23 «تـوسـلات يـائـسـة»

111 27 87
                                    

<ℭ𝔥𝔞𝔭𝔱𝔢𝔯 23>

بِــسْــــــمِ الــلَّــهِ الــرحــمٰــن الـرَّحِــيــم

.
.
.

<الـسـبـت 16 يـنـايـر, 06:30 AM>

بعد ست ساعات من مقتله ها هو يُدفن تحت الثرى وفي وقت دفن والدته قبل خمس عشرة سنة، دقيقةً، ساعةً، يومًا وشهرًا، يوم السادس عشر من شهر يناير الساعة السادسة صباحًا وثلاثون دقيقة، وأمام أعين أخويه الجافة تمامًا من كثرة الدموع: سأنتقم لكل دمعة سقطت...مهما كلف ذلك حياتي...

كلمات أخيه قبل خمس عشرة سنة التي سمعها ألبيرتو وسط انهياره التام، والآن مدركًا كل كلمة تفوه بها، متخيلًا ذلك المشهد الذي تكرر دون نسيان ما يحتويه من تفاصيل، الدفن الثاني الذي كان لوالدته بعد والده وها هو أخيه الأكبر يلحق بهم.

حضرت بعض من مناصب الشرطة ومن بينهم أنجيلا وبعد مغادرة الجميع لم يتبقَ سوى ثلاثة فقط، أنطونيو، ألبيرتو وأنجيلا، فتح ألبيرتو ثغره ليتحدث بهدوء: لمَ المجيء أيتها الشرطية...لقد مات أمام عيناكِ ودمائه على ملابسك شاهدة على ذلك ولا حاجة للتأكد بأنه تحت التراب.

نظرت له بأعين حمراء يائسة ثم مسحت دموعها وغادرت المكان تاركةً خلفها الاثنين صامتين دون حديث، فلقد تبخرت الكلمات والحزن قد دُفن داخل قلوبهم.

عادوا للمنزل بعد فترة طويلة يمل منها الواقف أما هذان الاثنان فمشاعرهما المهيمنة ليست سوى الحزن واليأس من تلك الحياة، كيف لا وجزء منهم قد صعد للسماء.

جلسا على الأريكة بإرهاق وهنا طغى البكاء على ألبيرتو والدمع مستهل من جفنيه بكثرة مما جعل أخاه يجلس بجانبه؛ لمواساته بالرغم من أنه من الداخل لا يقل حزنًا عنه.

وبعد مدة وجدا ورقة -تبدو كرسالة- في الغرفة السرية فتحها أنطونيو ليقرأ ما كُتب فيها وبخط أخيه روبيرتو...

ألبيرتو، أنطونيو، أحبكم من أعماق قلبي، لقد وصتني والدتنا قبل وفاتها بأن أعتني بكما ولكن أعتذر علما فعلته، لقد اخترت الموت بإرادتي، لا تحزنا فقد أبعدت جميع الشبهات بكما والآن عيشا حياتكما كأي أحد طبيعي، ستكون صعبة ولكن من أجلي، روبيرتو...

الرسالة جعلت الدموع تسيل بكثرة ولكن تصرف ألبيرتو المفاجئ جعل من أنطونيو يركض خلفه بعدما ذهب الآخر مسرعًا للطابق العلوي، أغلق الباب عليه داخل غرفته ولم يترك المجال لأخيه للدخول...

: ألبيرتو أفتح الباب...لو سمحت أخي! أفتح وإلا كسرته...أرجوك!

ومع توسلات كثيرة ومحاولات لفتح الباب دون جدوى، أخيرًا سمع صوته بعد مدة من انتظاره: أنطونيو دعني...أعتذر أخي، أنا آسف.

النسر الأسودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن