١٩

438 35 1
                                    

_ابن الجيران اللي هنا قصادي مش عارفة بس أعمل له أنا إيه!
=أعملي له خط و أمشي عليه هقهقهق
_إيه!
=ألعب باليه هقهقهقهق
_جرا إيه يا تيتا مالك؟
=ماليش ياختي، أنا عايزاكي بس تتلحلحي شوية قبل ما يفوت الآوان
_أوان إيه يا تيتا!

رفعت حاجبها بمكر الجدات المعهود و مالت زاوية شفتيها و هي تنظر لي نظرة مفادها "عيني فيه و أقول إخيه"!
ثم تركتني و ذهبت لتشاهد مسلسلها المفضل...

و ها أنا أقف بالشُرفة أفكر و أنا أتطلع على الفيلا المجاورة، جيراننا المستحدثين. تحديدًا، بلال و عائلته المكونة من والديه و فقط...

ذلك الظابط بالقوات الخاصة و الفِرع، تعرف و توطدت علاقته و عائلته بجدتي الإجتماعية بشكل مُفرط أثناء غيابي، حتى أنه بات يأتي لمنزلنا و يقضي معها وقت لابأس به...
و أنا!
أنا لا أعلم ماذا يحدث تحديدًا...
هل جذبني طوله الفارع؟!
أم عيناه البُنية ذات اللمعة الخاصة به و الغموض؟!
أم لون بشرته السمراء كمثال أنه ابن مصري أصيل؟!
أم طلّته المَهيبة؟!
أو حتى نبرة صوته المميزة بشكل غريب؟!
لا أعلم تحديداً، ظننتُ في بادئ الأمر أن أمره كأمر الباقين، على سبيل المثال انجذابي لكل من سلطان و قوته و شهامته، أو بيبرس و إهتمامه و لُطفه!
لكن يظل هناك اعتقاد غير معلوم الهوية و شعور غريب!...

_خطفك يا موكوسة!

و هذا كان بالطبع صوت جدتي الذي آتاني من الداخل و كأنها تجيب على أسألتي و حيرتي، ابتسمت بيأس مني و من كل شيء، و عدتُ لأتذكر محادثاتي الأقل من العادية معه. و رغم ذلك؛ بطريقة ما تولد بيننا ود سببه الأول جدتي التي جعلته بطريقتها يشعر و كأننا مسؤوليته!

جدتي التي دائمًا ما تناديه:
_بيلي
و يجيب عليها كعاشق ولهان:
_عيون و قلب بيلي

و أنا في زاوية أشاهد بابتسامة رغم الغيظ، كما استغرابه الدائم مني فترة تحدثي بالفصحة و سخريته مني، كم يغيظني ذلك الفِرع...

انتشلتني جدتي مرة أخرى من تفكيري و هي تدعوني لأجلس معها:
_شايفاكِ يعني مطنشة المراية و الرحلات فيها
=خلاص يا تيتا
_خلاص إيه!
=هانكفي على الخبر ماجور و مش هانعيد الكَرّة
_و دا من امتى! يكونش بسبب اللي بالي بالك!
=يا تيتا بقا!
_طب فهميني
=بصراحة خلاص استكفيت، معدتش هارجع اعيش حاجات أو اتعلق بحاجات مش هاتكمل، أنا معرفش أمثل دور العابر لفترة بعد ماعيش حاجات و مشاعر، مش عايزة تاني، و كأني خلاص رافضة الوهم..

ابتسمت جدتي و هي تربت على كفي بحنان و قالت:
_أخيرًا بدأتي تعقلي
=تفتكري السبب إيه في العقل المباشر دا!
غمزت لي بمشاكسة و هي تقول:
_أكيد اللي بالي بالك
=يوه يا تيتا!
_خلاص ياختي، يكش بس تثبتي على العقل دا...

و ما كادت أن تنهي الجملة حتى سمعنا صوت طرقات قوية على الباب تزامنًا من رنين الجرس، فقمنا باستغراب لمعرفة من الطارق، فتحت جدتي الباب و كان بلال الذي قال سريعًا بغضب لحظة وقوع نظره علي:
_بتدبسيني يا بت!

اتسعت عيناي من هجومه السريع و زفرت جدتي بيأس مني بعد أن مصمصت شفتاها و هي تقول:

=ملحقتش أفرح بالخمس دقايق عقل، عملتي إيه يا مزغودة؟

فتحدث هو بصوت مرتفع بعض الشيء:
_تعرفي إني فإيدي احبسك!

تحدثتُ بتوتر و أنا أقول :
_دا بدل ماتشكرني!

=أشكرك على إيه انتِ عبيطة!

_من فضلك احفظ أدبك هو سكتناله دخل بحماره ولا إيه!

=بت انتِ ا...

_بلا بت بلا واد دانا بخليك تعمل خير!

تحدثت جدتي قائلة بحزم:
_اهدى و فاهمني يا بلال

=الهانم مجراساني في الأقسام كل شوية حد يتصل بيا بسببها أو بسبب حد تباعها!

_يعني مش انت واسطة لازم نستغلك و بتاخد ثواب شوفت!

لم يكد يتحدث حتى اتاه هاتف تحدث بهدوء سريعًا ما تحول لغضب و هو ينظر لي:
_بتقول إسمها زينب و جارتي!

فهمت مغزى الكلام و بالطبع بما لا يدعي مجالًا للشك الوضع يستحق و بصوت عالٍ قولي:
_أحيه!...
يتبع...
#مراية_ستي"١٩"
#غادة_عادل

مراية ستيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن