"32": من حفرة لأخرى

41 3 5
                                    

جلستُ بقاعة الكيمياء، دفنت رأسي بين ذراعي وأغمضتُ عيني... أيجب أن أذهب لمنتصف القاعة وبدلًا من الإعتذار، أرمي الكتاب على وجهه؟ 
هذا المنحرف اللعين لا يستحق إعتذارًا مني. أنا حتمًا لن أعتذر ولن أدع الأمر ينتهي بصمتي.
ربما علي أخذ ما جرى عذرًا، لأعود لمنزلي ومدرستي السابقة. اشتقت للتنمر الذي كنت أتعرض له فهو أهون بمراحلٍ مما أواجهه الآن. أفضل من رؤية وجه مارفن المتجهم يوميًا.

بدلًا من بتر يده اللي لمسني بها، هلعتُ كالجبانة لا أعي ما أقول وأفعل.
- بخير؟
كان كاي جالسًا بجانبي طوال وقت تفكيري وهذا سؤاله الأول. لقد صمت فترة طويلة وهذا إنجاز.
أومأت بقوة دون رفع رأسي وبخاطري، كنت أشتم صديقه عديمة الرجولة الداعم للمتحرشين.
- ألن تبدل مقعدك مع مارفن؟
سألت وبإمكاني تخيل الفرحة التي شعر بها وهو يعلق بثقة مستفزة:
- لن أكون مسؤولًا إن أدمنتِ صحبتي!
الجلوس بجانب كلاهما سيء.. سأجد مقعدًا بعيدًا.

آلام الدورة والسكاكين التي شعرتُ بها تقطع رحمي، اشتدت علي. وبقدر ما أردت البقاء على حالي الآن إلا، أنني رفعت رأسي لأنظر إلى رئيس الفصل. استغل تأخر الأستاذ، بشرح بعض المهام الخاصة بالأنشطة.

عيناي عليه لكن، عقلي مفصول تمامًا.. لا أستطيع التركيز ولا التفكير بأي شي عدى الوجع الغير محتمل.
- تبدين متعبةً جدًا جيسيكا.. اذهبي لغرفة التمريض.
هززتُ رأسي لا إراديًا.. فكرة خروجي مرةً أخرى، ترعبني.
- لن يفعل لكِ شيئًا ما دمتُ معكِ! سأوصلك بنفسي.
قالها بجدية ممسكًا حقيبتي بيد ويده الأخرى مدها ليساعدني على الحركة. هل أبدو مرهقةً لدرجة ظنه بأنني لا أقوى الحركة بمفردي؟

- سأذهب بعد إنتهاء هذه الحصة.
- إنه الأمر ذاته جيسيكا.. بعد هذه الحصة سيبدأ عقاب الأوراق مع نفس الأستاذ وستمنعين نفسك من الذهاب كي لا تعاقبي مرةً أخرى!
صمتُ أدقق بمدى صدق إهتمامه ومما أراه، يبدو مهتمًا وللغاية. أتساءل، هل سيقف بجانبي إن أخبرته بما جرى لي؟

- هل كنتِ تفكرين بالإعتذار بدوني!
تنهدتُ بقوةٍ عندما تحدث بعتاب فيجب أن أعاقب نفسي التي فكرت بهذا القرار!
- لن أفعل.
قلتها بضيق فمشى بحقيبتي قائلًا بجدية:
- جيد، ما كنت سأتساهل معكِ إن فعلتها!
احتدت نظراتي بغضب شديد حاولت درأه بصعوبة. للحظة، كنتُ سأصب عليه كل الضغط الذي أشعر به، فقط لأنه صديق مارفن!

- اتبعيني، حقيبتك معي لذا سيعاقبك من جديد إن تواجدتِ بدون كتابه.
ضحكَ بينما أبقيتُ نظراتي جادة كي يفهم بأنني لن أتزحزح من مكاني.. سأستمع لنصيحة تالة ولن أخرج!

- لن يتواجد الأستاذ اليوم لظرف طارئ.
أنقذني رئيس الفصل فظهري يحتاج للراحة.. علي أن أستلقي بأسرع وقت.

نهضت من مكاني، أخذتُ حقيبتي من عند كاي وخرجتُ من القاعة. سأرتاح أولًا ومن ثم سأفكر بما يجب أن أفعله وكيف أتخلص من ملاحقة كاي!

من حفرة إلى أخرىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن