کانا اثنين
أحدهما يقول لصاحبه كل صباح : إئذن لي بالهجرة
فيجيبه صاحبه : انتظر لعل الله يجعل لك رفيقاً!
كان يعرف أنه مهاجر لا محالة ، فأراد أن يخبئه لنفسه ب «انتظر»!
كان لا يطيق الدرب دونه
لهذا طرق بابه ذات ليل وقال له : هلمّ بنا یا أبا بكر!
لم يودع أبو بكر أهله فقد كان محمد كل أهله!
فقد كان في هذا العالم أصدقاءومضى الصديقان في رحلة كُتب لها أن تغير ملامح هذا الكوكب إلى الأبد وتصحح مسار الزمان والإنسان
خرجا تحت جنح الظلام ، صديقين أعزلين في صحراء مترامية الأطراف كل ما فيها عدو!
وقد رصدت قبيلتهم مئة ناقة لمن يأتي بهم أحياء أو أموات لا فرق لا شهامة الأعراب تشملهم
ولا كرم الضيافة يسعهم
ضاقت عليهما الصحراء واتسع عليهما غار!
ويحمل الصديق لصديقه لبناً
يشرب النبي فيرتوي أبو بكر!
كان في هذا العالم أصدقاء!
لم يفكر بطلب العفو من قبيلته
كان محمد قبيلته
وكان في هذا العالم أصدقاء!ويصل الفرسان المدججون إلى حيث غار الصديقين الأعزلين أبو بكر يرتعد خوفا على صاحبه ويقول له : إن أهلك فإنما أنا رجل وإن تهلك فأنت الأمر كله !
كان في هذا العالم أصدقاء!وصديقه يُهدئ من روعه يقول له بصوته العذب :
يا أبا بكر لا تحزن إن الله معنا
يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما
كان في هذا العالم أصدقاء!هذا الحديث العذب كان أكبر من أن يحبس في مغارة صار قرآنا
يشهد أن في هذا العالم أصدقاء
«ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا»
لصاحبه ... ما أعذبها
لصاحبه ... ما أجملها
يا لحظك یا أبا بكر
یا لحظك يشهد المصحف أنك كنت صاحبه كنت تحبه وكان يحبك
یا لحظك إذ تُخاصم فينتصر لكَ
« هل أنتم مُخلون إليّ صاحبي »كانا صديقين
لم يفصل بين قلبيهما في الحياة إلا قليل لحم
ولم يفصل بين جسديهما في الموت إلا قليل من تراب
يا لحظك یا أبا بكر
كنت صديقه
وكان صديقك
وكان في هذا العالم أصدقاء
أنت تقرأ
حديث الصباح
عاطفيةالعشرة الطويلة لا تصنع الصداقات منذ الاف السنين والأخشاب ترافق المناشير والمناجل ترافق السنابل لم يكن المنشار يوما صديقا للأخشاب ولم يكن المنجل يوماً رفيقاً للسنابل وهكذا بعض الذين تعاشرهم مناجل ومناشير ولكن السنابل بقيت تعطي القمح والأخشاب ا...