"26": من حفرة لأخرى

77 2 3
                                    

بقدرة قادر، مرت الأيام المتبقية بهدوء وبلا أي نزاع حتى؛ أتى موعد عودتي إلى عائلتي. رتبتُ حقيبة صغيرة سآخذها معي وخلال انشغالي، كانت تالة تخبرني بمخططاتهم المتعلقة بزيارة منتجع خاص بعائلة جايكوب.
- اطلبي من عائلتك مشاركتنا. 
- للأسف، لا يمكنني ذلك فوالدتي مشغولة بعملها حتى الغد (كذبت).
اعتذرتُ بلطف ومن ثم أكملت ترتيب حقيبتي بعد رحيل تالة وتوصيتها لي بالإنتباه لنفسي مع إرسال سلامها لعائلتي.

لم تتصل بي والدتي حتى الآن حتى؛ رسالتي لم تجب عليها وعندما أسأل أختي عنها تخبرني بأنها قد نست هاتفها في المنزل وبسبب الضغط في العمل لم تعد للمنزل حتى اليوم.

بقيت بغرفتي لدقائق أنتظر ردًا من أختي وعندما أجابتني برسالة "لقد تفرغت لكِ" تحركت من مكاني.

- طلبت سيارة أجرة، ستتأخر قليلًا لكن، لا بأس.  
قلتها ببهجة فور اجابتها على اتصالي فتحدثت بنبرة مخالفة لما توقعت:
- إلغي طلبك جيسي، لن تعودي اليوم.
ضحكتُ رغم سوء مزحتها فأعادت كلامها بصيغة أخرى أكثر جدية:
- أنا لا أمزح، لن تعودي للمنزل اليوم.
- ولما لا؟
- أمي ما تزال بعملها وأنا لدي مشروع مع زميلاتي. لن أتفرغ اليوم.
- لا أريدك أن تتفرغي لي طوال اليوم أختي!
قلتها بحدة مكملة طريقي خارج السكن وأردفتُ بضيق واضح:
- يكفيني أن أراك نائمة بجانبي وأما والدتي، فسنذهب إلى مقر عملها غدًا.. لن تمانع ذلك.
- كلا حبيبتي... لنؤجلها للأسبوع القادم حسنًا؟
- لا أريد!
ارتجف صوتي بقوة فصمتُ أهدأ من نفسي..

- سأعود.
قلتها بإصرار دون أن أتيح لها مجال الرد فالرفض اليوم، أمر لن أقبل به. يجب أن أعود إلى المنزل قبل أن أنهار هنا.

توقفت في المكان المخصص بانتظار سيارات الأجرة، دون الإجابة على اتصال أختي حتى؛ رن هاتفي برقم غريب فأجبت.. مثلما توقعت، إنها والدتي.

- لقد استعرت هاتف زميلتي بالعمل.. فقط لأسمع صوت جميلتي.
- الآن فقط؟
سألت بعتاب مليء بالاشتياق مكملة:
- أمي أرجوكِ غيري كلمة سر هاتفك، لا أريد أن أرى إليزابيث تستخدمه.
- "إليزابيث".. بالتأكيد افتعلت كارثة بهاتفي.
علقت على نطقي الاسم كاملًا بضحكة خافتة ومن ثم أردفت بحنية:
- سأفعل والآن، عليكِ فعل ما أطلبه منكِ حبيبتي. 
انهال علي ضيق شديد وأنا أستمع لأمرها المشابه لما قالته أختي.

- ما الذي يجري بالضبط؟
سألت فلا أصدق عذر انشغال أختي بالمشروع أو بقاء والدتي بالعمل. هناك شيء آخر يستدعي هذا الاصرار والذي أفصحت عنه والدتي بعد صمت وجيز:
- سيأتي غدًا، السيد إدوا...
- لا تنطقي باسمه.
خرجت كلماتي شديدة حادة فأخفضتُ نبرتي معتذرة.. إنه صاحب المنحة، يجب أن يمر كعادته للمنزل. للإطمئنان علينا -دوني طبعًا- فحتى الآن رفضتُ مقابلته وجهًا لوجه وبالرغم من رؤيتي له مرات قليلة إلا أن وجهه ما يزال محفوظًا بعقلي.
أتمنى أن يختفي من حياتنا للأبد فوجوده يخنقني.

من حفرة إلى أخرىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن