"28": من حفرة لأخرى

70 2 2
                                    

- جيس، لن أسألكِ عن أي شيء.
سكتَ فجففت فمي محاولة ابتلاع الغصة العالقة.
أهذا رفضٌ لبق لسؤالي عما حصل معه؟ نظرًا لكوني لن أتحدث بالمقابل، سأبدو أنانية جدًا إن اعترضت.

- أنتِ...
صمتُ عندما استرسل بالحديث وبصوتٍ هادئ للغاية أجاب عما به، ومما سمعته، كنتُ أنا الشيء الذي أجهده:
- منعت نفسي من مسح دموعك فلمسي لكِ بتلك الحالة سيجعلك تثورين غضبًا مني.. أو ربما كان من الأفضل أن أغضبكِ فحينها ستنسين ما يحزنك.

سمعته يتنفس بعمق ليكمل بعدها معلنًا نجاحه في تهدأت نفسه بينما، كنت أنا أجاهد في كبح رغبتي الشديدة بالإنهيار:
- ما كنتُ سأتوقف عند مسحي لدموعك فقط فوجهكِ الباكِ يكسرني.. ولا أرغب بأن يراه أحد غيري.. كنت سأدفنكِ بصدري وشخص مثلي، لن يدعكِ تبتعدين من حضنه بسهولة جيسي.
صوتُ بكائي أصمته.

أنا ضائعة وجاهلة عما يجب أن أجيب به كلًا من والدتي وأختي. وما يقوله الآن جايكوب يثير رغبتي بالبكاء أكثر بل نجحَ باسقاط دموعي التي عجزتُ عن اخراجها سابقًا!
أعلم نفسي جيدًا فحصيلة بقائي بعيدة عن عائلتي والتعرض لكل هذه الضغوطات، تجعلني فتاة هشّة تحن لحضن قوي يخفف ما بها. وإن حدث ولبى رغبته -بإحتضاني- فكنت سأنهار حتمًا لكن، ليس غضبًا مثلما قال بل بكاءًا.

-ارتدي ملابسك جيسيكا.. سآتي لإحتضانك!
- سأقتلك!
صحتُ من بين دموعي فأطلق ضحكة أسمعها لأول مرة.. مليئة بالحزن.
- قتلتني مرتين اليوم... أنا لستُ هنا.
أضاء اللون الأخضر فأخرجتُ ما بخاطري مع تلك الدموع.. وبما أنني بلحظة ضعف شديدة فالإستماع لصوت أمي أفضل حل أتى ببالي.
اتصلت لها وتحدثت بعشوائية غير آبهة كون جايكوب متواجد معنا ويستمع لما أقول.

لم أتكبد عناء ترتيب ما أقول فبدى حديثي عشوائي لكن، والدتي منصته لكل كلمة قلتها حتى أنها لم تنهرني عندما شتمت صاحب المنحة.

استغلت توقفي لالتقاط تنفسي بالتعقيب على ما قلتُ وبنبرة حانية حازمة:
- لن أستقيل من عملي لكِ ذلك لكن، معاقبتي لليزي، لن أتراجع عنها.
- أمي...
- كلا جيسيكا، غلطها لا يغتفر ولقد بدأ عقابها بالفعل.
قالت وأكملت موضحة العقاب الذي أتى على بالي قبل أن تنطق به.. إنه نفس العقاب دائمًا:
- ستبقى مع جدتكِ بعطلة الأسبوع القادم أما أنا فسآتي إليكِ جيسي.. سنكون وحدنا فقط.
لقد تحققت مزحتي في قضاء نهاية الأسبوع مع والدتي فقط.

لا أعلم فيما إذ توجب علي الفرح كوني سأرى والدتي أم أن أحزن على تغيب أختي. خاصة أن عقابها يعد الأسوء بنظرها فرؤية جدتي تعني الاستيقاظ مبكرًا والنوم مبكرًا دون أي وسيلة لتواصل. فقط جلسة طويلة مملة مع بعض الأعمال الشاقة التي ستقوم بها في مزرعة الجدة.
سيستمر انهيار أختي من اللحظة التي سمعت بها العقاب وحتى  انتهاء آخر لحظة منه.

- توقفتِ عن البكاء؟
- قليلًا..
لقد توقفت دموعي مسبقًا وأنا أعبر عما بداخلي فلقد انزاح هم ثقيل من على صدري.

من حفرة إلى أخرىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن