يُحكى أن ملكاً رأى فيما يرى النائم أن أسنانه كلها سقطت أمامه وهو ينظر إليها
فطلب الملك من أحد المفسرين تأويل رؤياه
فقال له المفسر : سيموت كل أقاربك أمام عينيك!
فغضب الملك غضبا شديدة وأمر بحبس المفسر
وطلب مفسراً آخر ، فلما حضر بين يديه وقص عليه رؤياه
قال المفسر: أيها الملك سيموت جميع أهلك أمامك!
غضب الملك غضبا أشد من غضبه الأول ، وطلب من حاجبه أن يلقي المفسر في السجن مع المفسر الأولما إن سكت الغضب عن الملك حتى طلب مفسراً ثالثاً
فلما حضر بين يدي الملك وقص عليه رؤياه
ابتسم المفسر وقال : رأيت خيراً أيها الملك ، ستكون أطول أهلك عُمراً!التأويل الأخير للرؤيا لا يختلف من حيث المضمون عن التأويلين الأولين لكنه لا شك يختلف من حيث الأسلوب!
ما دام أن أهل الملك سيموتون في حياته ، فهذا يعني أنه سيكون أطول أهله عمراً
هناك من يقول : نصف الكوب فارغ ، وهناك من يقول نصف الكوب ممتلئالنتيجة واحدة من حيث المضمون ، ولكن المسافة شاسعة بين أسلوب وأسلوب!
علينا أن نختار مفرداتنا بعناية كما نختار ملابسنا وعطورنا ، لأن الكلام أناقة لا تقل أهمية عن أناقة الثياب ، ورائحة لا تقل شذى عن رائحة العطركل حدیث نجريه ينقسم إلى قسمين :
,ا مضمون
,۲ أسلوب
فإن كان مضمون حديثك جميلا فلا تفسده بقبح أسلوبك وإن كان مضمون حديثك قبيحا فلا تُضف لقبح المضمون قبح الأسلوب ، فإذا جمع المرء بين قبحين صار لا يُطاق«ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك»
مهما كانت فكرتك جميلة لن تكون أجمل من الإسلام
ومهما كانت دعواك عظيمة لن تكون أعظم من الإسلام
ومهما كانت قضيتك مهمة لن تكون أهم من الإسلام
ولكن الإسلام الفكرة الجميلة والدعوة العظيمة والقضية المهمة
كان سيبتعد الناس عنها لو قدمها شخص فظ غليظ القلب ، لا أسلوب عنده في عرض فكرتهالأسلوب السيء يُفسد الفكرة الجميلة
لهذا اختار الله لدينه العظيم رجلاً «على خلق عظيم»
كان يقابل الاساءة بالاحسان
ويعفو عمن ظلمه
يصل رحمه
ويجالس المساكين
صعد إلى سدرة المنتهى وعاد إلى الأرض يخيط نعله ويحلب شاته ويخدم أهلهإختاروا مفرداتكم كما تختارون ملابسكم فالكلام أناقة أيضا
أنت تقرأ
حديث الصباح
Romanceالعشرة الطويلة لا تصنع الصداقات منذ الاف السنين والأخشاب ترافق المناشير والمناجل ترافق السنابل لم يكن المنشار يوما صديقا للأخشاب ولم يكن المنجل يوماً رفيقاً للسنابل وهكذا بعض الذين تعاشرهم مناجل ومناشير ولكن السنابل بقيت تعطي القمح والأخشاب ا...