٢٠

437 33 0
                                    

_بتهكري تليفوني يا زينب!
=اهدى بس كدا لايطقلك عِرق
_أهدى إيه! بتعملي كدا ليه! بتقرطسيني!
=ماهو كله عنده الزوج بتاعه
_إيه!
=إلا أنا ماعندي
_أنتِ بتقولي إيه!
=ليه كدا بس كدا بس كدا بس

كاد في لحظة تهور و جنون مني أن يركض خلفي، فسريعًا أحتميتُ بجدتي التي منعته بحزم و قالت:
_بلال! أهدى ماينفعش كدا!
=واللي بتعمله دا ينفع!
_ماقولتش كدا،بس أنت عارف إنها طايشة
=و أنا هعلمها بقا الأدب، خدي يابت!
_بلال! مش حلوة في حقك أنت اكبر و اعقل من كدا!
=و هي خلّت فيا عقل أنا مش ملاحق على مصايبها!
_أهدى بقا يابني فرهدتني، روح دلوقتي و ربنا يهديك و أنا هأدبها، عشان خاطري يا بيلي...

نظر لها لحظة بهدوء بادلته هي بأخرى تطمأنه و بعدها ألقى علي نظرة جحيمية و ذهب. ابتعدتُ عن جدتي سريعًا قبل أن تأتي بشعري بين يديها لكنها فاجأتني و هي تقول:
_عرفتي بيهبب إيه يابت ع المدعوق دا!
=إيه!
_إيه إيه! تعالي فرجيني معاكِ طلعتي من تليفونه بإيه و ياترى بقا ماشي كويس و لا معووج؟
=بتتكلمي جد يا تيتا!
_جد الجد، عفارم عليكِ يا بت تربيتي
=تيتا!
_مانا برده لازم أطمن على اللي عليه العين، مش هارميكي لأي واحد كدا...
######
_عربون صُلح...

يومان مرا بهدوء حتى قررت إبرام هدنة معه و الإعتذار كما نصحتني جدتي. تربصتُ أمام المنزل و معي دوناتس، و ها أنا بشجاعتي المعهودة أقف أمامه على الشفا التسريب لامؤاخذة على نفسي من مجرد نظرة عيناه، لكنني ثابرت و تشجعت...

_ليكِ عين توريني وشك!
=يسطا غلطة و راحت لحالها
_تعرفي أنا ممكن أعمل فيكِ إيه!
=عارفة، عارفة إنك جباروت و واصل و بسم الله ماشاء الله ممكن تعملني بطاطس بانيه و حقك، لكن أنت جدع و مش هاتعمل كدا
_بتبلفيني بالكلمتين دول!
=فَشر هو أنا أقدر يا سي بلال!
_بت اتعدلي!
=خلاص بقا مانا اعتذرت و ملطوعة بالساعات لحد متخرج هنا و كمان صارفة ومكلفة و جايابالك دوناتس

سكت لحظات يحاول الهدوء و يبدو إن البلفة اللي بلفتاها له بالكلمات أثمرت معه، قررت طرق طرقة على الحديد و هو ساخن قائلة بوداعة و دموع:

_و بعدين هونا عليك ماتسألش علينا يومين! و لا حتى دودو تشوفها! هو دا الوعد و الأمانة يا حظابط!

رفع حاجبه بغيظ فحاولت بجهد ألا أبتسم، أخذ نفس عميق و بعدها قال و هو ينظر لما أحمله:

_مادخلتيش جوة ليه بدل وقفتك هنا!
=خوفت مادخلتيش، و خوفت تبقا أول مقابلة ليا مع والدك و والدتك تبقا عرة و أنت بتكرشني من البيت قدامهم
_بتحسي أوي ياختي
=أوي أوي ياحظابط
_هاتي بقا البتاع دا اما اشوف بيقول إيه

و بالفعل بدأ يأكل الدوناتس كما شاركته و كنا نستمتع بالطعم و اخذت اتحدث معه بعض الوقت و هو يستمع حتى وصلت لنقطة التفكير بكيان لي فقال:
_عايزة تعملي إيه يعني!
=بفكر أعمل كارير و اسم لنفسي بعيد عن اسم العيلة و كدا
_اللي هو إيه؟
=هافتح مشروع
_إيه يعني المشروع دا؟
=عربية بليلة
ألقى العلبة بوجهي و ذهب و هو بيبرطم!
ما به المشروع يعني!
أنا أحب البليلة يا عدو النجاح!
######
و تمر فترة من الزمن و الحال هو الحال تقريبًا حتى لم تستنى لي فرصة مقابلة والديه، لكن علاقتنا به كعادتها...
كما لم أستطع أن أغض الطرف عنه، ذلك الفِرع المَهيب، يخطف قلبي كل يوم أكثر من ذي قبل...
و كيف لا يخطفه بشاهمته
أمانته
حمائيته
رجولته
رجل كما يقول الكتاب، و بصراحة، الرجال قليلون هذا الزمان...
كما أعلم أنه من الممكن، بل الأكيد أن طريقتي خاطئة و أسلوبي لكن...
هذا ما حدث...
أنا شخصية تلقائية و عفوية بطريقة توقعني في الخطأ أحيانًا كثيرة، فأنا أعلم أنه لا يصح ذلك، لا يصح قول أي شيء و فعل أي شيء يخطر على البال؛ لكنني و بعد صراع طويل مع نفسي قررت عدم كره ذاتي و التأقلم مع المحاولة و الاجتهاد في التعلم و التغير...
و أخر فكرة تحديدًا أصبحت أفكر بها بشكل جدي، بسببه، بلال، حتى أكون جديرة به...

كنتُ أجلس بالحديقة في جلسة تفكير مع نفسي حتى انتبهت على صوته خارجًا لحديقة منزلهم المجاورة لنا يتحدث بالهاتف، لم أستطع غض بصري عنه، أنا ضعيفة أعترف و مخطئة، فليسامحني ربي و يقويني على ذاتي...

انتهى و انتبه لي فاقترب من الحاجز الفاصل و قال باهتمام:
_قاعدة كدا ليه في حاجة؟
=عادي بستمتع شوية بالهدوء
_استر يارب بقلق منك
ابتسمت و قُلت:
=لأ متقلقش أنا الفترة دي في حالة خمول
_ربنا يستر و يهديكِ أو يهدك
رفعت حاجبي بغيظ و قُلت:
=بقا كدا يا حظابط!
_كدا و أبو كدا انتِ كارثة ماشية على الأرض هاكدب يعني!

لم أكد أرد عليه حتى وجدت من تخرج بغنج تقترب لتقف بجانبه و هي تناظرني بخبث البنات و كيدهنّ و قالت:
_أخرت ليه كدا يا بلال؟

رفعت حاجبي أنظر له فوجدته يزفر بحنق و قال ببرود:
=عادي
لم أتحمل و قُلت و أنا أنظر إليه من رأسها لإصبع قدمها الصغير الظاهر من الصندل :
_مش تعرّفنا ياحظابط
لم يكد يتحدث حتى تحدثت هي بثقة و كيد:
_أنا مي خطيبته
و مع استنكاره قائلًا:
_إيه!
كنت أنا تحولت من الحمل الوديع و قد حررت الشخصية ألافعوانية الشعبية بداخلي و صحتُ:
=نعم نعم يادلعدي!...
يتبع...
#مراية_ستي"٢٠"
#غادة_عادل

مراية ستيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن