العراق.. بغداد
_هي صديقتي.. سأذهب إليها..
تقولها ناي بصوت مهزوز وأناملها المرتجفة تكاد تذوب على مقبض باب السيارة..
فينعقد حاجبا إلياس بقلق وهو يراقب ملامح المرأة التي بدت له غاضبة متحفزة وهي تتوجه نحوهما..
يهم بالنزول معها من السيارة لكنها تهتف به برجاء :
_ابق أنت هنا.. لم أرها منذ زمن طويل.. لدي كلام معها..
ثم تلتوي شفتاها بابتسامة مصطنعة وهي تتكلم بسرعة مخافة أن يتطور الموقف :
_بل.. اذهب انت.. لا تعطل نفسك.. أنا سابقى معها قليلاً ثم أعود للبيت.لم تعطه فرصة الاعتراض وهي تغادر السيارة بسرعة..
تبادر المرأة التي تبدو نافرة منها بعناق قبل أن تهمس في أذنها بخوف:
_لا تقولي شيئاً.. دعينا نبتعد قليلاً.. أرجوكِ!يبدو الرفض على وجه المرأة التي دفعتها ببعض العنف..
لكنها تنظر لوجه إلياس الذي بدا لها قلقاَ..
القلق الذي زاد هيبته الفطرية خطورة يكاد يخزها بأثره فتمتثل لأمر ناي وهي تبتعد بها..
ولم تكد الأخيرة تشعر أنها في أمان عن إمكانية أن يسمعها إلياس حتى تهمس لها بانفعال وهي تحيط كتفيها بكفيها هي:
_انا سأشرح لك كل شيء.
لكن المراة تنفض كفيها عنها هاتفة بحدة:
_ماذا ستشرحين ؟! أنك خدعتني كما خدعتِ مظفر ؟!
تسبل ناي جفنيها بألم بينما ترجها المرأة رجاَ مردفة بالمزيد من الغضب:
_أي شيطانة أنتِ؟!!.. جعلتني أساعدك في تزوير التحاليل زاعمة أن زواجك من مظفر مسألة حياة او موت.. شعرت بالشفقة عليك فقلت نفعلها لأجلك.. لكن.. أين مظفر الآن ؟! في السجن! عرفت أنه قد تم سجنه.. وأين أنتِ ؟! تركتِه وتزوجتِ رجلاً لا يناسب سنك لأجل ماله!! أين ذهب الحب الذي كنتِ تتحدثين عنه؟! تخليتِ عن مظفر بعد كل ما كان بينكما؟! بعتِه لأجل من هو أفضل منه؟!!_أنتِ لا تفهمين.. أنا..
تهمس بها ناي بعجز وهي تشعر أنها مكبلة أكثر بقيود ماضيها وخطاياها..
لكن المرأة تهتف بها بانفعال:
_بل أفهمك.. أفهمك جيداَ.. تجيدين خداع الجميع حتى تصلي لهدفك.. في البداية كان هدفك مظفر حتى وجدتِ من هو أفضل منه.. لكن.. تعرفين ما أكثر ما يثير حنقي؟! أنني طردت من عملي بسببك!تشهق ناي بارتياع فتغطي شفتيها بكفها بينما تردف المرأة بانفعال ضائق:
_طردوني بعدما اكتشفوا صدفة أنني زورت تحاليلك عامدة.. ولازلت من يومها أجوب الشوارع من الصباح للمساء أبحث عن عمل كي أكفل عائلتي.. تعرفين كم كان هذا العمل مهماَ لي؟! تعرفين ماذا تعني لي عائلتي؟! من أكلم أنا؟!! واحدة مثلك لا تعرف معنى كل هذا.. لا تعرف سوى الاستغلال والكذب كي تصل لما تريد._آسفة.. آسفة..
تقولها ناي بندم حقيقي ودموعها تغرق وجهها.. فتهتف المرأة وهي تشير بعينيها نحو مكان سيارة إلياس هناك :
_أراهن أنك تخدعينه هو الآخر! الكذاب لا يشبع من أكاذيبه.. لكنني أدعو الله بحق حرقة قلبي الذي ساعدك بنية طيبة أن يذيقك شر ما فعلته.. أن يكتشف هو حقيقتك فلا يطيق النظر في وجهك.. أنت لا تستحقين أي خير.