الفصل الأول

78 6 1
                                    

                رحلة الهروب

واهم من يعتقد أن الحياة تسير بوتيرةٍ واحدة وكأنها كسطح مياه راكدة لا يحركها ساكن، بل على العكس تمامًا فالحياة كالبحر الهائجة أمواجه تارة تتأثر بالمد والجزر وتارةً تعصف بمائهِ أقوى العواصف وأعتى الرياح ، ولكلٍ منا عاصفة هوجاء تضرب حياته شر ضربة، منا من تدمره عن بكرة أبيه، ومنا من ينجوا منها ويعود أقوى مما كان بماضيه.

كانت تجلس متوترة في المطار تراقب الوقت الذي أبى أن يرحمها ويمر سريعًا كي تغادر هذه البلد التي لم تذق فيها طعمًا للراحة منذ نعومة اظفارها، ولم يهنأ لها بالًا فيها.

كانت تهز قدميها بتأفف وهي تشاهد آخر شروق الشمس ستشرق عليها هنا من خلف زجاج المطار تطالع ساعة يدها كل دقيقة منتظرة سماع نداء رحلتها كي ترحل تاركةً خلفها فوضى عارمة قد تسببت بها غير أبهةً للعواقب التي ستخلفها هذه الفوضى.

شردت قليلًا فيما حدث معها خلال الثلاثة أشهر الماضية فلقد عانت فيه الأمرين وهي لم تعلم حتى الأن ما الذنب الذي ارتكبته لكل هذا؟، لتنتفض مرتعدة بعدما شعرت بيد أحدهم على احدى كتفيها، والتفتت وهي تحاول أن تتمالك نفسها  لترى من هذا الشخص  لتتفاجأ به يقف أمامها....

............

في إحدى الأحياء الراقية بالقاهرة.

استيقظ جميع من بالقصر على صوته وقد ارتعدت فرائصهم من صوته الغاضب الذي ينم عن حدوث أمر جلل يجهلونه جميعًا فلقد نسوا طعم الهدوء منذ ثلاثة أشهر بسبب خلافات نشبت بين صاحب القصر وابنته ولكنهم جميعًا يجهلون سبب هذه الخلافات.

وبسرعة البرق اصطف الخدم جنبًا إلى جنب وهو يتحرك أمامهم عاقدًا ذراعيه خلف ظهره منسدل من بين اصابعه ورقة تتأرجح يمينًا ويسارُا، والشرر يتطاير من عينيه يكاد لو طالهم أن يحرقهم جميعًا.

دخل احدى حراس القصر لاهثًا يحاول تنظيم أنفاسه ليتحدث بعدها بخوف قائلًا: ملهاش أي أثر يا علاء بيه وللأسف الكاميرات كلها مسجلتش لحظة خروجها من القصر، وعربيتها موجودة برة زي ما هي.

قبض علاء على الورقة التي كانت بين يديه بغضب شديد حتى ابيضت يده من شدة الغضب، واقترب من الحارس وهو يرمقه بنظرات غاضبة كادت أن تُذيبه أمامه كما يذوب الثلج أمام لهيب النيران وأمسكه من تلابيبه وجذبه إليه وتحدث قائلًا: تقلب لي مصر كلها على فيروز شغل ال GPS واعرف لي هي فين حالًا عن طريق موبيلها، اقلب الدنيا لحد ما تلاقيها وتجيبها لي تحت رجلي زي الكلبة أنت فاهم؟.

 حرره من قبضته بدفعة قوية كاد أن يسقط على أثرها لكنه سرعان ما تمالك قواه من جديد ليقف باعتدال أمامه وهو يومأ برأسه بالإجابة على سؤال علاء.

رواية الأوبسيديان(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن