الشعاع الثالث عشر 🌼

569 20 7
                                    

العراق.. بغداد

_إلى أين نذهب؟!
تسأله ناي بدهشة وقد اتخذت مجلسها جواره في سيارته التي ينطلق بها الآن إلياس بأقصى سرعة تسمح بها طرقات المدينة..
سرعة غريبة عن رصانته المعهودة في القيادة..
غريبة غرابة ملامحه الجامدة الأن وهو يكتفي بصمته لكنها تشعر أنه يكز على أسنانه كاتماَ غضبه فتهتف بقلق :
_ماذا بك؟! حدث شيء؟!

لاتصطدم حيرتها إلا بصمته فتدمع عيناها رغماَ عنها وهي تنكمش في مقعدها تتمتم :
_جدتي.. شقيقاي.. بخير؟!

يزداد انعقاد حاجبيه وهو يشعر بنبرتها تكوي صدره أكثر!
النبرة التي نطقت بها سؤالها وكأنها - مثله- عائلتها أول وآخر خطوطها الحمراء..
هل تتفق صورة كهذه مع ما يريدون منه تصديقه؟!

_ أرجوك أجبني.. قل إنهم بخير ولينطبق بعدها العالم فوق رأسي ولا أبالي.

تهتف بها بصوت متحشرج وقد بدت على وشك انهيار شهد مثيله من قبل..
فتلين ملامحه نوعاَ ما وإن بقي ساكتاَ مكتفياَ بهزة رأس حملت لها بعض السكينة..
لتهتف بعدها بانفعال:
_إذن ماذا يحدث؟!.. أنت اتصلت بي فجأة وطلبت مني أن أخرج من البيت إليك.. وجدتك تنتظرني في السيارة وهأنتذا تنطلق بهذه السرعة.. ولا أفهم ماذا يحدث!

_ستفهمين.

اقتضابه الحاد يخزها وهي تشعر بسور خفي يرتفع بينهما..
تفهّمه الحاني يختفي ربما لأول مرة منذ عرفته!
ماذا يحدث؟!

يبقى السؤال الأخير يكوي ضلوعها حتى تراه يتوقف فجأة بسيارته في مكان مهجور يبدو كمستودع قديم..
يطلب منها النزول من السيارة بنبرة آمرة جافة فتشعر بالمزيد من القلق لكنها تنفذ أمره..
تشعر بقبضته كقيد فولاذي حول معصمها وهو يكاد يجرها خلفه فتركض محاولة اللحاق بخطواته..
يتوقف بها أخيراَ أمام باب المستودع المغلق فيثبتها مكانها بحركة مفاجئة..
قبضتاه تعتصران كتفيها والغضب الهادر في عينيه يلفحها مكانها..

طبيعتها ذات العنفوان تكاد تدفعها للصراخ به أن يشرح لها ما يحدث..
لكنها تصطدم بهذه الطيف الشاحب في عينيه يبزغ رغم الغضب!
طيف من خوف!
خوف؟!
هو يخاف؟!
ممن.. وعلى من؟!
وللمفارقة تجده هو يسألها بنبرة حادة تمتزج بسخرية مرة:
_خائفة؟!
فيجري الجواب عفوياَ من قلبها لشفتيها :
_لا أخاف وأنا معك.

يهيأ إليها أن عبارتها أمطرت سيلاً على حرائق غضبه..
عيناه تبدوان وكأنهما كشافان مسلطان على روحها نفسها تستطلع أدق تفاصيلها..
وجنتاها تكادان تحترقان بخجل لا تدعيه وهي تستطرد بارتباك :
_أقصد.. أنني أعرف أنك لن تسمح أن يؤذيني أي شيء أو أي أحد.. أنا أمانة جدي لك وأنت تحترم هذا.

يزداد انعقاد حاجبيه وهو يهز رأسه بغموض لم تفهمه..
تراه يدفع الباب بقدمه بحركة غاضبة غريبة على أناقته المعهودة..
يتعمد الدخول قبلها ليقف قبالتها تماماَ يتفحص ملامحها وهي تدخل..
تستكشف الوضع بفضول..
براءة جاهلة ترتسم شديدة الوضوح على ملامحها وهي تتبين الرجل الواقف بين حارسي إلياس الشخصيين وقد بدا وكأنه فأر وقع في مصيدة!

على خد الفجر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن