18_الفصل الثامن عشر

233 12 20
                                    


البعض يجهل أنه على قيد الحياة، فقط يعيش في مُخيلته، هاربًا من قسوة العالم.

" منه سليمان "

❑❑❑❑❑❑❑

تجلسُ في الكرسي المقابل ليوسف، لا تستطيع الرد على كلماته الدافئة، أصبحت تشعر بالدفئ أينما وُجد... لكنها مازالت لا تعرف حقيقة مشاعرها.... تتخبط و لا يلاحظ أحد غيره.... تتألم و لا يشعر بها غيره.... أليس من الطبيعي أن تهيم به عشقا، مابال قلبها أأصابه الصدأ، أم تعفن من كثرة ما رآه، أمور خُفيت لا يعلم عنها أحد سوى الله عز و جل.

أخرجه من شرودها نبرته التي اهتزت له أطرافها و جميع خلاياها : مهما حاولتي تطفشيني مش همشي، عارفه ليه.

نظر إليها عله يستطيع معرفة ما يدور في خلدها، ستصيبه بالجنون لا محالة و لكنه سيواصل محاولاته معها : أصل أنا زي الأمير بعيد عنك، بلزق مش بطلع.

زفرت بضيق ظهر على قسمات وجهها : يا ربي.

نظرت إليه وجدته يطالعها بنظرات مبهمة لم تستطع فهمها ، وجدته يُخرجُ حقيبة كبيرة، وضعها جانبه منذ جلسات، ولكنها و بعادتها لا تحب التدخل في أي شييء لا يعنيها، و لكن يوسف الآن يعنيها و بشدة، هل تفكر فيه الآن كحبيب ، لعنت نفسها بداخلها و لكن قاطعها قوله بصوت هادئ لطيف : أنا قلت يعني محتفلتش  بعيد ميلادك الأول و أنتِ معايا، فدي هدية بسيطة كده، مش علشان عيد ميلادك.

اقترب أكثر منها يميل عليها بلطف و يهمس لها : دي علشان أنتِ معايا.

◯◯◯◯

رحل يوسف، ظلت هي جالسة تنظر إلى الحقيبة بتردد ، نهضت تمسك بها متجهة إلى الداخل ، صعدت الدرج ببطء، تفاجأت بظهور سمية من العدم، تلك الحرباء المتلونة، تريد خنقها إذا تحتم الأمر.

نظرت إليها بازدراء، و تحاملت على نفسها مخرجة صوتها بصعوبة : إي يا سمية محدش بيشوفك يعني.

تشدقت سمية بطريقة غريبة تعجبت لها و قالت رافعة حاجبها : موجودة يا حبيبتي أنتِ بس إللي مش أخده بالك.

آثرت حياة غيظها، ابتسمت بهدوء و قالت: و آخد بالي منك ليه وجودك زي عدمه.

نظرت إليها سمية بشرر، لمعت في ذهنها فكرة تمنت أن تتمها، ولتها حياة ظهرها، سبقتها هي تصعد أمامها و فجأة توقفت قاصدة الارتطام بحياة لتسقطها، لكن اتسعت عيناها عندما سقطت هي بدلا من حياة.

كانت الأخرى تقف تنظر لها بتشفٍ و قالت بسخرية : كان غيرك أشطر يا سمية، تعيشي و تاخدي غيرها، بطلي لعب العيال ده، ده أنتِ الكبيرة.

◯◯◯◯

في الأعلى كان شريف يجلس على الأرض، يلعب ألعاب الفيديو واضعا السماعات في أذنيه، لم يلحظ تلك الجالسة جانبه، تتأمله بحب أُموي ينمو كل يوم إتجاهه، نعم تراه طفلها الصغير الذي أهملته الفترة السابقة، لذلك نهضت بهدوء و قامت بفصل الكهرباء عن التلفاز، جلست قبالته تستشف أي غضب قد يظهر.

ما مرت به حياة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن