الشوك و القرنفل الرواية المسكونة بالألم و الأمل 🇵🇸💔

20 5 8
                                    

لحظة انكسار

وحين تقع في أيدينا رواية ليحيى السنوار قائد (حماس) في غزّة، والعقل المدبر لـ "طوفان الأقصى"، فإن أوّل ما يشغلنا بها هو مضمونها، الذي سيقرّبنا من دخيلة مؤلفها، لنتبين إدراكه لذاته وقضيته وأمته والعدو الذي يجابهه والعالم الذي يحيط به.

وهنا نغض الطرف عن الشكل الروائي، حيث جماليات النص وبنيته، خاصة أنَّ مؤلفه- وإن لم يخلُ سرده مما يهتم به الشكلانيون، من بناء خطي وتعبيرات وتركيبات ومجازات لُغوية وجاذبية واحتفاء بالتفاصيل، فإنه دافعه، كما يبدو من مفتتح نصه ومساره فيما بعد- قد اهتمَّ بأن يُهدي لأعيننا موضع أقدام أهل النضال على أرض فلسطين، ويشرح، عبر أشخاص وحكايات ووصف تفصيلي للوقائع والأماكن والنفوس، كيف تطورت القضية في ثلث قرن امتدَّ من هزيمة 1967 حتى انتفاضة الأقصى عام 2000.

كتب السنوار روايته هذه في السِّجن، الذي قضى فيه ثلاثة وعشرين عامًا بعد أحكام بالسَّجن المؤبد، إثر اتهامه بالتخطيط لاختطاف وقتل جنديين إسرائيليين، وقتل أربعة فلسطينيين كانوا عملاء للاحتلال.

ولأنها كُتبت في هذا المكان البائس، وفي وقت كان مؤلفها يواجه خيار البقاء في السجن إلى أن يموت، كان عليه أن يحفر في ذاكرته عميقًا، لاستدعاء التفاصيل الدقيقة للحياة التي قضاها "أحمد" بطل الرواية وراويها العليم، كي يتوسل بها لمساعدته على ترويض الوقت الثقيل، وكسر الملل، ومواجهة النسيان، أو التشبث بأهداب الحياة، التي تجري خارج الأسوار على حالها.

يقول السنوار في مفتتح روايته: "هذه ليست قصتي الشخصية، وليست قصة شخص بعينه، رغم أن كل أحداثها حقيقية .. الخيال في هذا العمل فقط في تحويله إلى رواية"، ليخبرنا بهذا أنه قد اختار الرواية، كنوع أدبي، لسرد تاريخ المجتمع الفلسطيني الذي عاشه منذ أن وَعِي على الدنيا وحتى ختام روايته، وهي فترة تمتد من حرب 1967 وحتى انتفاضة الأقصى 2000، وتغوص أحيانًا، على سبيل الاستدعاء والاستشهاد والتأصيل، أبعد في الزمن حتى النكبة في 1948.

الجدار الصامت  🇵🇸حيث تعيش القصص. اكتشف الآن