٥ | بين الكرة والشبكة

114 14 53
                                    

الدموع لا تجف أبدًا فقط تتوقف عن التدفق، تتجمد داخل محجرها.

•••

الإنارت الملونة بالطرقات كانت تتحول إلى خيوط متوهجة بعين ثيودور وهو يقود سيارته بسرعة فائقة غير آبه بأن تطارده الشرطة لأجل تجاوزه حدود السرعة القانونية، ليس وكأنها أول مرة ولم تكن الأخيرة أيضًا، مراكز الشرطة تعودت على مجيئه كما تعودت على أخراجه بنفس اللحظة التي تطأ قدمه داخلها.

الأغنية التي غنتها سيلفيا كانت تحيطه داخل السيارة بصوت مرتفع صاخب قد يزعج أي أحد، لكنه كان يستمع إليها تُعاد مرة تلو الأخرى بلا أنقطاع أو ملل، وهو يجوب داخل المدينة دون وجهة محدده ويلتف بسيارته بحركات متهورة.

الوقت قد يكون تعدى منتصف الليل وهو فقط يقود بسيارته لساعات بعد أن طردته سيلفيا بأدب مصطنع لاحظه وجعله يبتسم بخفة وهو يخرج من شقتها الفارهة، كما جعله تذكرها الآن يرجع الأبتسامة إلى ثغره حتى وهو يرتطم بالسيارة البيضاء أمامه ويستمع إلى سلسلة الشتائم من سائقها .

تحقق من هاتفه وهو يُعاود التركيز على الطريق وحينما رأى رسالة مساعد والده الشخصي 'لقد غادرا' أدار المقود يغير طريقه بسرعة.

الأماكن حوله أختلفت بعد مدة من القيادة فالأضاءات الملونة للافتات المحلات والأعلانات أستبدلت من حوله بالأحياء السكنية الهادئة التي أفسد سكونها بصوت محركه الصارخ.

دخل إلى منطقته السكنية التي كانت مليئة بالمنازل الفخمة المتوزعة على مسافات، عبر فيها بسرعته العالية التي أخذت تنخفض تدريجيًا كلما أقترب من بوابة منزله.

فُتحت البوابة الخارجية إلكترونيًا ودخل ثيودور يركن السيارة بشكل عشوائي يترك المفتاح داخلها لكي يخذها أحد الحراس إلى المرآب، يخرج منها وهو يضع هاتفه داخل جيب سرواله الخلفي ويحمل معطفه فوق ذراعه بأهمال بعد أن نزعه عندما كان بشقة سيلفيا و لم يعد أرتدائه.

حينما دلف إلى المنزل وجد والده جالس في غرفة الأستقبال وفوق قدميه حاسوبه المحمول ويرتدي نظارته الطبية؛ نظر ثيودور إلى ساعته وهو مستغرب من أستيقاظ والده ليجد الوقت تعدى منتصف الليل بالفعل ولكنه لم يدقق بالأمر ورفع كتفيه بلا أهتمام يكمل سيره كي يصعد إلى غرفته.

"توقف مكانك إيها الشاب" تجمد ثيودور في مكانه حينما وصل إلى مسمعه صوت والده وتلك اللهجة المتسلطة التي يتكلم بها دائمًا ولذا وتجنبًا للمشاكل ولأجل أنه يرد أن يحظى بنهاية يوم جيدة بنوم هادئ أستدار بجسده يواجه والده بملامح ساكنة كأنه يقول 'ها قد توقفت'.

أشار والد ثيودور لأبنه بيده كي يقترب بقلة صبر، وبعدها تحدث وهو ينزع نظارته يدلك صدغيه بتعبير منزعج بعدما أزاح الحاسوب عن قدميه وأغلقه يضعه فوق المنضدة المنخفضة و يضع النظارة فوقه"متى ستنضج وتتوقف عن التهرب من كل لقاء بصبيانية".

RUN  AWAY || أحلام اليقظةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن