26

765 14 1
                                    

.


الجزء السـادس والعشريـن




كانت مستلقية على بطنها وهي تتسامر مع سوادة


قالت سوادة: قومي بس.. خلينا نسويلنا عيشة (طعام) ولا نسوي شي في حياتنا.. تخمّر تحتج هالفراش

صغيرة: سوادة مب متفيجة لج تراني

سوادة تنقمها: هييييييييه والله تولهنا على صغور المؤدبة


صغيرة شافتها بطرف عينها وردت نظرها للأمام


سوادة: أعوذ بالله يالنظرة.. الحين بترد على أخوي مسكين

مدت صغيرة شفتيها بزعل: لو تعرفين شو سويت فيه.. أول مرة أحس عمري بهالحقارة

سوادة: زين بعد يوم عرفتي عمرج

صغيرة: والله صدق.. مادري كيف سويت فيه چذي.. كسر خاطري.. لو اقولج صدقيني بتكرهيني

سوادة: مابغي اعرف شي عن مشاكلكم.. قلتلج انتوا الاثنين غالين ومابغي أشل في خاطري على حد منكم

صغيرة: واللي عوّر قلبي أكثر إني يوم اعتذرت له، سامحني على طول، ماعاتبني حتى "فرت لها التلفون" شوفي

أمسكت سوادة بالهاتف وهي تقرأ آخر رسالتين.. ثم ابتسمت

سوادة: حبيبي والله حياب.. توقعت أشوفه كل شي الا اني اشوفه خروف


غيرت صغيرة وضعية استلقائها، بشفتين ممدودة، وذهن شارد


قالت سوادة: أشوف راويني شو خذتي حق عرس وضحوه

صغيرة: طلبت لي فستان وما جربته بعد.. بخليه مفاجأة باجر الله يعلم شو بيطلع

سوادة: يا برود دمج

صغيرة: محد متحمس للعرس ترا خلاااص يعني شبعوا من بعض شو هالعرس الحين؟ مكّارة بعد وضحوه

سوادة: افاااا يعني لو اسوي عرس ما بتتحمسين؟

صغيرة: ههههههههههه احلفي انتي بس عرس وأنتي بكرشتج؟ ولا بتربين وتخلينهم هم يزفونج.. صدق اللي اختشوا ماتوا

سوادة: عادي خلاص وصلنا 2023 محد يستحي الحين

صغيرة ضحكت: لا حبيبتي أنا ما احضر أعراس سخيفة.. الود ودي حتى هالعرس ما احضره مالي بارض أعراس (متكاسلة).. بس بتزعل وضحوه

سوادة: لا والله صدقها امي صغيرة يوم تقول عنج مضيعة المذهب "نهضت من مكانها متجهة إلى غرفة التبديل"
أشوف وين الفستان؟ قومي البسيه يمكن يباله تعديل أو شي


نهضت صغيرة بكسل.. لا تشعر برغبة بفعل شيء.. ولكن سوادة لا تعطيها الحرية بعمل اللاشيء.. تراها الآن تعبث بخزاناتها وتبحث عن الفستان
اتجهت صغيرة إلى زاوية معينة واخرجت فستانًا مغطى بتلبيسة قماشية وارتدته.. لتعود إليها بنفس الوجه المتجهّم


سوادة: وااااااو صغور شو هالجرأة؟ رووعة الفستان واللون رهيب.. مب عادتج مول

صغيرة: مادري شفته وعيبني.. شو رايج يقولون حلو هاللون علي!

صغرت سوادة عيونها بتشكيك: يقولون؟ منو يقول؟

صغيرة تبعد أنظارها: اممم الكل!

سوادة بمكر: والله ماذكر إني سمعت حد يمدحه عليج





،





أرسلت له: عقب العرس بخلي أخوي يشلني

يبدو بأن الهاتف كان بين يديه.. لأنه رد عليها مباشرة.. بكلمة واحدة.. وكأن، كما يقال "الحرف بفلوس"

كتب: لا

كتبت: ممكن اعرف ليش؟

كتب: تردين بيت أهلج وأنا مب موجود من كم يوم.. شو معنى هالشي؟

ردت: ماله معنى.. مشتاقة لأهلي يا سلطان.. وأنت مب موجود عشان توديني.. ببات عندهم كم يوم

سلطان: لا.. يوم بخلص شغلي ان شاءالله بروحي بوديج وبسلم عليهم


اتصلت به ولكنه لم يرد


كتبت بغضب: شو هالحركات؟ مراهقة متأخرة؟

ابتسم بسخرية وكتب: ما اقدر ارد على التلفون اكتبي اللي عندج

وديمة: كل يوم ماتقدر ترد.. شو اللي تبغي توصله؟ تبغي الفجوة بيننا تزيد؟ والخلاف يكبر؟ البعد هذا والهروب وإنكار المشاكل ما بيوصلونا لنتيجة ثانية

سلطان: لا هروب ولا غيره.. ماله داعي تدخلين مصطلحاتج الطبية كل شوي

شعرت بغضب شديد.. في آخر كم محادثة لهم.. إضافة إلى جفاءه الشديد.. كان يزج بخلفيتها الطبية بشكل مستفز في كل مرة.. وكانت تبرر له في كل مرة.. ولكن تبريراتها لا تقنعه، ولم توقفه أبدًا

قالت: شو يخص مصطلحاتي الطبية ممكن افهم؟ ما ضريتك ولا غلطت عليك هذا أسلوبي في الكلام وأنا متعودة على چذي وأنت تعرف هالشي لا تحاول تغيرني الحين وتقول كلامي مايعيبك
وايد تنرفزت.. ماقدر اكمل المحادثة هذي.. مع السلامة


رمت هاتفها على السرير وهي تمسح دموعها.. بأطراف أصابعها الطويلة
ما به الآن؟ ما كل هذا الزعل؟ هل يستحق الأمر الأساسي كل هذا؟ لمَ يجعلها تشعر بكل هذا الضياع؟ لم يجعلها تعيش هذه التساؤلات وحدها؟

تعلم بأنه يتهرب من الحديث معها.. لا يريد أن يكلمها.. ولذلك في كل مرة يتحجج بالعمل ويتواصل معها كتابيًا
في السابق كانت ستقول بأنه يخشاها، لئلّا تكشفه.. أو لا تهدم الزعل الهائل الذي بناه، بكلماتها
ولكنّها تعيش الجهل الآن.. لا تعلم ما تعلمه وما لا تعلم


سلطان شخص غريب جدًا.. في رضاه يكون كالعسل.. شديد الحلاوة.. شديد الانسيابية.. يكون مؤنسًا.. معالجًا.. أحاديثه طويلة وممتعة لا ينطق إلا بما يفيد ويُثري

ولكنه في زعله بحر هائج.. ليس له عمق.. ولا حد.. لا تستطيع عومه ولا تستطيع حتى الاستسلام للغرق.. ولا تعلم متى ينتهي هيجانه
شخص غامض جدًا.. كلّما قالت بأنها أدركته.. تعرف بأنها لا تفقه به إلا قليلًا




.
،





نزل من السيارة واستند على مقدمتها، ينتظر قرواش وزوجته
نظر للأعلى.. لا يعلم أي واحدة من هذه الغرف غرفتها.. لا يعلم كيف هو حالها.. اخبرته سوادة بأن حالها منذ أيام لا يسر، واليوم وصله اعتذارها.. لا يعلم مالذي مرّت به لتعتذر له ولكنه شعر بألمها في الرسالة

لا يعلم كيف تستطيع التأثير على قلبه القاسي والحقود بهذه الطريقة.. وكأنها بكلماتها،، تُلقي تعويذة عليه.. فتمحي كل ما فيه من غلِّ عليها

تنهّد وهو مستمر بالنظر.. حين وصله صوت قرواش: اتصل انته.. ماترد علي حرقت التلفون ولا ردت

حياب: ما ردت عليك يعني بترد علي؟

قرواش: اتصل بأهلك بلا ذكاء

اخرج هاتفه من جيبه وهو يؤشر بعينيه ليبتعد: اذلف

كتب لها رسالة، تحسّبًا لتمنّعها: ردي ضروري
ابتسم بخبث.. يستطيع سؤالها كتابيًا.. ولكنّه لن يفعل.. سيستغل الفرصة لسماع صوتها

اتصل مباشرة، وردت هي

لم تتحدث أبدًا

قال: حي الله صغيرة

صغيرة: الله يحييك.. في شي؟

حياب: هيه.. سوادة عندج؟

صغيرة: هيه راقدة

حياب: واعيها.. شو بعد راقدة.. أنا وريلها تحت نترياها

صغيرة: خلاص حياب خلوها حرام.. الحرمة حامل وتعبانة طولتوا وايد

قال ليطيل الموضوع: چي الساعة كم؟

صغيرة: ثلاث

حياب: زين عيل ماطولنا وايد.. رادين من دبي وخط ثلاث ساعات

صغيرة: امممم انزين.. اواعيها ولا؟

حياب: شو رايج انتي؟ تحسينها تعبانة؟

صغيرة: هيه.. خلاص مب باقي شي على الصبح.. خله يمر عليها الصبح.. ولا.. اممم قول له اييب اغراضها بتجهز عندي

قهقه فجأة: على كيفج انتي تقررين بدال الحرمة وريلها

ابتسمت: هي.. قلتلها تجهز عندي ووافقت

حياب: على أمرج طال عمرج.. اللي تبينه يستوي

صغيرة: انزين بسكر

حياب بتنبيه: لا تنسين الصلاة!.. وتصبحين على خير

صغيرة: وأنت من أهله


عاد إلى قرواش، الذي كان ينتظر بحواجب معقودة

قال: چان طولت زيادة؟ عادي ما ورانا شي بنترياك لين يأذن

استرخى حياب على كرسي المعاون: حرمتك راقدة وتقول لك فارج ( فارق).. مر المطعم بس.. باخذلي أكل

قرواش باستغراب: توك ماكل.. مب بطن عليك

حياب: اهب يالحسود.. اذكر الله.. وبعدين هذا سحوري

قال قرواش: متى بتخبرني شو سالفة هالصيام؟

حياب: لو تتجلب على كراعك ما بقول.. مب شغلك.. والصيام زين للريال تراه.. صوم وبتعرف الفرق

قرواش: بنصوم مب مشكلة يوم يومين.. عاد انته تصوم سنة.. ورمضان مب باقي عليه شي

حياب: عاد هذا شي ما يخصك




.

،

.

*




يوم زفاف وضحـى



اجتمعن الفتيات في مجلس صغيْرة بنت محمد.. حيث حضرن خبيرات المكياج والشعر

طاولة في المنتصف بها عدد كبير من الوجبات الخفيفة والعصائر

الفساتين معلّقة في كل مكان.. علب مجوهرات.. احذية، اكسسوارات شعر

اضاءات متعددة.. ألواح المكياج.. عشرات وعشرات المنتجات

كانت سوادة شبه مستلقية وخبيرة التجميل تتفنن في وجهها


حين دخلت أم سلطان وهي تطمئن على الجميع، وأن العاملات قد أكلن.. بعادة عربية، وكرم أصيل.. محال أن يدخل أحد منزلها بدون أن يحفّه كرمها


قالت لها ريّان: خالتو ليش ماتتمكيجين معنا؟؟ حلووو اعملي تغيير ونيولوك.. راح يطير عقل عمو أبو سلطان

ضحكت أم سلطان على ريان وسوالفها التي اعتادت عليها

قالت: لا فديتج انا ما يعيبني الا عدول أم محسن.. هذي حرمة نعرفها من زمااان تصبغ ويوهنا باللي يعيبنا ويناسبنا مانحب هالالوان الزايدة


قالت خبيرة التجميل: تعالي يا مدام.. صدقيني بعملك شي أحلى من أم محسن بكتيييير وعلى زوئك.. ويطير عقل زوجك مثل ماقالت ريونة

أم سلطان: ماعليه فديتج.. عابلي البنات هني ماشاءالله.. "أردفت وهي تحرك ناظريها" ودوم وين؟

ريّان: وديمة عند الماكيرا الثانية داخل

اتجهت أم سلطان إليها مباشرة.. تشعر بقلقٍ عليها.. وديمة ليست العادية.. وليست الطبيعية أبدًا.. مهما حاولت ادعاء العكس

شاهدتها بنفس وضعية سوادة، ولكنها كانت سارحة بعالم آخر

قالت أم سلطان: ليش ما تعدلتي برع عند البنات؟

وديمة ابتسمت: هلا عموه.. هني اهدى شوي

أم سلطان: يعلنا ما نخلى هالابتسامة العذبة.. مرة لا تويمين (تكشرين) ولا تزعلين.. مافي شي في هالدنيا يسوى زعلج صدقيني.. ماتدرين بغلاج في قلبي.. مب بس أنا حتى عمج وبناتي.. كلنا نعرف قدرج زيين.. طولي بالج علينا بس

ردت بابتسامة وباختصار.. ليست بها طاقة للحديث: فديت روحج عموه

أم سلطان: ريلج ما بيرد اليوم بعد؟

وديمة: قاللي بيسلم على المعرس وبيرد

أم سلطان: شو شاغلنّه هالكثر؟

وديمة: يقول مرمسينه من اسطبل في بوظبي عندهم خيل تعبان

أم سلطان: الله يواليه الصحة والعافية، مبونه (عادته) سلطان ما يقصر في الاسطبلات الثانية




،




كان زفافًا مصغّرًا.. كل الحضور فيه من بوالخيول
أُقيم في مزرعة العائلة.. النساء بالداخل والرجال خارجًا في ساحتهم الخارجية، والمكيّفة والمهيئة للاجواء الحارة


كانت الصالة مجهزة بشكل رائع وراقي.. وكأنها في أحد الفنادق الفخمة
كانت وديمة جالسة، وبجانبها ريّان وعلى نفس طاولتهم سوادة وصغيرة وبعض الفتيات

وديمة بصوت منخفض: والله العرس ممل بصراحة.. العرس اللي مافيه رقص ماعتبره عرس

ريّان: جد؟ أنا ما احضر أعراس مابعرف

وديمة: هي والله.. ليش الواحد يسير عرس؟ الا عشان ياكل ويتطمش

ريّان: أنا احب ارقص بس مستحيل اطلع ارقص بروحي شوفي ما في حد.. اخاف يطلع ممنوع بيذبحني غديّر.. خلاص وصل حده

ضحكت وديمة: ههههههههه لا لا يلسي.. اعتقد عيب عندهم
عمري ماشفت حد منهم يرقص.. حتى أيام اول قبل لا اتزوج إذا حضرنا أعراسهم نفس الشي هدوء.. أو اييبون عارضات

ريّان: اووه انتوا بتعرفوهم يعني؟

وديمة: هيه أبويه يعرفهم من زمان.. لكن نحن الحريم مانعرفهم وايد شيء سطحي يعني

ريّان: ايوا.. والله حلو بصراحة



،




على مقربة منهن.. كنَّ جالسات يصفّقن للمطربة ويتبادلن مختلف الاحاديث.. حين رن هاتفها منبئًا برسالة.. فتحتها بتلقائية.. وشعرت بقبضة في قلبها

شعرت بنبضها يصل إلى بطنها.. شعرت بضرب قاس على جدران هذا القلب الضعيف
إنه أرق من أن يتحمل كل هذا الحب تجاهه.. وتجاه هذه الوسامة

كانت صورته.. بالغترة والعقال.. كان ينظر إلى الكاميرا واضعًا يمناه على عصاته.. بوجهه المميز والوسيم جدًا وابتسامته الجانبية والجذابة
كانت صورة رائعة مكتملة الأركان.. وسامة، رجولة طاغية.. اضاءة مميزة، و"كشخة".. صورة كل شيء فيها مميز


أطالت النظر.. وقلبها يخفق شوقًا.. يخفق حبًّا لصاحب الصورة.. وكأنها نسيَت كل شيء.. وتذكرت مشاعرها العذراء تجاهه

مدّت الهاتف إلى سوادة بصمت

أمسكت سوادة بالهاتف وهي تنظر بإعجاب.. ثم ضحكت: ههههههههههههه والله مب هين حياب.. شغال اغراءات مطرش صورته وهو بهالكشخة.. يعني خلاااص.. ما عندج عذر ما ترأفين بحالي
"ابتسمت بحب وهي تنظر إليه" ربي يحفظه.. صدق انه شيخ.. بسم الله عليه من كل عين


لم ترد عليها صغيرة.. بل ظلّت تتأمله بصمت


قالت سوادة: بتردين عليه؟

صغيرة: لا.. شو اقول يعني؟

سوادة رفعت الهاتف في وجهها: اعتدلي أنتي بعد يلا بصورج له

رفضت صغيرة: لا.. مابغي

سوادة: ليش؟ حرام عليج.. يعني انتي تچحلين عيونج وتحرمينه؟

صغيرة: مابغي.. أنا ما طلبت منه يطرشلي شي

حركت سوادة عيونها بملل: انزييين.. خلاص اعتدلي بصورج بس واحتفظي بالصورة لنفسج مب لازم تراوينه

على وطايا الخيلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن