"24": من حفرة لأخرى

78 2 0
                                    

رفضت الخروج مع البقية متعذرةً بالنعاس الذي لم أعد أشعر به، فلقد أصبحت أكثر نشاطًا فور خروجي من المدرسة.

بدى الطريق ممتعًا للغاية عكس ما شعرت به الصباح فقررت أخذ راحتي والتأمل فيما حولي. أخرجت هاتفي، التقطت صورتان وأرسلتهم مباشرة لأختي التي ردت من فورها برسالة نصية كتبت بها:
<صورة لك هيا>
لأول مرة، لا تطلب صورة لرجل ما.

رفعت الهاتف، نظرت لشكلي بالكاميرا الأمامية، أزلتُ الربطة من شعري، هززت رأسي قليلًا فتبعثر بطريقة مرتبة.
<نعتني أحدهم بالفاتنة اليوم>
كتبتُ كتعليق بعد ارسالي الصورة.

بالحقيقة لم أشعر بالضيق مما قاله كاي فشخصيته تبدو مختلفة.. يبدو لطيفًا ومرحًا عكس البقية.
<لا ألومه... ستبدين فاتنة أكثر إن أخرجتِ القليل من مفاتنك>
<لا أريد شكرًا>
أجبت مع أخذ نظرة على ملابسي الثقيلة الساترة فالجو اليوم بارد جدًا.. إنها آثار ما قبل الدورة الشهرية.

طلبتْ صورة أخرى لوجهي "الفاتن" فالتقطت واحدة أخرى لكن، هذه المرة غطيت وجهي بيدي.. علقتُ على صورتي:
<رتبي فراشي كي تري الوجه الفاتن نائمًا بجانبك>

عشر ثوانٍ وردت علي برسالة غريبة كتبت بها:
<أنظري خلفك>
أجبتها بضيق وأنا أكمل المشي:
<لن أفعل قبل أن تعديني بأنكِ سترتبين المكان لي>
<فقط أنظري.. الآن!>
توقفت مكاني متنهدة بقوة ومن ثم لففت جذعي لأرى ما شد انتباهها.. سيكون رجلًا بالتأكيد!

بمجرد ما نظرت للخلف، اصطدم وجهي بجسم الرجل الذي كان يمشي خلفي. سرعة وصوله لي تؤكد انعدام المسافة بيننا!

- أعتذر لتوقفي المفاجئ.
ابتعدت من أمامه مع ابقاء نظري على حذائه الرياضي.
أعلم بأنني إن نظرت إلى عينه لن أعتذر فهو المخطأ بالنهاية كونه لم يترك مسافة بيننا.

رن هاتفي برسالة جديدة من أختي.. شتمتها بخاطري وأكملتُ شتائمي للشخص الذي اصطدمت به.
- أنظري إلي وأنتِ تعتذرين.
هذا الصوت الهادئ المميز أطفئ ترددي فنظرت لصاحبه بكل جدية.. هل لحق بي كي يعاقبني على ما تفوهت به اليوم؟

- لن أكرر خطأ الاعتذار إليك مجددًا.
الهدوء وتحديقي بعينه مطولًا، جعلاني أسرح قليلًا فمن المؤسف امتلاكه هاتين العينين الجميلتين. سقطت أشعة الشمس على وجهه فأصبح لونها كالعسل الصافِ.

- متأكدة؟
سأل مع تقدمه خطوة واحدة للأمام فعقدت حاجبي قائلة:
- نعم، لن أعيد اعتذاري وأنا أرى وجهك.
خرجت الكلمات بسلاسة لكنه، يعلم جيدًا كيف يصيبني بالتوتر لدرجة التلعثم..
- لديك رقم جوليا؟
تداخلت كلماته بين جملتي التي بالكاد أنهيتها متجاهلةً سؤاله تمامًا.
إنه تمهيد لتهذيبي عما تفوهت به في الحصة...

- ستحتاجينه.
أخافتني نصيحته فحاولت تغيير الموضوع لواحد آخر يصب لصالحي:
- بالمناسبة، كم شخصًا ستخبر عن تلك القبلة؟ لا بأس بمعرفة إلينا لكن، لما قد تشارك الموضوع مع كاي... صديقك؟
شعرت ببعض الغرابة من نطقي لاسم صديقه. ظلَ هادئًا فسألته بجدية تغطي احراجي من فتح موضوع تلك القبلة اللعينة:
- كلانا مشمئز منها فلا داعِ للتفاخر أمام...
- بالضبط.
قاطعني بكل هدوء وأكمل بنفس النبرة:
- ما كنتُ لتعيدين فتح الموضوع إن كنتُ مشمئزة.. ومشاعر الاحراج ليست المشاعر المناسبة جيسيكا.
بالرغم مما قلته له إلا أنني حاليًا، لا أشعر بأي شيء سوى الاحراج.. ولقد لاحظ ذلك بسهولة رغم تحجر ملامحي.

من حفرة إلى أخرىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن