أرسل علي رضي الله عنه ابن عباس لمناظرة الخوارج
فسٲلهم : ما تنقمون على علي؟
قالوا : ثلاثاً
فقال : ما هن؟
قالوا : أولاهُن إنه حكّم الرجال في أمر الله ،
وقال الله : ( إن الحُكم إلا لله)
ما شأن الرجال والحكم؟
فقال ابن عباس : هذه واحدة .
قالوا : وأما الثانية ، فإنه قاتل ولم يسبِ ولم يغنم ، إن كانوا كفاراً
لقد حل سبيهم ، ولئن كانوا مؤمنين ما حل سبيهم ولا قتالهم
قال ابن عباس : هذه ثنتان ، فما الثالثة ؟
قالوا : ومحا نفسه من أمير المؤمنين ، فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين!
قال ابن عباس : هل عندكم شيء غير هذا؟
قالوا : حسبنا هنا فقال ابن عباس : اما قولكم : حكَّم الرجال ، فقد قال الله تعالی :
{يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وٲنتم حُرم ومن قتله منكم متعمداً فجزاءٌ مثل ما قتل من النعم يحكُم به ذوا عدل منكم }
فإن كان الله قد قبل تحكيم الرجال في دم ٲرنب يصيبه مُحرم أكان لا يقبله في دماء المسلمين
قالوا : بلى فهذا ٲولى
ثم أردف قائلاً :
وقال الله تعالى في المرأة وزوجها
{وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما مِن ٲهلها}فإن كان الله قد رضي تحكيم الرجال في أصلاح ذات بين امرأة وزوجها ٲتراه لا يرضاه في أصلاح ذات بين المسلمين
قالوا : بلى ، هذا أولى
فقال ابن عباس : أخرجت من هذه؟
قالوا : نعم
ثم قال : وأما قولكم: قاتل ولم يسبِ ولم يغنم ، أفتسبُون أمكم عائشة؟!
تستحلون منها ما تستحلون من غيرها وهي ٲمكم؟
فإن قلتم : إنا نستحل منها ما نستحل من غيرها فقد كفرتم، وإن قلتم: لیست بٲمنا فقد کفرتم؛
قال تعالى :
{النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه ٲمهاتهم}
فأنتم بين ضلالتين فأتوا منها بمخرج؟
فنظر بعضهم إلى بعض .
فقال : أفخرجت من هذه؟
قالوا : نعم
وأما قولكم: محا نفسه من أمير المؤمنين ، فأنا أتيكم بما ترضون ، قد سمعتم أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية صالح المشركين ، فقال لعلي : ((اكتب يا علي : هذا ما صالح عليه محمد رسول الله ))،
قالوا : لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك ، فقال رسول الله - ﷺ :
(( امح يا علي ، اللهم إنك تعلم أني رسول الله ، امح يا علي ، واكتب : هذا ما صالح عليه محمد بن عبدالله )) .
فوالله لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خير من علي ، وما اخرجه من النبوة حين محا نفسه ، أخرجت من هذه؟
قالوا : نعم
فرجع منهم ألفان ، وقُتل البقية في صِفينالدرس الأول :
اختر رُسُلك بعناية
البعض لا يصلُح الا رسول حرب
والبعض لا يصلُح إلا رسول سلم
والذي يفض نزاع تاجرين
لا يفض بالضرورة نزاع زوجينالدرس الثاني :
بعض العقول توفر عناء السيوف!
عقل واحد حيد عن المعركة ألفي سيف
السيوف التي ليس لها عقول ما تلبث أن تصير عصابة
والعقول التي ليس لها سيوف يخنقها الجهل
فالحق الذي ليس لديه قوة يجعله الناس باطلاً
والباطل الذي لديه قوة يفرض نفسه كحق
والإسلام عقل وسيف
صحيح أن الإسلام لم ينتشر بالسيف
إنما بالحق الكامن فيه
ولكن السیف مهد الطريق وأزال العوائق التي منعت وصوله للآخرين
وعندما وصل لهم اختاروه لانه حقالدرس الثالث :
لا تناقش خصمك في اول شبهة يدليها
والخصومة هنا اعني بها خصومة فكرية
دعه يخرج كل ما عنده
تم استلم زمام الأمور
وفنّد شبهاته واحدة واحدة
ما فعله ابن عباس يُسمى في علم التفاوض : «استخراج ما عند الخصم»الدرس الرابع :
لا تيأس من أحد مهما كان غارقاً في الباطل
القلوب بيد الله
وما نحن إلا أسباب هداية أو ضلال
وتذكر دوما :
السحرة الذين جاؤوا لنزال موسی صاروا معه
وقد قطع فرعون أيديهم وأرجلهم وما تركوا دينهم
وبلقيس التي كانت تعبد الشمس صارت زوجة نبي
وعمر الذي كان يصنع صنماً من تمر يعبده أول النهار وياكله آخره
صار فاروق الأمة
وعكرمة بن أبي جهل الذي أهدر النبي دمه يوم فتح مكة مات في اليرموك شهيداً على مرأى خالد وإن الشجاع لمن كان يُحاذي خالداً في المعاركالدرس الخامس :
الغلو والتكفير ظاهرة قديمة
وحلها بالعقل أولاً
فكثيرون أخذهم للغلو الحماس وحب الله
ولكن النية الحسنة لا تُصلح العمل السيء
هؤلاء ذنوبهم برقبة العلماء إن استطاعوا ردهم للحق ولم يفعلوا أو
لم يبذلوا جهدا لردهم
يشهد التاريخ أن أشرس جنود الحق كانوا يوما أشرس جنود الباطل
نحن لا نريد بداية قطع اليد التي تحمل سلاحا في الباطل
إنما نريد أن نغير العقل الذي يحكم هذه اليد
والغلو ظاهرة مرضيّة
ما كان قابلا للشفاء شفاه العقل وردّه
وما كان غير قابل للشفاء فلا بد له من سيف
لأن التكفير والغلو في جسد الأمة كالعضو الذي أصابته
«الغرغرينا» في جسد مريض السكري
إن أبقيناه أتى على الجسد كله وأتلفه
وإن قطعناه أبقينا على جسد ما يلبث أن يتكيف ويعيش
أنت تقرأ
حديث الصباح
Romanceالعشرة الطويلة لا تصنع الصداقات منذ الاف السنين والأخشاب ترافق المناشير والمناجل ترافق السنابل لم يكن المنشار يوما صديقا للأخشاب ولم يكن المنجل يوماً رفيقاً للسنابل وهكذا بعض الذين تعاشرهم مناجل ومناشير ولكن السنابل بقيت تعطي القمح والأخشاب ا...