"34": من حفرة لأخرى

44 1 0
                                    

- نخلتي، سأنام معكم اليوم.
خففت مزحة جُوي الأجواء المشحونة فلقد عادت ابتسامتها وهي تصفع بطنه. ارتفع صوتُ الكف من جهة ومن جهة أخرى صوت ضحكته وهو يهرب من الغرفة فهناك شيء آخر يرغب بإيصاله لتالة.. قبلة هوائية ونصيحة سريعة لي:
- لا تشغلِ بالكِ جيسيكا وارتاحي جيدًا.
أغلق الباب ضاحكًا من رد تالة الجاد:
- سآتي وأصفع فمك!
الخجل الذي تبدو عليه، يجعل تهديدها لطيفًا جدًا. أظنني قد شهدت للتو بداية حب جديدة وهي سبب تبدل مزاجي لهذه السعادة.
- أعجبك؟
أرهبني سؤالها المقصود به، تصرف جوي فضحكت مجيبة بالإيماء:
- إنه لطيف جدًا.. عكس جايكوب الذي يجامل الخلق كل دقيقة!
عقدتْ حاجبيها فغيرتُ مجرى كلامي لذم جايكوب.. هو الوحيد الذي سيتقبل كلامي حتى وإن قلت شيئًا سيئًا.

تبسمتْ ومن ثم ضحكتْ فعلمت بأنني ضربت عصفوران بحجر، تجنبت عتابها وأبدتُ قلقها. ضمتني مرةً أخيرة قبل أن تذهب لسريرها قائلةً بنبرة أذابت قلبي من لطفها:
- لن أصفع فمه ما دام الأمر أسعدك.

تشاركتا نيلدا وتالة السرير ذاته بعد نقاش طويل فلقد كان من المقرر بقاء نيلدا معي كي تبقيني بأحضانها -تخفيفًا لما عانيته اليوم-. لا أخفي فرحتي بأنها لم تحتضني فمع هذا الألم المستمر، لا أرغب بأن يلمسني أحد.
الوجع يزداد ويخفت وهكذا حتى؛ تناولتُ مسكنًا واستلقيتُ منتظرة بدء مفعوله.. وبعدها سأنام.

<أعلم بأن ما جرى لكِ اليوم مرعب لكن، لا تفكري بشيء.. ولا داعِ لذهاب للمدرسة غدًا، ارتاحي بالسكن واستجمعي طاقتك للالتقاء بوالدتك>
اهتز هاتفي برسالة من جايكوب.. وأرسل واحدةً أخرى بعد فتحي المحادثة:
<لا أقصد بأنكِ فعلت أمرًا خاطئًا ونحاول التستر على الأمر لكن، لن يعلم أحد سوانا نحن ومارفن.. وبالنسبة للأستاذ، لن يعود مجددًا وخذيها وعدًا مني.>

ركزت بتفاصيل رسالته وبالأخص ما قاله بالأخير عن الأستاذ. سابقًا، قال جوي بأنني لن أرى الأستاذ لفترة طويلة نظرًا لإصابته لكن، جملة جايكوب الآن تعني بأنه سيتدخل بالأمر من أجلي.

إهتمامه، ومواساته تعنيا لي الكثير فكتبت معبرةً عن مشاعري:
<ليتكَ كنت متواجدًا بدلًا من مارفن... كنت سأسعد لضربكَ له.>
<وما الفرق بيني وبين مارفن؟>
ردَ مباشرة فصمت أفكر.. أهذا سؤال مقارنة بينهما أم كمين لي؟

<تفكيرك بالجواب يختصر كل شيء لذا دعيني أجيب عنكِ جيسيكا.>
اسمي بالكامل... إنه غاضب مني أكثر مما حدث بالمكتبة فلقد أكمل برسالة أخرى:
<"لقد أتى ليأخذ كتابًا؟" لقد تجاهلك متعمدًا وكأنه لا يرى تحرش الأستاذ بكِ! هذا ما كان يجب أن تجيبين بهِ صديقتي جيسيكا!>

أرعبتني إجابته ومعرفته بتصرف مارفن الذي كنت أتستر عليه. شعرت بالوجع يزداد فوضعت هاتفي جانبًا واتخذت وضعية الجنين. أبقيت عيني على المحادثة المستمرة دون أي رد مني. ومع كل رسالة كنت أشعر بتوتري يزداد:
<هناك عدة مرات وقعتِ بها بمأزق وتدخل مارفن لمساعدتك. لا داعِ لأذكرك بها لكن، هذه بالذات تحرقُ قلبي!>
هل يؤكد الآن كونه كان يعلم بمكائد إلينا وكيف انتهى الأمر بمساعدات مارفن لي؟
سؤالي هذا أعادني لنقطة كنت قد نسيتها، إنني مدينة لمارفن بعدد مراتِ مساعدته لي، ومسامحته الآن كفيلة برد الدين كله!

من حفرة إلى أخرىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن