٦ | الثقب الأسود والمحيط

111 11 71
                                    

بعض الأرواح تكون مألوفة رغم أنك لم تقابلها من قبل.

•••

حينما رأته سيلفيا بالأسفل خالت أنها تهلوس من نشوة الموسيقى التي تغمرها وتعزلها عن العالم، لذا أنزلت السماعة عن أذنيها تتركها تحيط رقبتها وخصلات شعرها الحالكة متوسطة الطول كالطوق، تحدق في هيئة ثيودور بتمعن وتغرق بأفكارها الخاصة.

و ما قطع عنها التحقق إذا كان حقيقي أم مجرد وهم آخر؛ لأنه يوشك على أن يظهر داخل أحلامها ايضًا على قدر ما تراه، هو تحركه من تصلبه الذي أحدثه وقوع عيناه عليها. أشاح بنظره بعيدًا عنها وذهب يحضر الكرة التي أخطأت السلة الشبكية بالأعلى لكنها جعلته يبصر طيف سيلفيا بالمكان.

حملها بين يديه ورجع لمنتصف الملعب أمام العامود و الشبكة أعلاه، ترك الكره تسقط من يديه وأخذ يجعلها ترتد للأعلى والأسفل بين الأرض ويده، يلقى نظرات خاطفة على سيلفيا التي كانت قد أهملت الدفتر على أقدامها وتركت القلم من يدها ليتدحرج ويسقط أرضًا، تراقبه بملامح مبهمة وأيدي معقودة.

نزع نظره عنها تمامًا يصوبه للأعلى مجددًا، ولم يأخذ منه التركيز سوى لبضعة ثوانٍ حتى قفز يلقي بالكرة عاليًا، وهذه المرة كانت دون أن يحيده شيء عن هدفه لذلك دخلت بسهولة شديدة في السلة.

حينها لمعت عينه السوداء بشيءٍ من الحماس وطرف شفته أرتفع بخفة. يذهب حيث سقطت الكرة يحضرها، وبعد بضعة رميات عادية أخذ يماطل و يتلاعب بالكرة بين يديه بمهارة يدور حول الملعب كأنه في مبارة مع خصم وهمي، يسجل بها الأهداف وهو يعبث بالكرة بين يديه.

مرت مدة من الزمن كان بها ثيودور يركض ويقفز داخل الملعب حد تعرقه بشدة حتى في هذا الطقس البارد، و بالرغم من أنه لا يرتدي شيء ثقيل فقط سروال قماشي أسود وسترة قطنية كريمية اللون بقلنسوة.

و طوال تلك الفترة التي كان يلعب بها كرة السلة، أخذت سيلفيا تراقبه بتركيز وشغف مجهول حيث لم تزح عينيها عنه ولو للحظة بسيطة، حتى عندما هبطت بجذعها كي تحضر قلمها الذي سقط، لم تكن لتدع أي مشهد يفوتها وهي تتبعه بحدقتيها بأهتمام شديد.

بعد رمية للكرة هذه المرة نظر إليها بدلًا عن السلة؛ بعدما كان يتجنب نقل عينيه عليها ولو عن طريق الخطأ من لحظات، هذا وبالرغم من أنه وطوال الثلاثين دقيقة السابقة شعر بنظراتها وهي تحرق ظهره مع كل حركة و رمية.

ولكن الآن وبعد أن شعر بالثبات داخل نفسه مجددًا بعد الأحداث الجنونيه التي مر بها بالأمس وهذا الصباح. فلم يعد هناك سبب يعيقه عن النظر إلى عينيها الزجاجية والتحديق بهم والغرق بمحيطهم للساعات التالية.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: May 17 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

RUN  AWAY || أحلام اليقظةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن