البداية والنهاية

92 31 19
                                    

ببرودة تامة وضمير ميت فالقلب قد انتحر منذ مدة طويلة، فتلك الرسالة لم تؤثر فيه إطلاقا، بل زادته تجبر بأن الحب لا يليق به، على الرغم من تلك العبارات الرومانسية والكناية المزخرفة بالكلمات الغرامية، رسالة عشق وغرام من غريب لم ألتق به من قبل، ولم أحظى بفرصة رؤيته وتأنيبه بأن عبد الجليل والعشق طريقان لا يلتقيان.

إنها مجنونة ولديها الكثير من وقت الفراغ، من تظن نفسها؟ أنا هو ملك الوحدة، ولا احتاج شريكة في حياتي.

بنبرة الغرور وبعدما انفجر بركان الايجو حتى أصبح مثل الطود العظيم الذي لا يرحم فأصبحت أتكلم مع نفسي بعدما دخلت في غيبوبة روحانية، كيف لا وقد تلقت أول رسالة في حياتها على عكس الأنا السفلية التي كانت ولا تزال الآمر والناهي في حياة عبد الجليل الذي بينه وبين التطرف الإحساسي شعرة فاصلة.

لا أحد يهتم بك.

أين تظن نفسك ذاهباً؟

أحقا تصدق كلامها؟ أنك حقا مجنون.

الأنا السفلية تفعل المستحيل لكي تبقيني في قوقعة العزلة، وتخرجني من محيط المجتمع العادي الذي يعيش كالبهائم من دون هدف أو غاية محددة، حياة روتينية مميتة تقتلك تدريجيا، لكن ليس الموت الذي نعرفه، بل موت نفسي وروحي، حتى تخرج تلقائيا من نظام المجتمع الذي سنه البشر، لكن السؤال الحقيقي الذي يخبئه لي القدر حول هذا الموضوع؟ الذي حيرني كليا قبل أن أخبئ تلك الرسالة في جيبي، ثم افتح باب الغرفة لكي تفتح أبواب الجحيم في وجهي، إلا أنني لم أتيقن بعد بأن هذا الرسالة ستغير حياة عبد الجليل ذلك العبد المنعزل إلى شخص آخر تخافه الحياة نفسها.

رواق ضيق كحال القبر، وأنا أسير بخطوات سريعة نحو المجهول، ليس لي زاد أو عتاد، لا شيء ما عدا ثقتي بنفسي وغروري الذي لا نهاية له، ببطء شديد انزل من الطابق الثاني حتى التقيت جارتي كريستينا، فتاة قصيرة، بعيون عسلية صغيرة، شعر أسود أملس طويلاً، جبهة عريضة مع شفاه ذات سمنة في وسط وجمال رهيب ينبعث منها، لكن كل هذا لا يؤثر في عبد الجليل الذي فقد الشعور والإحساس بالجمال منذ مدة طويلة بتلك الابتسامة البريئة، اخترقت قلبي فشعرت بوخزة إبرة، وهي تتحدث بنبرة ناعمة تكاد أن تغرقني في حبها لو كنت شخصاً طبيعياً

كريستينا:

صباح الخير، عبد الجليل، كيف حالك؟.

أنا بخير، فقط مشغول بالحياة، ماذا عنك؟

كريستينا:

لاشيء مميز في حياتي ، أنتظر في فارس أحلامي أن يستيقظ من سباته ويرى أن الحب أقرب إليه مما يتصور

صراحة لم أفهم ما الذي تعنيه بكلامها؟ ومن تقصد بهذا الهراء؟ إلا أنني حاولت أن أتصرف معها بتواضع وطيبة، فبعد كل شيء هي تبقى جارتي المفضلة وصديقتي الوحيدة التي رأت الخير فيا حينما أصيب المجتمع كلها بالعمى ثم تحدث معها برفق وحنان.

سيكتشف ذلك، أعطيه بعض الوقت وأحيانا ذكره بأن لن يجد زوج مثلك...

نظرات صارمة، ابتسامة مشبوهة أول مرة أراها تصدرا منها قبل أن تفعل شيئا غير معتادة على فعله، صراحة لم أكن أتوقعها فهي ليست من ذلك النوع الذي يرمي نفسه نحو الصبيان، يمكن القول هي تشبهني قليلا وثم انطلقت نحوي كفارس مغوار وسط ساحة الوغى تحمل سيف المشاعر وعانقتني عناقا، لم أفهم الغاية منه لكنني تذوقت طعمه لأول مرة في حياتي المثيرة للشفقة بينما استمع إليها تهمس في أذني بضع كلمات كانت مثل السم الذي يخترق جسمي ويقتلني ببطيء شديد، ثوان معدودة وانطلقت راحلة تجري نحو الطابق الثاني وهي تضحك ضحكة خفيفة تشير إلى السعادة المطلقة

سأفعل ذلك، سأفعل ذلك، لن أفقد الأمل ومستعدة أن أحارب من أجله...

بعدها اختفت و يختفى معها ذلك الإحساس الغريب فعاد عبد الجليل إلى عالمه المفضل المبني على نظام الوحدة و العزلة التي كانت و لا تزل جزء لا يتجزأ من حياتي.

وداعا كريستينا ، لطالما كنت أراكي مميزة لكن يبدو أن هذه بداية نهاية عبد الجليل.

هذا ما كنت أقوله لنفسي بنبرة منخفضة وأنا اخرج من البناية نحو الشارع فأرى كل الأنواع البشرية المختلفة من حيث المميزات و العيوب و من حيث الأخلاق و الذنوب، لهذا توجب عليا أن اترك الايجو هذا المرة يقود الطريق بينما أسير في الشارع نالني في غابة متحضرة، ليس لدي القدرة على الدفاع عن نفسي فيها.

أسير بخطوات عادية و ثابتة بينما ادخن و عقلي يسرح بعيدا عن الواقع غير منتبه لما يحدث حولي أو انظر ماذا يوجد أمامي، كلّما أتذكره و سمعته هو تحذيرات و صياح بصوت عالي يودي أرجاء المكان.

انتبه.

احذر، هنالك حفرة أمامك.

للأسف خانتني سرعة الرد الذي امتاز بها، لان عقلي مشغول بما كانت تقوله كريستينا و قلبي حاصرته محتوى تلك الرسالة الخبيثة فسقط عبد الجليل في الحفرة لكي تنتهي حياته و تبدأ حياة أخرى، آنها بالمختصر المفيد بداية النهاية.

ماذا سيحدث ليا لان؟ لست مستعد للموت، من سينقذني من تلك الحفرة العميقة؟ كل هذا سيتضح لاحقا أما ألإن اترك لكن الأمر لكي تكتشفون ماذا يحدث مستقبلا.

______________________________________
(إذا أعجبكم القصة وأخبرني رأيكم في التعليقات، لأنني أول أمرة اكتب هذا النوع من الروايات فانا مختص في الروايات الفانتازيا)

وقعت في حب ملعونةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن