أسباب النصر والهزيمة

18 1 0
                                    

جاء رسول سعد بن أبي وقاص
ليبشر عمر بن الخطاب بالنصر في القادسية
فسجد عمر شكراً ولما رفع رأسه سأل الرسول :
متى بدأ القتال؟
فقال : قبل الضحى
قال : ومتى كان النصر؟
فقال : قبل المغرب
فبکی عمر حتى ابتلت لحيته
فقالوا : يا أمير المؤمنين نبشرك بالنصر فتبكي؟
فقال : والله إن الباطل لا يصمد أمام الحق مثل هذا
ولعله بذنب اذنبته أنا أو أنتم!
ثم أردف قائلا :
نحن أمة لا ننتصر بالعدة والعتاد ولكن ننتصر بقلة ذنوبنا وكثرة ذنوب أعدائنا
فإذا تساوينا بالذنوب كانت الغلبة للعدة والعتاد!

.

الدرس الأول :
كان إذا سلك فجاً سلك الشيطان غيره
وإذا تعثرت دابة في شاطئ الفرات يخشی أن يسأله الله عنها :
لمَ لم تصلح لها الطريق يا عمر
يجد في بيته حلوی فيسأل زوجته :
أنّا لنا هذا؟
فتجيبه : من ربع درهم كنت أدخره
فقال لها : إذا يمكن أن نعيش دون هذا الربع!
واقتطعه من راتبه!
يأتي بیت المقدس ماشياً وغلامة راكب وفي ثوبه سبع عشرة رقعة
ثم يقول : لعله بذنب أذنبته أنا!
ونحن لو صلى أحدنا صلاتين في المسجد في يوم مشى ضامناً الجنة
ولو وضع ثمن رغيف في يد فقير فكأنه جهز جيش العسرة
هذه أشياء جميلة
ولكن الفكرة أن نستقل طاعاتتا مهما كثُرث
ونستعظم ذنوبنا مهما قلت

.

الدرس الثاني :
القائد يلقي اللوم على نفسه أولاً
هزائم الحروب هي هزائم الجنرالات لا الجنود
وفشل الشركات هي فشل الإدارة فشل الموظفين
أسوأ القادة من يستأثر بالنجاح وحده إن حصل
ويلقي اللوم في الفشل على غيره إن حصل
«تلك إذا قسمة ضيزى»
أكثر ما يزعجني أولئك الأباء الذين لم يسافروا لسنوات بعيدا عن أولادهم
ولم يُسجنوا
ولم يمرضوا ويضعفوا
ثم يقولون لزوجاتهم عند أخطاء الأبناء :
أنتِ لم تربي أولادك
صحيح أن الزوجة مسؤولة في الأمر
ولكن يحضرني مثل جدتي :
(الثلم الأعوج من الثور الكبير)
.

الدرس الثالث :
الباطل هش إذا كان الحق حقاً
فالباطل طغى أكثر ما يجب
لأن أهل الحق ليسوا كما يجب
كلما خفت ضوء الشمعة اتسعت رقعة العتمة
وكلما زاد ضوؤها كلما انحسرت الظلمة
والحق والباطل كذلك
ليس شرطاً أن نحمل سيفاً ونقاتل في صف الباطل لنكون من أعوانه
يكفي أن نترك حقنا لنكون كذلك!
.

الدرس الرابع :
نحن نداوي مرضانا بالصدقة
ونستنزل الرزق بالاستغفار
وننتصر بالطاعة
كان الأوائل يحملون السيوف ولا يرونها إلا أسباباً
كان دوما يقينهم على الله
المعركة الوحيدة التي كانوا فيها أكثر عدداً
هي حُنين وقد هزموا أولها
لأنهم قالوا : لن نُهزم اليوم قلة
إذا صار يقين الإنسان على الأشياء خلى الله بينه وبينها
النصر والهزيمة عندنا لها حسابات أخرى
المعارك تُحسم بالطاعات وما السيوف إلا أسباب
لهذا عندما مر صلاح الدين ليلة معركة حطين بخيمة يتسامر جنوده فيها ويضحكون
قال : من هنا تأتي الهزيمة
ومر بخيمة أخرى فوجدهم يقومون الليل
فقال : من هنا يأتي النصر
فتعالوا نقاتل بالطاعة مع أولئك الذين يقاتلون في المعارك
تعالوا نكون جديرين بتضحياتهم
ما أجمل توبة لأجل أمة
ذنب صغير تأتيه دعه
وقل له : يا الله تركته کیلا يُهزم الإسلام بسببه
وطاعة كنت قد تركتها
عُد إليها
وقل له : يا الله قد عدتُ فاجعلها ثباتا لمجاهد
وكلمة حق لبطانة
وفکا لسجن مظلوم
وعدلاً لقاضٍ

حديث الصباح حيث تعيش القصص. اكتشف الآن