.
الجزء الثاني والعشرين
نظرت إليه بهم عظيم.. كان نائمًا على كرسي الطائرة والغطاء يصل إلى أكتافه.. كان يبدو هادئًا ومسالمًا.. على عكس حقيقته وطباعه الصعبة
منذ أن خطبها وهي تحلم به.. وتبني معه سيناريوهات خيالية
الشاب الذي تحلم به الفتيات أصبح من نصيبها هي!
ولكن مع أول ساعات لها معه، رمى بها في اليم بأخلاقه وبالظهار، وبعد أن بدأت تجفف نفسها من الغرق.. وبدأت تتأمل به مرة أخرى.. اكتشفت بأنها لا شيء في حياته
كانت ستكذّب تلك المعتوهة، ولكن كل شيء يُثبت ما تقول.. يكفيها ترديد حياب المستمر بأنه يكرهها وأنها لا تعجبه.. وأنه أجمل منها بكثير
عادت بها الذكريات إلى يومين سابقين.. حين أخذها رغمًا عنها من منزل والديها.. كيف بدأ التمثيل باحترافية أمام والدتها، بأنه مظلوم ويعاني ولا يصبر على العيش بدونها
وما أن اختلى بها حتى قرص أذنها إلى أن احمرّت وانتفخت
لمست أذنها بيدها.. لا زالت تؤلمها
مدت يدها إلى كرسيه وضربته بقوة على فخذه.. عقد حاجبيه بانزعاج
خشِيَت أن ينهض ويفضحها أمام العالم.. ولكنه أعادهما إلى وضعهما الطبيعي باسترخاء
نزلت دمعتها وهي تراه.. ممثل بارع.. ممثل لا يمكن مجاراته أبدًا.. لا تعلم صدقه من كذبه أبدًا.. لا يُتقن شيئًا في هذه الحياة سوى الأوامر، التمثيل، و "الوغادة"
*
.
،
*
بعـد أيـام
احتضنتها بحب، لا يخلو من الدموع.. وتلك تبتسم لها بحنية
منذ وفاة والدتهم وهي تشعر بأنها كبرت سنين ضوئية.. وتشعر بأنها والدة هذه الصغيرة.. ليست شقيقتها الكبرى وحسب
كانتا تتبادلان الأخبار.. وكانت ريان أكثر من يثرثر.. تشارك شقيقتها تجربتها الأخيرة كزوجة، وكزوجة ابن خصوصًا
شهقت ريهام وهي تنظر إلى الصورة وقرصتها على زندها بغضب: وليييي.. شو أنتي تبين تفضحينا؟
تألمت ريان وهي تدفعها بعيدًا: آآآآه رهوم شو هذا.. وجعتيني
ريهام: شو هاي الحركات.. شو مفكرة حالك بنيويورك؟
ريّان بذنب: خلص كلهم هزؤوني
ريهام: بس أكيد ما حد ضربج بالشحاط.. انتي بدك ضرب بالشحاط.. أنا قلت لماما الله يرحمها بس كانت تقوللي ريان مسكينة
ريّان بزعل: خللص رهوم.. يعني شو انتي بتلبسي قدام ام محمد؟ ماما الله يرحمها كانت تلبس هيك
ريهام: ماما ما كانت بتلبس هيك الا في بيتها.. حتى لما بيجونا جاراتها العربيات ما بتلبس معهن هيك.. هاي الحركات ما حد يسويها قدام الناس الا انتي
ريّان: طيب خلاص كلمتني عمتو أم غديّر ووعدتها إني بتغير
ريهام: مسكينة أم غديّر مبينة إنسانة طيبة
زمت ريان شفتيها: ما اعرف.. هي ساكتة اغلب الوقت وتتطلع فيني.. لكن لما أروح لها تعاملني منيح.. مابعرف شي عنها أحسها غامضة
ريهام: هيك كنتي بتحكي عن غديّر
ريّان هزت راسها بتأييد: ايه يمكن طالع لأمه.. هذاك اليوم زعلت من غديّر ورحت عندها دافعت عني ونيمتني عندها
ريهام فتحت عيونها بصدمة: يا ويلي انتي شو عاملة اكشن عندهم.. شو هالدراما رايحة تنامي عند ام زوجك؟؟؟ ولك انتي ما بتستحي؟ ما بتعرفي شو يعني خصوصية زوجية؟
ريان: طيب شو اعمل؟ هو صرخ علي ما كنت طايقة اشوفه
ريهام: وشو يعني كلما بتتضاربوا بتروحي لعند أمه؟ مجنونة انتي؟ بدك تخلي الرجال يهرب منك؟
ريان: شو اعمل لكن؟ اروح انام عنده؟
ريهام: طبعًا هذا بيتج.. زعلانة ولا راضية مكانج مع زوجج.. اذا ما تبين تكلمينه كيفج لكن ما بيصير على كل شي تتركيه.. الحمدلله إنه رجال عاقل ومكبر عقله معاج
ريان: طيب خلللص.. تحسسيني اني أسوأ زوجة في العالم
ريهام: لا مب أسوأ زوجة لكن كبري عقلج شوي.. انتي مرة الحين مو بيبي.. فكري بتصرفاتج.. تحملي الرجال مثل ما هو متحملج
ريان بوزت: طيب خلص غيري الموضوع.. أنتي شو اخبار الحمل معك؟
ريهام استرخت على كرسيها ووضعت يدها على بطنها: الحمدلله.. ماشي الحال.. بس فطومة بنتي تعبتني صايرة دلوعة
ريّان: ماما كانت تقول البيبي يحس إنه جاي حد بعده
ريهام ضحكت: يمكن صدق ما نعرف "غمزت لها" عئبال عندك
ضحكت ريان: لاااا لساتني أنا.. قلت لغديّر مابدنا ولاد الحين لبين ما اتخرج من الجامعة
ريهام هزت راسها: طيب.. بنشوف
عقدت ريان حواجبها: لاا نحن متفقين
ريهام: طيب شو قلت انا؟
.
،
ما أن خرج من قسم هزاع والذي يعتبر مكان تجمّعهم الجديد بعد زواج غديّر، حتى اختفت ابتسامته.. توجّه إلى قسمه وهو يفكر بها
لا يعلم ماذا دهاها.. بدأ يلاحظ التغيير عليها في آخر أيامهم في البلاد
في البداية كان يظن جفائها هذا دلالًا.. أو محاولات لرفع ضغطه.. ولذلك لم يأبه بها، بل كان يزيد بغيظها
ولكن الأمر طال أكثر من اللازم.. واتضح له بأن هنالك ما يُغضبها أو يحزنها
راجع نفسه مئات المرات.. ولكنه واثق بأنه لم يفعل شيئًا هذه المرة
ليس لطيفًا، ولكنه لم يفعل شيئًا مختلفًا ولم يزد بشيء
فكر قليلًا.. هل يُعقل بأن تكون رحلته إلى البر مع الشباب هي سبب غضبها؟
فقد كان هذا آخر عهد له مع صغيرة "الطبيعية"
أم أنها سئمت منه.. شعر بقبضة في قلبه.. هل يمكن أن تكون قد ملّت منه ولا تستطيع تحمله أكثر؟
حاول سؤالها أكثر من مرة ولكنها لا تجيب عليه.. لا تستجيب له أو لأي محاولات منه حتى لاستفزازها
صمتها هذا يذكّره بأول أيام زواجهم.. تضايق للذكرى.. فقد كان سيئًا جدًّا معها.. كان فضيعًا.. ولا يعلم حتى كيف تحمّلته
لم يرَها في صالة الجناح.. اتجه إلى غرفتها ودخل بدون أن يطرق الباب
فزّت ما أن رأته.. شعر بارتعابها منه.. وعيونها التي تزيد خوفًا مع كل خطوة له
رمى بنفسه على السرير بجانبها.. شعر بانكماشها ونفورها.. ولكنها لم تقل شيئًا.. وصمت هو بالمقابل
قال بعد مدة من الصمت بدون أن ينظر إليها: أنا ببدا أصوم من باجر
لفت انتباهها بكلماته.. لم تقل شيئًا ولكنها نظرت إليه بحيرة
أردف: كفارة الظهار.. صيام شهرين متتابعين
قالت بصدمة: شهرين!
حياب تنهد: هذا دوا اللي يستهين بشرع الله
علّقت عيونها بعيونه بعدم تصديق.. تشعر بمشاعر ملخبطة.. لمَ يريد التكفير وهو راغبٌ بأخرى؟
تجمعت في عقلها الافكار.. هل يريد الجمع ما بينهن؟ هل يعقل بأن يفعلها؟
يبدو أمرًا مستحيلًا
تلك المعتوهة قالت بأنه سيطلقها ليأخذها هي.. أساسًا محال أن تقبل تلك المغرورة بأن تكون زوجة ثانية
قالت: أنت ليش كنت رافض الزواج؟
حياب تضايق من ذكر الأمر: الحين شو ياب هالموضوع فبالج؟ خلاص شي وانتهى من زمان
صغيرة تربّعت أمامه: جاوب لو سمحت
استغرب نبرتها هذه.. قلّما يراها بهذه الجدية.. ولكنّه تأمّل قليلًا.. على الاقل بدأت بالتفاعل معه
رفع نفسه عن ظهر السرير.. ركز عيونه بعيونها.. شعرت بارتباكٍ شديد جعلها تزيح نظرها عنه
قال: ما كنت ابغي أعرس لأني أحس عمري صغير علي العرس.. أبغي ألعب.. مب متفيج لصداع الحريم والعيال
قالت مباشرة: احلف
حياب رفع حاجبه: تشوفيني چذاب؟
صغيرة: هي.. دوم تقص علي.. احلف
استنكر ردها.. في الحالات العادية كان سيغضب منها.. ولكنّه حاول السيطرة على أعصابه هذه المرة.. لأنه يريد إنهاء هذا الخلاف الغامض
قال: إذا ما بتصدقين هاتي مصحف بحلف لج بعد.. أقسم بالله العظيم.. يا صغيرة يا بنت محمد إني ما بغيت العرس لأني أحس عمري صغير ومالي بارض مسؤولية.. خلاص؟ ارتحتي؟
صغيرة بعدم تصديق: مب لأنك ما تباني أنا؟
حياب: لا
صغيرة تحاول استيضاح الامر: يعني.. اممم.. مب لأنك كنت تبا حد ثاني؟
حياب: صغور إذا عندج شي قوليه بصراحة بلا لف ودوران
قالت: ما كنت تبا صبحة؟
عقد حواجبه باستغراب: لا طبعا.. شو أبا بها؟
اقتربت وتربّعت أمامه لتركز على ملامحه وتتأكد: ما كنت تبغي تخطبها؟
ابتسم ابتسامة جانبية: يالغيورة.. لا ما كنت ابغي اخطبها.. مب من زينها.. اقولج ابغي اصوم عشانج وتقوليلي تبا صبحة؟ أنتي منو مخربط عليج أبا أعرف؟
قالت بجرأة: هي قالتلي
انصدم: هي قالتلج حياب يبا ياخذني؟
صغيرة: هي
حياب عقد حواجبه باستغراب: غبية هذي؟ شو ابا بها أنا؟
أنا مادري منو مخربط عليها ومادري هي شو تبا بالضبط.. أشوف حركاتها زايدة
لكن صدقيني صغور والله إني مابغيها.. مابغي حد غيرج أنتي يالهبلة.. شو أبا بها؟.. ياخي أنا يوم بحب وحدة أكيد ما بحب بنت هالدب سالم
كانت تراه بعدم تصديق.. أغلقت أذنها عن كل شيء ولم تتكرر في عقلها سوى جملة واحدة "مابغي حد غيرج أنتي يالهبلة".. بدأت ملامحها بالتغير بشكل تدريجي.. من التحقيق والتشكيك.. إلى ابتسامة خجولة
استرخت على ظهرها بفرح.. ضحكت ضحكات قصيرة.. شعرت برغبة كبيرة بالقفز عليه وتقبيله أو الصراخ بأعلى صوت، أو أن تنعش بشعرها احتفالًا بهذا الخبر الجميل.. وعلى هذه الثقة المفرطة التي زرعها فيها.. يكفيها أنه يقسم أشد القسم أنه لا يريد صبحة ولا أي أحد سواها هي
شدّ خصلة من شعرها فصرخت بألم: آآآآآآه يا زفت
حياب بقهر: شو يضحك؟ ابا اعرف.. خاطري اكفخج طراااااق.. اقطّع شعرج مب بس امطه
"كمل بغضب" مقاطعتني كمّن يوم ومعيّشتني في توتر لأنج تتحريني ابا هذي بدالج؟
والله انج غبية.. اي حد بيقص عليج بكلمتين بتصدقينه؟ أي وحدة بتحاول تدخل بينج وبين ريلج بتدخلينها؟؟ غبية انتي؟؟؟ لهالدرجة بايعتني؟
مدت بوزها بندم وزعل: آسفة.. حياب.. لا تعصب
حياب قام من مكانه وهو مستمر يهزبها (يزجرها): ترفعين الضغط.. اونه صبحة.. والله إن عدتي هالموضوع البايخ يا ويلج
لحقته بشعور بالذنب شديد.. خصوصًا وهي تتذكر كلامها عنه: تعال حياب.. خلاص آسفة ما بعيدها.. لا تزعل مني
خرج من الغرفة وهو يقول: كلي تبن
ركضت خارجة إليه.. ما بين الندم على فعله.. والاندفاع الشديد بمشاعرها تجاهه
سمع وقع رجليها على الأرض.. واعتذاراتها المتكررة.. ورجائها بأن يسامحها
التفت عليها.. كانت تلحق به وشعرها يتموّج ورائها.. كان مبعثرًا على وجهها بطريقة فاتنة وبريئة
كان يتأملها وهو يفكر.. كيف يمكن للمرء أن يغضب منها؟
قال: مستحيييل أرضى.. مستحيل.. الا بسحور غاوي من ايدينج
صغيرة فتحت عيونها بصدمة: تباني أنش فهالليل أسويلك سحور؟ أنت مصدق عمرك وااايد
حياب: إذا تبيني أرضى بتنشين عشاني.. ريلج أنا.. استاهل "قال فجأة" شو رايج تصومين وياي؟ تشجعيني
صغيرة: اصوم شهرين؟؟؟ مينون أنته؟
حياب: تراني انا بصومهن ان الله راد
صغيرة: والله مب أنا اللي مظاهرة منك، أنت اللي مظاهر مني
قال ينقمها: امايه يوم خطبتج قالتلي صغور سنعة.. ماااالت بس.. إذا كان السنع يمين تراج أنتي يسار
أنت تقرأ
على وطايا الخيل
Romanceعمّا يحدث خلف جدران المصحّات النفسية، والأمراض الوراثية وعالم الخيول مابين عسف وترويض.. رواية خليجية إماراتية بشخصيات متعددة كلّن يشق طريقه في هذه الحياة وله اختباراته ومعاناته الخاصة.. مابين الحب والرومانسية والألم العتيق هنا على وطايا الخيل