الرسالة التاسعة الجزء 2

37 5 36
                                    

كانت رقابهما معكوفة مائلة للشمال مما جعل رأسيهما في وضعية متدلية للأسفل. و كان لكلاهما شعر منسدل مبتل يغطي جزء صغيرا من وجهيهما، طويل نسبيا يبلغ اكتافهما؛ اما الاعين التي يرمقاني بها بدت ككرات الجولف، جاحظة و شديدة البياض و يتوسطها بؤبؤ حالك السواد. افواههما بدت عادية لولا انعدام وجود الشفاه كليا، بالإضافة لوجود ثقب موضع الانف.. اما اجسامهما بدت نحيلة شاحبة، مترهلة و مقرفة!

كنت اناظرهما بذهول و رعب واضحين. لم ينبسا ببنت شفة وهما يحدقان في كياني حرفيا مما جعل الهلع ينخر في نفسي اكثر و اكثر..

بعد هنيهة، نظر احدهما للآخر ثم قال "لا يهم إن كان مستيقظا، صحيح؟"

اجابه الآخر ببرود شديد دون ان يزحزح ناظريه عني ب:" لا اظن ذلك"
...
"يا ويلي.. ما الذي يجري!!!" قلت في نفسي و انا اكاد افقد الوعي من الجزع.
اردت ان اتحرك من مكاني لكن إلى اين؟! كانا يقفان ناحية الباب! كان الصداع يتنطط في جميع انحاء رأسي مانعا إياي من القدر على التركيز او التفكير بعقلانية..

اخرج احدهما من الشيء الذي يلبسه -بدا كمعطف جلد قذر- ساطور صدئ و قال:" هيا يا *ماليس* يكفي ثرثرة، إذا تأخرنا عن تسليم هذه الطلبية سيأثر ذلك سلبا على تقييمنا بين الآخرين.."

اجابه الآخر في انزعاج :"لا اصدق انك تتخذ من تقييمنا عذرا كي تنسيني عن عدم وفائك بوعدك *كايير*، انا حانق عليك!"

اجابه الآخر:" في ما بعد *ماليس*! ،علينا ان ننهي هذا الامر لو سمحت!"

ثم اندفع كلاهما نحوي مباشرة، امسك احدهما ذراعي اليسرى بينما رفع الثاني الساطور في الهواء و نزل به على المفصل في ذراعي.. اطلقت صرخة حارة من اعماق فؤادي و اخذت اشد ذراعي  في محاولة لإسترجاعها من قبضة ذلك المخلوق قبل ان يفصلها عن باقي جسدي.. كنت ارى الدماء تتناثر على كل انحاء سريري و على وجهي، بدا كل شيء بالعرض البطيء و الصامت، حتى صوتي لم اعد اسمعه.. لكني لم افقد الشعور، إذ لاحظت الخفة في جانبي الايسر.. نعم ذلك الحقير قد اقتلع ذراعي بالفعل!

لاحظت باب الغرفة ينفتح ببطء و يتسلل منه نور الرواق الذي بدا كإشارة لي كي اغوص في سواد تام او بمعنى آخر فقدت الوعي!

استيقظت في غرفة يسودها البياض من كل جناب، عجزت عن تحديد مكان تواجدي لكن بعد لحظات عرفت انها غرفة المعيشة الخاصة بنا.

"إليااس" صرخت والدتي في فرحة كما لو اني كنت في غيبوبة دامت اشهر. نظرت إليها في تعجب و انا استذكر تلك المخلوقات و الدماء و.. ذراعي! اخذت اتفحص بعيني ذراعي اليسرى فإذا بها في مكانها، شعرت بالراحة تنسكب كالشلال على صدري.. :"لكن لحظة.. انا لا اشعر بها!"

"ماذا قلت يا بُني؟" استفسرت امي حين عجزت عن فك شيفرة ما تفوهت به.

"امي.. لا اشعر بذراعي اليسرى!" قلت في هلع.

رسائل مهجورةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن