بعد جريان الأيام في هذا الزمان كجريان مياه نهرٍ سلسبيل... تدفَّق بها العمرُ برونقه وعذوبتهِ كبتلاتٍ متساقطة على صفحة المياه النقيَّة، فكان الفاصل الوحيد بين رؤية الشاب لمن رفَّ قلبه لهُ، هو الوقت، وقد تصدَّع هذا الحاجز ليتوهَّج نورُ الأمل من جديد عندما تلاقت أعينه المتلألئة بخبرٍ قد سطعَ وسط شاشة هاتفهِ...
_تمَّ قبولكَ في جامعةِ العاصمةِ الدُّوليِّة.._
.
.
.
.
.
كان ذلك الخبر بفحوى جوهرهِ هو الأمل المخبىء بين نقاط حروفه، كان أملاً في سعيه نحو المستقبل الجاهدِ إليه، ونحو مبتغاهُ من الانتقام..
~ يا إلهي لوكاس هذا الخبر موجَّهٌ لك!؟
~آه بالفعل!! أكاد لا أصدَّق!!!
وراء الطاولة الخشبية الَّتي رافقتهُ بسنواتِ دراستهِ، والكرسيِّ المتزعزع الَّذي حاربه الزمان، كان لوكاس جالساً عليه يحدَّق بشاشةِ هاتفه، ليس بمقدوره تصديق ما رآه حتى اللحظة..
ومن خلفة يقفُ والدهُ وهو يسند الكرسيّ، ويرمق ما بيد ولده بأعينٍ لايمكنها نفيُ ما تراه، لكنَّ صدمتها تمنعها من التصديق..
~ياااه.. ولدي أضحَى طالباً جامعياً!!
عندما استسلمت عيناه لما وقعت بنظرها عليه، وقبلت بحقيقة الأمر، هتف بصوتٍ نبعَ من قلبهِ قبل فاههِ... فكيف لابنه الَّذي فقد أملهُ بتأمين الحياة الدراسيَّة إليه، أن يقْبِلَ على الانضمام لمثل هذه الجامعة العريقة؟!
هل هو القدر؟!
أضربةُ حظٍّ كانت؟!
لم تكن هذه الجمل موجودة في قاموس بلاينتمر، وماكان ليؤمن بها يوماً، لذا جوابه لهذا التساؤلات، هي جهود ابنهِ وعزيمته... فتغيُّره بين ليلةٍ وضحاها وانقلابهِ لشابٍّ ساعٍ ليؤسِّسُ حياته بكلتا يديه، أودت به ليجمع ثمار كفاحٍ وإصرار... أجل بالفعل... هذا هو الجواب الَّذي وثقَ بأنَّه القول الأصح..
عانقت يدا لوكاس الفضاء وهو يمدُّهما عالياً بفرح ليصيح بنبرة قد مرَّ عليها دهرٌ مذ أن هتف بها..
~نجحت! لقد نجحت!!
أمسك هاتفهُ ليبعثَ بتلك الرسالة إلى صديقهِ، ليدوي في محيط الغرفة رنين هاتفهِ بعد ثوانٍ معدودة، فأقبل على الردِّ مسرعاً ليسمع صوت كيل المندهش..