسي...
أجبتُ وأنا أدخل قاعة تبديل الملابس وبطريقي استوعبت غباء ما قلته... عن أي ملابس أتحدث؟ ما كان الأمر ليصبح سيئًا لو كنت أرتدي ملابساً الآن!
أحسستُ بخطواته المستمرة في تتبعي وصولاً للمساحة الفارغة أمام غرف التبديل.
- ما الذي تفعله هنا؟
سألتُ بجدية دون أن أدير ظهري نحوه فمازلت حتى الآن أتجنب النظر إليه مباشرة -حرجاً-.
- هل توقف عقلك عن العمل؟
نعم... أظنه قد توقف فلا علم لدي عما يقصده الآن... لم أستوعب الأمر حتى؛  نطق بجدية:
- ينبوع النساء بالجهة الأخرى، من أين ورثتِ هذا الغباء؟
تذكرت حقيقة كوني مخطئة بالمكان بأكمله.. تلعثمت وأنا أشير للغرفة التي وضعت بها حقيبتي:
- سأبدل... سأرتدي ملابسي.. انتظرني هنا لن أتأخر.
التفتُ لأول مرة أرغب بالنظر لعينيه أملاً بأن يشفق علي فلن أجازف بالبقاء هنا دون سند... مارفن سند لي؟ سأنهار.

لم أستوعب مدى قربه مني إلا عندما التفت نحوه وسقطت عيناي على صدره العاري فتجمدت عيناي أدقق بما أراه. بعيداً عن جسده المرتب الرياضي، هناك كدمة بمنتصف صدره شدت انتباهي.
آثار خدوش وأظافر قد غرزت في خواصره... علامة الأظافر هذه ناتجة حتماً من تشبثي به عندما سقطنا من الجرف... تلك اليدين التي شعرت بهما تخبئان جسدي بين أكتافه العريضتين، حقيقة.
لم يكن رجل حديدي بالنهاية... أضرار سقوطه من الجرف أسوء وكدمته -البنفسجية- لا أظن بأنها ستشفى سريعاً.

من حفرة إلى أخرىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن