الشعاع الخامس والعشرون 🌼

1.9K 47 9
                                        

العراق.. البصرة

_إلياس!

تهتف بها ناي مع شهقتها المنفعلة وهي تصحو من نومها على هذا الكابوس..
تبسط كفها على صدرها وهي تردد بعض آيات القرآن حتى تشعر ببعض السكينة فتتلفت حولها..
لم يستيقظ الصغار على صوتها لحسن الحظ!

ترمقهم بنظرة حانية وهي تغادر فراشها الصغير لتتوجه نحو فراشهم المجاور فترفع عليهم أغطيتهم..
ثلاثة أقمار يليقون أن يكونوا أحفاد العم فياض!

تتنهد بحرارة وهي تستقيم في وقفتها لتتوجه نحو النافذة التي تطل على فناء البيت..
بيت بسيط في إحدى قرى البصرة حيث يقيم أبناء العم فياض بعائلتهم.. فياض الذي أرسلها إلى هنا منذ قررت الهروب من بغداد..
من حياتها السابقة كلها!

ابتسامة ممتنة تتوج ثغرها وهي تتذكر كيف أصر العجوز أن يرسلها إلى هنا عندما رأى حالتها يومها..

لم تقل ساعتها سوى (أريد مكاناَ أختفي فيه!)
فلم يسألها عن السبب!

ربما لأن الرجل الحكيم الذي شهد على طول صراخها فوق الجبل لسنوات قد أدرك حينها معنى أن تصير عاجزة حتى عن الصرخات..
أرسلها هنا حيث تبقى آمنة في كنف عائلة أولاده..
هنا حيث لا يعرفها أحد يمكنها أن تلقي حملها الثقيل وتستريح.. ولو قليلاً!

اليوم كان الابن الأكبر لعم فياض وزوجته في زيارة قصيرة لبغداد فطلبت منهما أن يصطحباها معهما..
كانت تريد فقط ان تطمئن جدتها بمكالمة هاتفية دون أن يتعقبها أحد!
افتقدتهم!
افتقدتهم جميعاَ!
لكن شعور الخزي داخلها الآن كان أكبر من كل شيء!
ليس الخزي فقط.. بل اليأس!

هي أحرقت سفنها كاملة ولم يكن بوسعها أن تقف لتراقب الرماد!

(إلياس) .. و (اليأس)

هل هي مصادفة أن تتشابه الكلمتان إلى هذا الحد؟!
أن يكون اسمه الحبيب بنفس حروف الشعور المنطقي الوحيد الذي يمكن أن يضع النهاية لقصتهما؟!

كيف تنسى؟!
كيف تنسى شعورها بين ذراعيه في تلك الليلة التي اعترفت لها فيها بعشقها؟!
كيف تنسى؟!
كيف تنسى اسمها الذي انساب كالسحر من بين شفتيه وهو يبثها عاطفته كأروع ما يكون؟!
كيف تنسى؟!
كيف تنسى هذه النظرة في عينيه وهي تتلون في لحظات بمنتهى الفوضوية..
بين فرحة واستنكار وغضب؟!
وكيف تنسى اتهامه الشنيع لها بعدها بأنها تلفق طهارتها والذي جعلها تكاد توقن أنها كانت تتوهم هذا كله؟!!

ربما لهذا لم تندم على هروبها..
هي بالكاد تتحمل وزر نفسها هنا..
لن تحتمل أن يتأذى بسببها أحدهم من جديد!
هنا ستنشئ حياة سرية جديدة تعمل فيها خلف الشاشات باسم مستعار..
مجال مهنتها يمنحها فرصة كهذه..!
ربما هذا هو المصير العادل الذي تستحقه بعد كل خطايا ماضيها..
أن تختفي.. تختفي كأن لم تكن أبداَ!

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Sep 17, 2024 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

على خد الفجر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن