الفصل الثالث: اللقاء الأول

43 5 3
                                    

-بعد انتهاء المحاضرة الأخيرة، تحركتُ بسرعة متناهية لجمع كتبي ووضعها في حقيبتي. مستعدةً للرحيل فورًا، لم أرغب في أي تأخير يُمكن أن يحول عائقا بوصولي إلى المنزل. سارعتُ بخطوات خفيفة وسريعة، مُتجاهلة ثرثرة أماندا المعتادة، فأنا مشتاقةً للوحدة والهدوء بعد يومٍ طويل من الدروس. رغبتي الأكبر هي الوصول إلى سريري والاسترخاء بشكل لا يُضاهى، فالنوم بالنسبة لي ليس مجرد حاجة، بل هو حق مقدس أتمسك به بكل قوة.
تجاهلتُ أنظار الناس التي كانت تحدق بي، فأنا متعودةٌ على ذلك، استمرتُ في المشي وأنا أتخيل شكل سريري الدافئ الذي ينتظرني بكل حب. وعلى جانبي أماندا التي تثرثر بدون توقف انا حقا لا أبالي بما تقوله ، لا تهمني تلك أحاديث العابرة عن الشباب الوسيمين .
"أليس كذلك؟"، سألتني بحماس، لكني قررتُ تجاهلها ، ثم أكملتُ بنفس نبرة الحماس، ووضعت يدها على كتفي، "كارلوس أم جون، هيا اختاري، إنه سهل للغاية"، قالتها وهي تنظر إلي منتظرة ردي. حدقتُ بها ببلاهة، لم أسمع بهذين الاسمين من قبل في حياتي، وهذه المرة الأولى التي أسمع فيها عن هذا الاختيار الغريب.
"لا أريد أن أختار ، كلاهما خيار سيء"، قلتُ بكل سخرية، مُظهرة عدم اكتراثي .
. تنهدت أماندا بخيبة ، وربتت على كتفي بشكل مشفق مبالغ به، تعبر عن تعاطفها معي وعلى التعيس الحظ الذي سأتعايش معاه.
"سأختار كارلوس حتمًا، أنتِ لا تعرفينه أليس كذلك؟" قالتها بكل حماس ، وأنا أومأت لها بتأكيد، لذا تم سحبي او بالأصح لقد تم جرّي متجاهلة تمامًا توسلاتي لها بعدم ذهاب.
وصلنا إلى الكافيتريا على رغم من أنفي، مسكت يدي بقوة لمنعي من الهروب. بدأت عيناها تتجول في جميع أنحاء الغرفة، بحثًا عن ذلك المدعو كارلوس اللعين. وفجأة، قفزت بحماس وبدأت عيناها تتلألأ من الفرح، همست لي بحماس، "انه هناك، بجانب شقيقك إيفان".
دحرجتُ عيني بملل، لم أكن متحمسة لرؤية أي شخص يرتبط بشقيقي، لأنهم عادة ما يكونون مزعجين مثله. "أين هو؟ لا أراه"، قلتُ بصوت ممل دون أن ألتفت لأنظر إلى الجهة التي تشير إليها أماندا.
أمسكتُ برأسي بعدم الصبر ولفته نحوهم ببطء، وقعت عيناي عليه، "يا إلهي" خرجت من فمي تلقائيًا،
"إنه وسيم حقاً، كأنه خرج من لوحة مثالية،" قلتها بصوت هامس، وأنا ألاحظ وسامته اللافتة. "ذلك الشعر الأسود القصير وتلك الغمازة،" وقفتُ متأملة في جماله الساحر، "إنه شيء آخر بالفعل." ، ولكن سرعان ما تظاهرت باللامبالاة وقلت بسخرية : "هل هو السبب في دعوتي إلى هنا؟ إذا كان كذلك، فسأذهب الآن."
بالطبع، لم تهتم بما قلته، أو بالأحرى لم تنتبه ، فهي مغمضةً تماماً لكل شيء سوى ملامح كارلوس الجذابة. لذا، أخذت نفساً عميقًا وأسرعت بالشرود، داعيةً بداخلي أن تطيل بالنظر إليه.
ذلك الشعور بأنني مراقبة لم يتركني منذ تلك اللحظة، هناك شكوك في ذهني بخصوص ما إذا كان ذلك حقيقة أم مجرد وهم صنعُه عقلي.
لذا تجاهلت الشعور بالكامل، لكي لا ينتابني القلق أو الخوف،
بعثرت تفكيري بإدخال سماعة إلى أذني وتشغيل أغنية صاخبة تساعدني على التخلص من تلك الأفكار المزعجة.
وصلت أخيرًا إلى دراجتي التي كانت مركونة خارج الجامعة.
هرولتُ نحو دراجتي بخطوات متسارعة، متطلعة الى العودة الى المنزل ولكن شعرتُ بأن احدهم يتقدم بنحوي، تجاهلتُ هذا الشعور، اعتبرته أنه مجرد خيالٍ او انه مجُرد من تلك الأحاسيس التي اشعر بها.لم يكُن مجرد شعور للأسف
فجأة، في لحظةٍ مفاجئة، فقدتُ القدرة على رؤية أي شيء من حولي.
الظلام يلتهم كل شيء، "مالذي يحدث!؟"اندفعتُ إلى الأمام بخوفٍ ورعب، تساؤلاتٍ تعصف بعقلي، هل يتم اختطافي الآن؟ حاولتُ ان أصرخ، لكن قبل أن يفلت صوتي، يدُ غطت فمي بقوة، مانعًا ان اصدر صوت ، وسط هذا الظلام المرعب.
سمعت صوتًا يتمتم بكلمات غريبة لم أسمعها من قبل. أتلقفت تلك الكلمات بحيرة وعجب، لم تكن تلك الكلمات تترجم إلى معاني واضحة في عقلي. كرر تمتمة بتلك الكلمات مرات عديدة. فجأة، صمت العالم من حولي، أحسست بالدوار يلتف حول جسمي كالرياح الدوارة. الهواء بدأ يتناقص في رئتي، والجاذبية تبدو أثقل، كما لو أنني جذبت إلى مكان مظلم وغامض لا يمكنني التحكم به.
فتحت عيني ببطء،شعرتُ بثقل يضغط على جفني وجدت نفسي ملقاة على الأرض بلا وعي تقريبًا، حاولت بجدية استرجاع ماحدث لكن محاولاتي باءت بالفشل ،
لحظة أنا اتذكر هل انخطفت لتوي؟؟
شكرت جوليانا لإعطائي شعرًا كثيفًا، ،شعري المتشابك شكل حاجزًا مؤقتًا بيني وبين الخاطفين، مما أتاح لي الوقت لأنظر، لمحت ثلاثة أحذية غريبة من الطراز العتيق ، أحدهم واقفًا بينما الآخران يتحدثان عني ، بالرغم من غرابة الأحذية وتشويش شعري للرؤية، الا انه لم يكن من الصعب التنبؤ بأن إحداها كانت فتاة.
"لماذا لا تستيقظ ؟" قالها بضجر،
ليرد عليه صوت أنثوي
"أخبرتكم إنها من العاديون، أعتقد أننا أخطأنا"، حدقت بي بنظرة شك، كأنها تحاول فك لغزٍ معقد، ثم تابعت كلامها بنفاذ صبر، "الا تعتقدون أنها استغرقت وقتاً طويلاً للاستيقاظ؟"
رد الصوت الذي كان يحاورها سابقًا بنفس التردد، "هل نعيدها وحسب؟"، تسارع نبضات قلبي بانتظار الرد، ولكن الصمت الذي عم الغرفة أبقى كل شيء معلقًا في الهواء، حتى جاء صوت كان صامت طوال المحادثة بصوت حازم، "إنها إيفلين روتشيلد، المقصودة، لذا اخرسوا ".
" وانتِ كفاكِ تصنعا، أعلم أنكِ قمت منذ وقت طويل!" اندفعت كلماته بسخرية حادة كالسيف الذي يقطع الهواء، تحمل نبرة من الاستهزاء المرير والانزعاج . صوته يتلوى في الهواء بثقل غير مرغوب فيه، مثل موجة غضب لا تهدأ، تحمل وزن سنوات من الغضب والكره .
تبا تبا انه يتحدث معِي أغمضت عيني بسرعة ،محاولة ابتعاد عن الحلم المرير الذي يراودني الآن ، بدأت أشعر بنسمات هواء باردة تلامس بشرتي، "تبا، لقد بعد خصلات شعري "
فتحت عيني ببطء، متمنيةً أن أرى وجه شقيقي مبتسمًا كالأحمق ليزعجني ، أو ربما جوليانا توقظني للعشاء برقة وحنان. لكن لم أجد أيًا من ذلك.
_________________________________

-اخيرا ظهرت الشخصيات الاحب الى قلبي بظهور🤍🤍.
-مارايكم ؟
-توقعاتكم؟

  إيفادوكيا || ‏ Evadokia حيث تعيش القصص. اكتشف الآن